تساءلت صحيفة "نيويورك تايمز" في قراءة لمستقبل العلاقات العربية
الإسرائيلية، عن إمكانية حدوث تقارب بين إسرائيل والدول العربية.
وتقول الصحيفة: "لا توجد علاقات رسمية بين إسرائيل والسعودية، ولم يعترف السعوديون أبدا بدولة إسرائيل، إلا أن هناك أدلة ليس إلى تحسن في العلاقات فقط، بل تطورها سرا خلال السنوات الماضية، وإمكانية تطورها نحو تحالف واضح؛ بسبب عدم ثقة الطرفين بإيران"، مشيرة إلى أن علاقات جيدة بين الجيران قد تضع الشرق الأوسط الذي يعيش الفوضى على مسار إيجابي.
وجاءت قراءة الصحيفة، التي ترجمتها "
عربي21"، تعليقا على زيارة وفد سعودي بقيادة الجنرال السعودي المتقاعد أنور عشقي إلى القدس الشهر الماضي، وعقد الوفد جلسة محادثات مع المسؤول البارز في وزارة الخارجية الإسرائيلي دوري غولد، لافتة إلى أن اللقاء كان مثيرا للانتباه وتم الإعلان عنه، وبدأ الجنرال عشقي وغولد اتصالاتهما السرية في عام 2014، وظهر علنا في العام الماضي في مناسبة عقدت في واشنطن.
وتلفت الصحيفة إلى أن "إسرائيل والسعودية واجهتا بعضهما في حرب 1973، والآن وبعد عقود من العداء يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو التحاور مع أعداء بلده، وفي الوقت ذاته ومنذ وصوله إلى السلطة قبل 18 شهرا، كشف الملك ونجله نائب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن استعداد مثير للدهشة لاتخاذ مواقف في السياسة الخارجية محفوفة بالمخاطر".
وتذكر الصحيفة أن "السعوديين والإسرائيليين لديهم الأسباب التي تدفعهم للعمل معا، فهم يشتركون بكراهية
إيران، وتخشى إسرائيل والسعودية من الفوضى في المنطقة، وكلاهما حانق على الولايات المتحدة بشأن توقيع الاتفاق النووي مع إيران وسياسات أخرى تتعلق بالموقف الأمريكي من الحرب في سوريا".
وتكشف "نيويورك تايمز" عن أن السعوديين والإسرائيليين يتعاونون سرا، ومنذ مدة ليست بالقصيرة في قضايا الأمن والاستخبارات، مشيرة إلى أن "نتنياهو الخائف من توسع المقاطعة الدولية لإسرائيل يحاول توسيع دائرة الدول التي تعترف بدولته، واستثمار العلاقات الاقتصادية بينه والدول العربية، وقام بإصلاح العلاقات مع تركيا وقوى الصلات مع أفريقيا".
وتعلق الصحيفة قائلة إنه "من الصعب معرفة الطرف الذي تتحدث معه أو من خلاله العائلة المالكة، وهناك البعض ممن لا يتعامل بجدية مع الجنرال عشقي بصفته محاورا جادا عن الحكومة، إلا أن زيارته للقدس، التي ضمت مقابلات مع أعضاء في الكنيست، تشير إلى انفتاح سعودي جديد، يهدف إلى فحص طبيعة رد الرأي العام في كلا البلدين على اتصالات كهذه، وبدأت
السعودية حملة إعلامية في المملكة لتحضير الرأي العام لعلاقات جيدة مع إسرائيل".
وتنوه الصحيفة إلى أن الإسرائيليين والسعوديين قابلوا بعضهم في السنوات القليلة الماضية أثناء لقاءات أكاديمية ومنابر لمناقشة السياسات، بالإضافة إلى أن إسرائيل فتحت قنوات اتصال مع السعودية، وكذلك
الإمارات العربية المتحدة، وتعد هذه القنوات (حقيقية ومهمة) بحسب مدير برنامج الولايات المتحدة/ الشرق الأوسط دانيال ليفي".
وتورد الصحيفة أن "مصر تقوم هي الأخرى ببناء علاقات دافئة مع إسرائيل، فقبل أسبوع من زيارة الوفد السعودي قام وزير الخارجية المصري سامح شكري بأول زيارة لوزير خارجية مصري إلى إسرائيل منذ تسعة أعوام، ورغم توقيع اتفاقية سلام بين البلدين منذ عام 1979، إلا أن العلاقة بينهما لم تكن دافئة أبدا، ومع ذلك فقد تحسنت العلاقات منذ وصول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى السلطة عام 2014، ما أدى إلى تعاون أكبر ضد حركة حماس في غزة".
وتتساءل الصحيفة قائلة: "أين يترك الفلسطينيون هذا كله؟ فقد جاءت زيارة الوفدين السعودي والمصري بذريعة تحسين فرص السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وتحدث الجنرال عشقي عن إحياء مبادرة السلام، التي تقدمت بها السعودية في عام 2002، والتي وعدت بتطبيع العلاقات مع دول الجامعة العربية، كجزء من صفقة لإنهاء النزاع مع الفلسطينيين".
وتعلق الصحيفة قائلة إنه "لسوء الحظ، لا الفلسطينيون ولا الإسرائيليون أظهروا اهتماما جديا في المحادثات، وهناك أسباب للشك في كون الفلسطينيين هم مركز اهتمام الدول العربية، حيث أكد نتنياهو أهمية تحسين العلاقات مع الدول العربية أولا، مجادلا بأن إسرائيل عندها ستكون في وضع جيد لعقد سلام مع الفلسطينيين لاحقا".
وتختم "نيويورك تايمز" قراءتها بالقول: "بالطبع، فإن علاقات متطورة بين إسرائيل وجيرانها العرب لن تمنع من صفقة سلام مع الفلسطينيين، لكن الخطر هو اكتفاء هذه الدول بإصلاح العلاقات مع بعضها، تاركة الظلم الفلسطيني ومصدر التوتر الإقليمي ومنذ عقود للتفاقم".