مقالات مختارة

الإرهابي الذي تخرج من مدرسة كاثوليكية!

1300x600
لم يعد اتهام المناهج المدرسية بأنها المصدر الأساس للتطرف والإرهاب مقنعا، فكثير من المتطرفين والإرهابيين لم يدرسوا المناهج الدينية، وفيهم أطباء ومهندسون وصيادلة، كما أن الفقر ليس بالضرورة دافعا لاعتناق التطرف والإرهاب، بدليل أن كثيرا من المتطرفين هجروا أسرا ثرية، وتركوا وظائف رفيعة، بل إن كثيرا من قادة المنظمات الإرهابية ولدوا وفي أفواههم ملاعق من ذهب!

أيضا لم تعد حجة بيئة الكراهية و الإقصاء تقنع أحدا، فكثير من الإرهابيين جاءوا من مجتمعات الغرب المنفتحة والمتحررة، ودرسوا في مدارسها، وتشربوا مناهجها التعليمية، بل إن أحد منفذي تفجيرات بروكسل الأخيرة تخرج من مدرسة كاثوليكية!

إذن ما زال العالم لا يفهم مشكلة الإرهاب؛ لأنه يصر على حصرها في إطار محدد، ولا ينظر إليها من خارج الصندوق الذي صنعه بنفسه، وربما المسألة لا تحتاج إلى نقد إسلامي ذاتي -كما يطالب الغرب- بقدر ما يحتاج الغرب نفسه إلى ممارسة هذا النقد الذاتي ليتعرف على العوامل التي أسهمت في تغذية الإرهاب!

الواقع، حتى نهاية السبعينات الميلادية كانت معظم الأعمال الإرهابية تحمل شعارات وهويات ثورية قومية و يسارية، لكن الهوية الإرهابية الدينية ولدت فعليا مع ولادة الثورة الخمينية بهويتها الراديكالية وصبغتها الدينية، ما أنشأ بيئة حاضنة للتطرف والتكفير بدأ بجماعات الجهاد في مصر، ثم حزب الله في لبنان، والقاعدة في أفغانستان، وأخيرا داعش والحشد في العراق!

وكان لافتا عندما تمت المواجهة الأمنية في نهاية القرن الماضي أن يجد رموز التكفير والتشدد في الغرب، خاصة بريطانيا، ملاذا آمنا يمارسون منه تحريضهم على التكفير والقتل باسم حرية التعبير، ولم تكترث الحكومات الغربية لنصائح وتحذيرات زعماء عرب من إيواء التكفيريين، وأن النار التي يشعلونها في المجتمعات العربية ستمس طرف الثوب الغربي ذات يوم!

كان الغرب يتفرج على الإرهاب وهو يضرب في الرياض والقاهرة وبغداد والكويت والبحرين وبيروت وعمان وتونس وكراتشي وكابول وعدن (طهران العنوان الوحيد الذي لم يستدل عليه الإرهاب)، وينظر إليها على أنها بضاعة محلية، حتى جاءت تفجيرات باريس وبروكسل، لتثبت أن بعض البضائع ترد لأصحابها أحيانا!

الخلاصة، الإرهاب ليس صناعة دينية، وإن ألبس ثياب الدين، والمناهج التعليمية لا يمكن أن تكون مصدره الأساس، وإلا لكنا جميعا إرهابيين، فتشوا عمن حرث الأرض وبذرها وسقاها وقطف ثمارها!

عن صحيفة عكاظ السعودية