نشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا للكاتب باتريك كوكبيرن، يعلق فيه على منع مسلمي دول إسلامية من دخول أمريكا، مشيرا إلى أنه يصب في صالح الجهاديين.
ويقول الكاتب إن "الجهاديين ليسوا أغبياء، ويعرفون أنه دون وجود عمليات تستفز الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب لاضطهاد المسلمين فإنه سيواصل أعماله وستضعف قوتهم، وهم يريدون إثبات أن أمريكا تعمل ضد المسلمين".
ويضيف كوكبيرن في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، أن "قرار ترامب التنفيذي لن يجعل أمريكا آمنة من الإرهاب الداخلي أو الخارجي؛ لأن هدف تنظيم
القاعدة وتنظيم الدولة هو استفزاز الغرب لرد فعل ضد التجمعات الإسلامية في الدول الغربية، والقيام بردود فعل ضده، وعندما يحدث الاضطهاد يزداد التعاطف مع السلفيين الجهاديين بين مسلمي العالم".
ويشير الكاتب إلى أن "إدارة ترامب بررت فعلها بأنها لا تقوم باتباع دروس هجمات 11/ 9، وتدمير برجي التجارة، لكنها تعلمت بالضبط الدرس الخطأ؛ فالنجاح الكبير لمحمد عطا والمجموعة المكونة من 18 انتحاريا لم يحدث في اليوم الذي قتل فيه حوالي 3 آلاف أمريكي، لكن عندما قرر الرئيس جورج دبليو بوش شن حروب في أفغانستان والعراق".
ويجد كوكبيرن أن "تنظيم القاعدة والجماعات المنتمية له لم تكن سوى منظمات صغيرة، وبعدد قليل من الأتباع يتوزعون على جنوب شرق أفغانستان وشمال غرب باكستان، لكن الفضل يعود لبوش وقراره الكارثي في مرحلة ما بعد 11/ 9، حيث أصبح لديها عشرات الآلاف من المقاتلين ومليارات الدولارات وخلايا في عدد كبير من الدول، ولم تفشل حروب مثل (الحرب على الإرهاب)، فالناشطون التابعون لتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة صاروا يستلهمون عملياتهم من الشيطنة الغربية للإسلام، ومن الناحية العملية فإن التجاوزات لأجهزة مكافحة الإرهاب، مثل التعذيب والترحيل القسري، هي التي كانت العنصر المجند للحركات السلفية الجهادية".
ويلفت الكاتب إلى أن "إدارة ترامب تقوم بإرسال رسالة لتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة أنها تستفز بطريقة تقودها إلى أعمال مجنونة وذات آأثار سلبية، من خلال اضطهاد المسلمين بشكل عام، وعدد من تأثر بالسياسات هذه لا يزال قليلا، وهم آخر من يفكر بالقيام بعمليات إرهابية، إلا أن الأثر السياسي بعيد المدى، فقادة السلفية الجهادية، وإن كانوا وحوشا من ناحية القسوة والتعصب، إلا أنهم ليسوا أغبياء، وسيرون أن ترامب سيرد بحماس منقطع النظير في حال تم استفزازه بعمل إرهابي، بعض التفجيرات والقتل الموجه ضد الأمريكيين سيقود إلى اضطهاد المسلمين".
ويعلق كوكبيرن قائلا: "مثل بقية قادة المنظمات الأخرى، يتساءل قادة
تنظيم الدولة عن حالة الاضطراب عند ترامب، وربما كان قرار المنع محاولة لطمأنة الناخبين أنه أوفي بتعهداته أثناء الحملة الانتخابية، إلا أن الديماغوغيين عادة ما يكونوا صورة عن خطابهم، وسيتم تقديم أفعال وكلام ترامب على أنه إعلان حرب طائفية من ترامب على المسلمين في أنحاء العالم كله، ومن خلال مواصلة تنظيم الدولة أعماله الإرهابية فإنه سيزيد من الانقسام داخل المجتمع الأمريكي".
وينوه الكاتب إلى أن "بوش استهدف في رده على هجمات 11/ 9 نظام صدام حسين، رغم عدم وجود صلة بين نظام القائد العراقي والهجمات، فمعظم المهاجمين كانوا من السعودية، ومدبر الهجمات كان زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وهو سعودي الأصل".
ويعلق كوكبيرن قائلا إن "استهداف الإدارة الأمريكية دولا لا يوجد احتمال خطر إرهابي منها يحدث في عام 2017، تماما كما حصل في عام 2001، فرغم الإشارة في القرار التنفيذي إلى هجمات أيلول/ سبتمبر، إلا أن أيا من الدول التي شارك أبناؤها في الهجمات، السعودية ومصر والإمارات العربية ولبنان، تواجه قيودا على دخول رعاياها إلى الولايات المتحدة".
ويخلص الكاتب إلى القول إن "تنظيم الدولة يواجه منذ نصره الكبير عام 2014، وسيطرته على الموصل ومناطق واسعة في العراق وسوريا، حروبا على أطراف متعددة ومن أعداء كثر، وخسر الكثير مما أنجزه في الماضي، إلا أن قرار ترامب، الذي يغذي الحرب الطائفية بين المسلمين وغير المسلمين، يجعل من مستقبل الجهاديين براقا أكثر مما يتخيلونه".