وصف رئيس تحرير الأهرام السابق،
عبد الناصر سلامة، تخصيص رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي موقعا إلكترونيا خاصا برئاسة
الجمهورية، لتلقي شكاوى المواطنين، بأنه "فنكوش جديد".
جاء ذلك في مقاله بجريدة "
المصري اليوم"، السبت، تحت عنوان: "استغاثة".
وفي المقال قال سلامة: "تزايدت في الآونة الأخيرة بالصحف، في شكل إعلانات، ظاهرة الاستغاثات من الظلم، أو البيروقراطية، أو الاضطهاد، إلا أنها جميعا تصب في شكوى صاحب الإعلان من سياسة وقف الحال، لدى قيامه بإنهاء إجراءات ما، وبالتأكيد لو أن ثمن نشر الإعلان كان متوفرا لعامة الشعب، لارتفع عدد صفحات أي صحيفة إلى ما يزيد على المائة صفحة".
وأضاف: "هذه القضية تكشف عمق الأزمة التي يعيشها المواطن داخل وطنه، وفي علاقته بالجهاز الإداري للدولة، وإلى أي مدى وصلت المعاناة، وهي أحيانا تتعلق بغباء وظيفي، وأحيانا أخرى بترهل، وأحيانا ثالثة بالضمير.. الغالبية العظمى تسعى إلى إنهاء أعمالها بسلاسة أيا كانت التكلفة المادية، إلا أن الغريب هو ارتفاع قيمة هذه وتلك إلى الحد الذي لا يتصوره عقل".
واستطرد: "قد تجد الاستغاثة آذانا صاغية لدى مسؤول كبير، فتتجه الجهود إلى حل الأزمة، إلا أن أحدا لم يشغل نفسه بعقاب ذلك المتسبب فيها، أو ذلك الذي رفض حلها منذ البداية.. كم من الأزمات اتجه أصحابها إلى أجهزة الرقابة، إلا أن النتيجة كانت تعثر المعاملة أكثر، "خليهم ينفعوك"، هكذا اعتاد المصريون، مجموعة صغيرة من الحيتان، والبقية من اللمم".
وتابع: "لن يلجأ هذا أو ذاك إلى الشكوى العلنية بهذه الطريقة إلا بعد أن يكون قد طرق كل الأبواب، النتيجة ملايين الشكاوى، دون جدوى، من ثَمَّ كان الاتجاه إلى هذه الطريقة اليائسة طريقة "أغيثونا"، ماذا لو لم تؤت هي الأخرى ثمارها، يبقى "موت وخراب ديار"، حتى ثمن الإعلان ضاع هدرا، لن يُحرك ذلك ساكنا لدى المسؤولين، "أراح واستراح"، على حد قوله.
وأردف: "لو نتذكر ما يقارب السبعين مليار جنيه التي تم جمعها من أجل تفريعة القناة، سوف نتذكر أيضا أن نحو 20% فقط من هذا المبلغ، هو الذي تم سحبه من البنوك، أي أن الجزء الأعظم جاء من تحت البلاطة، كان مكتنزا في البيوت، البيروقراطية لعبت الدور الأكبر في ذلك، وعدم وجود محفزات على الاستثمار كان سببا آخر، ناهيك عن الأموال التي خرجت من البلاد لهذين السببين، وأسباب أخرى تتعلق بعدم الأمان".
وتابع: "مطلوب من الآن، تفعيل مكاتب خدمة المواطنين بالوزارات، بعد أن تحولت إلى كم مهمل لا يغني ولا يسمن من جوع، مكاتب الشكاوى، العلاقات العامة، الشؤون القانونية، إلى غير ذلك من محاور الاهتمام بالمواطن، والحد من معاناته اليومية على أبواب الموظفين البيروقراطيين والكسالى، أو حتى عديمي الذمة، وهو الأمر الذي من شأنه رفع الروح المعنوية للمواطنين، بدلا من حالة النقمة والسخط التي يعيشونها طوال الوقت، مما أثر على كفاءتهم العملية وإنتاجياتهم، وهو ما ألقى بظلاله أيضا على الحياة الاجتماعية لهذا، وذاك".
والأمر هكذا، خلص سلامة إلى أن موقعا إلكترونيا خاصا برئاسة الجمهورية تم الإعلان عنه قبل أشهر عدة لتلقي شكاوى المواطنين.. كثيرون ممن تعاملوا مع الموضوع بمأخذ الجد لجأوا إليه، إلا أن النتيجة كانت صادمة، "فنكوش" جديد، قد يكون الموضوع حسن نية من البداية، وقد يكون نتيجة تسرع دون إدراك لحجم المنتظر من الشكاوى، وقد يكون ترهلا هو الآخر، إلا أننا أمام قضية شعب بأكمله يعاني.
لجأ إلى الإستغاثات، بحثا عمن يحنو عليه"، على حد قوله.