مدونات

تريده رجلا

امرأة زوجة
أسمعها جيدا فقلبها يخفق نحو كل شيء لكنه يتذبذب لتزداد خفقاته عند ذكره.. الزواج، فارس الأحلام، البيت، الأطفال، الأسرة كلها تعنيها وإن باتت غير مكترثة بهم جميعا، لكن بريق العيون يكشف المستور..

يحتدم النقاش عندما تبدأ تلك المقارنة الغوغائية بين حلم راودها ولازال، وحلم راودها ولازال..

تبدو معقده الأمور لديها، فبين الفطرة والحلم قرار بات للجميع فيه يد، وهي الفتاة الطموحة المجتهدة المثابرة التي تحسن اقتناص الفرص واستثمارها، إلا تلك الفرصة التي كلما اقتربت ازدادت بعدا..

أتستسلم للواقع وتبقى تتقمص دور فتاة هشة، أقصى أمانيها "الأسرة"، ثوب أبيض، فارس ودود وطفل جميل، يااااااه وهل أصبحنا في زمن تحولت فيه الفطرة التي هي من حقي إلى أمنية..!!

قد يبدو سؤالي ساذج لكن إجابتي هي نعم، حديثي بصوتك عله يصل إلى المسامع و أولهم مسمعك أنت يا صديقتي..

في مقارنة بسيطة بين نهمي في الازدياد في طلب العلم والشهادات العليا، أو ارتقائي في السلم الوظيفي المصاحب لاجتهادي، أو العمل التطوعي وزيادة دائرة المعارف لدي، أو نجاحي في عملي الخاص، حتى شخصيتي القيادية، القوية، المؤثرة، الشجاعة.. هذه في كفة و حاجتي كأنثى لكتف زوج حاني في كفة أخرى..

أسترق السمع من حولي فإذا بذلك الشاب أو تلك الأم في محاولة مستمرة للبحث عن الفتاة الأجمل، بعيدا عن تفاصيل الجمال ومعايره التي تكاد تصبح تقاس بالدرجات والنسب، يريدها جميلة، ذكية، فهمانة، عاقلة، شاطرة بالمطبخ والطعام، وبيتوتية (أي تحب البيت والقعدة فيه)، مضحك الشرط الأخير، حسنا سأخبركم عن ذلك الزميل في العمل الذي أقرأ عيناه جيدا فهو يحترمني ويريدني تلك الأنثى القوية، المجتهدة، القيادية، المؤثرة، صاحبة القرارات الجريئة، الملتزمة بعملها والمحبة له، يحترمني إلى كل الحدود إلا ذلك الحد الذي قد يجعلني ضمن اختياراته كزوجة، و السبب قد يكون تلك الرهبة التي تعتلي بعض الرجال من المرأة الناجحة، ربما هي الخشية أن تتقمص ذات الأنثى نفس الأدوار في العمل والبيت، أو هي عقلية الرجل الشرقي الذي يرى قوامته في مضمار السباق مع المرأة التي يختارها زوجة، فهو يفضل الزوجة التي يسبقها بأميال في كل شيء..

حتى لا يظنني البعض مجحفة في حق الرجال، سأنتقل إلى الزاوية الأخرى حيث الأهل الأم والأخوات من ينصبون أنفسهن لجنة تحكيم لتلك الفتاة، فعبارات كثيرة يتداولونها على مسمع ذلك الشاب، "شو بدك بوجعة الراس، بكرة بتصير هي الزلمة في البيت"، "هاي حتشوف حالها بوظيفتها"، "خليك على قدك وخود وحدة أقل منك تتحكم إنت فيها مو هي إلي تحكمك" "خدها صغيرة وربيها على إيديك"..

كلها يخزنها الرجل حتى لو كان على درجة من الوعي والثقافة الكافية التي تعطيه مجال من التفكير لأبعد من تلك الحدود، لكنه حتما سيتأثر بما يغرد المغردون من حولة، وبعضهم قراره مناصفة بينه وبين أهله..

إحداهن تقول لي: صفاء أنا معايري اختلفت عن قبل لقد اقتربت من عقدي الثالث، تنازلت عن شروط كثيرة كانت عائق في موافقتي على عرسان كثر طرقوا الباب، لكن شروطي الآن بسيطة و لا أجد من يطرق الباب ظننا منهم أنني بما وصلت إليه أريد مواصفات عالية ولا أرضى بالأقل، لكنني صدقاُ لا أريد سوى رجل يحتويني..

وأخرى أنهت الماجستير وتطمح للدكتوراه، لكن الوالد والوالدة دوماً يرددون عليها "أنت بدك تقطعي نصيبك بإيدك.."

ولازالت عبارة صديقتي تتردد في أذني وهي تقول :"أريد أن أكون كما أنا أنثى قوية وأريده أن يحميني كطفلة "
 
قد تختلف المعاير من فتاة لأخرى ومن شاب لأخر، لكني أؤمن أن الحياة أقدار لنا يد في صناعتها، لك صديقتي أقول: اعلمي جيدا أن حاجتك للزواج توازي حاجتك للنجاح، وأنت الأقدر على قياس تلك النقطة التي تقفي فيها لإعادة ترتيب أولوياتك، ولمعرفة أي المعاير أولى كل في حينة، وتذكري أن الزواج رزق نستجلبه بالدعاء، وللرجال أقول كما قالت حكمت بسيسو: "لا تخشى الارتباط بامرأة قوية، فقد يأتي يوم تكون هي جيشك الوحيد و محاميك المتفرد وسندك النوعي".