نشرت صحيفة لاكروا الفرنسية تقريرا حول قرار اتخذته حكومة
ميانمار (بورما)، يقضي بفرض فترة راحة بثلاث سنوت بين عملية
الإنجاب والأخرى، في المناطق التي ترتفع فيها نسب الولادات، وهو ما أثار غضب نساء
الروهينغا، اللواتي رأين أن هذا القرار الغريب يهدف بشكل واضح إلى خفض أعداد
المسلمين، وهو صادر تحت ضغوط من الرهبان البوذيين.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن السلطات في ميانمار أعلنت أن الأزواج الذين ينجبون طفلا، سيكون عليهم انتظار ثلاث سنوات على الأقل قبل إنجاب طفل آخر، وأن هذا القرار يسري فقط في "المناطق التي تشهد ارتفاعا في عدد الولادات"، وهو قرار قوبل برفض شديد من قبل النساء المسلمات.
ونقلت الصحيفة عن رحيمة، البالغة من العمر 38 سنة، رفضها القاطع لتدخل الحكومة في شؤونها العائلية، حيث تؤمن هذه السيدة التي تعيش في قرية تاكايبين من مقاطعة أراكان، "بأن الله وحده يقرر عدد الأطفال الذين ستنجبهم". وتقول هذه السيدة التي أنجبت تسعة أطفال: "إذا احترمنا هذا القانون ستكون قد شاركنا في الجريمة".
وذكرت الصحيفة أن "قانون تحديد النسل"، وقعه عليه رئيس ميانمار في 23 أيار/ مايو الماضي، وهو يسمح للسلطات المحلية بالتدخل لإعطاء تعليمات تجبر النساء على عدم إنجاب الأطفال لفترة معينة، لا تقل عن ثلاث سنوات، دون أن يوضح القانون نوع العقوبات التي يواجهها من لا يتقيد بهذه التعليمات.
وأضافت أن هذا القانون يندرج ضمن حزمة من أربع قوانين، تهدف لحماية الديانة البوذية والعرق البرماني. وقد تمت الموافقة عليه بسبب النفوذ الكبير الذي يحظى به الرهبان المتطرفون، الذين يريدون تعطيل النمو الديمغرافي للأقلية المسلمة، التي يرون أنها تمثل تهديدا لهم.
وذكرت الصحيفة أن حوالي مليون من المسلمين الروهينغا يعيشون في مقاطعة أراكان، الواقعة في غرب البلاد، منهم 150 ألفا يعيشون في مخيمات بعد أن تم تهجيرهم على أثر أحداث العنف التي انطلقت منذ سنة 2012، على يد سكان أراكان البوذيين.
وأشارت إلى أن أغلب السكان الروهينغا أصبحوا يعتمدون كليا على المساعدات الإنسانية ليواصلوا العيش، بعد أن فقدوا الثقة كليا في السلطات الرسمية.
ونقلت عن أمير علي، وهو أب لثمانية أطفال، قوله: "نحن لا نقبل قرارات هذه الحكومة، نحن نقبل فقط حكم الله".
وقالت الصحيفة إن عددا من النساء عبرن عن قبولهن بفكرة تنظيم إنجاب الأطفال عبر تناول حبوب منع الحمل، ولكنهن يرفضن أن يتم ذلك تحت ضغط الحكومة وتدخلاتها في شؤون المسلمين. ونقلت عن رحيمة أنها تستعمل هذه الحبوب منذ سنة، لأن الحياة أصبحت صعبة ويجب تنظيم هذا الأمر للاهتمام بالأطفال الصغار، ولكنها تخشى أن تمنعها السلطات من إعادة إنجاب الأطفال عندما ترغب في ذلك.
في المقابل، نقلت الصحيفة عن ربيزة، وهي امرأة مسلمة تم تهجيرها من قريتها الأصلية، أنها تتلقى حقنة لمنع الحمل كل ثلاثة أشهر. هي تقول: "أنا خائفة من الله، إذا سألني لماذا قمت بذلك سأخبره بأن لدي أطفالا كثيرين وأعباء الحياة ثقيلة، ولكن لا أدري إن كان الله سيغفر لي".
كما أشارت الصحيفة إلى أن قرار الحكومة أثار مخاوف كبيرة لدى السكان المسلمين، لأنه لم يترافق مع حملات توعوية، أو برامج للنهوض الاجتماعي، ونشر التعليم وتحسين مستوى عيشهم، وهو ما يعني أن السلطات تريد فقط تقليص عددهم وليس تحسين أوضاعهم.
فأطفال قرية تاكيبين وبقية القرى المسلمة في إقليم أراكان؛ لا تتوفر لهم فرصة الذهاب للمدارس العامة والحصول على التعليم المجاني الذي توفره الدولة في بقية المناطق، لأن الروهينغا لا يسمح لهم بالخروج من المخيمات والقرى التي يعيشون فيها، ولذلك لجأوا إلى تنظيم دروس في مدرسة تم إنشاؤها بشكل مؤقت، رغم أن ذلك لا يضمن للأطفال تعليما جيدا.
من جهة أخرى، أشارت الصحيفة إلى أن الناشطة المعروفة أونغ سان سوكي، التي يفترض أنها حاصلة على جائزة نوبل للسلام عن دفاعها عن حقوق الإنسان في ميانمار، إلتزمت الصمت بشكل غريب فيما يتعلق بمعاناة الروهينغا. وحتى خلال لقاءاتها مع وسائل الإعلام العالمية، أصبحت هذه الناشطة تتحاشى التطرق لهذا الموضوع، حيث رفضت خلال الأسبوع الماضي، أثناء لقاء مع صحيفة "واشنطن بوست"، الإجابة عن سؤال متعلق بحصول الروهينغا على أبسط حق لهم، وهو الحصول على الجنسية الميانمارية.
واعتبرت الصحيفة أن هذا الموقف السلبي يعود إلى تفكير هذه الناشطة المعروفة في الانتخابات القادمة، التي ستجري في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، ولذلك فهي لا تريد إغضاب الرهبان المتطرفين والناخبين البوذيين، ولو كان ذلك على حساب المبادئ التي تدعي أنها كرست حياتها للدفاع عنها.