صحافة دولية

فورين بوليسي: هل سيقنع أوباما قادة الخليج في كامب ديفيد؟

فورين بوليسي: صفقات الأسلحة والضمانات الأمنية هي جزء من مهمة أوباما ولكنها ليست كافية - أ ف ب
كتب كل من شون بريمبلي وإلان غولدينبرغ ونيكولاس هيراس في مجلة "فورين بوليسي"، عن اللقاء المرتقب بين الرئيس باراك أوباما وقادة دول الخليج، الذين سيغيب معظمهم وسيكتفون بإرسال مندوبين عنهم، فيما سيحضر أمير كل من دولة قطر والكويت. 

وجاء في التقرير، الذي اطلعت عليه "عربي21"، أن الرئيس أوباما سيلتقي مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي في كامب ديفيد – ميرلاند، والهدف من هذا اللقاء واضح، وهو: تأكيد أمريكا لشركائها الشرق أوسطيين أنها لا تزال ملتزمة بأمنهم. ولكن القمة لم تبدأ بداية جيدة، حيث لن يحضر سوى رئيسي دولتين، فيما أعلن الملك سلمان بن عبد العزيز في اللحظة الأخيرة أنه لن يحضر القمة.

وتقول المجلة إنه بحسب تقارير، فإن إدارة أوباما تحضر للتخفيف من حدة شكوك ومخاوف الدول الخليجية، حول اتفاق مرتقب مع إيران بشأن ملفها النووي، من خلال التركيز على عدد من الملفات الأمنية وصفقات أسلحة بالمليارات مع دول الخليج. 

ويبين الكتاب أن صفقات الأسلحة والضمانات الأمنية هي جزء من المعادلة، ولكنها ليست كافية. ويجدون أن الطريقة الوحيدة لوقف الطموحات الإيرانية في المنطقة هي تبني نهج شامل لمواجهة التأثير الإيراني في المنطقة.

ويشير التقرير إلى أن ما تخشاه دول المنطقة في مرحلة ما بعد الاتفاق هو قيام الولايات المتحدة بتوقيع صفقة مع إيران لتقسيم المنطقة، والتخلي عن شركائها من الدول العربية. وكانت السعودية هي الأكثر من بين الدول العربية التي عبرت عن موقفها بوضوح من أن الولايات المتحدة ليست مهتمة إلا بتوقيع اتفاقية مع إيران، إلى درجة تجعلها تتسامح مع النفوذ الإيراني غير المحدود في المنطقة. 

وتوضح المجلة أن الطموحات النووية الإيرانية بالنسبة للكثيرين مرتبطة بشكل كبير مع السياسة العدوانية التي تمارسها، من خلال وكلائها وحرسها الثوري، الذي يقدم الدعم لحزب الله والمليشيات العراقية والحوثيين في اليمن وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية من بين عدد من الجماعات.

ويلفت التقرير إلى أنه لغاية الآن فإن حلفاء الولايات المتحدة لديهم سجل ضعيف في الرد على طموحات إيران التوسعية، وحتى الآن اتسم موقف دول الخليج بنوع من رد الفعل وتفضيل جماعات بعينها على أخرى داخل المعارضة السورية، فقد واجهت الحرس الثوري الإيراني بدعم جماعات إسلامية متشددة، وهو ما لا يساعد على تحقيق الاستقرار في المنطقة.

ويرى الكتاب أن إدارة أوباما بحاجة إلى أكثر من صفقات الأسلحة لإقناع دول الخليج بأن إيران ليست في حالة زحف في منطقة الشرق الأوسط. 

وتكشف المجلة عن أن دول الخليج تفوقت عام 2014 على إيران بنسبة 7-1 من ناحية الاستثمار في السلاح. وقد استثمرت 1137 مليار دولار، مقارنة بـ 157 مليار دولار هي مقدار استثمارات إيران. وقد باعت الولايات المتحدة حلفاءها من دول الخليج معدات عسكرية متقدمة مثل "إف-15" و"إف-16"، وأنفقت الرياض وحدها 80 مليار دولار على الأنظمة الدفاعية في عام 2014. وتعزز دفاع السعودية، من خلال حصولها على مقاتلات "إف-15"، التي تعد من أكثر الطائرات قدرة على التجسس وجمع المعلومات، كما وتعززت الدفاعات الصاروخية السعودية بدرجة تجعلها قادرة على مواجهة إيران. ورغم هذا كله فإن مظاهر القلق في أعلى مستوياتها. 

ويفيد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، بأن هناك ما يمكن أن يقدمه أوباما لتخفيف حدة المخاوف، وهو أن يبدأ بالتركيز على القضايا التي تؤثر فيها إيران مثل سوريا، فلو بدأ الرئيس وفريقه في كامب ديفيد بالتركيز على ما تراه دول الخليج أولوية لها، بدلا من الحديث عن الملف النووي، فإنه سيعطي قادة الخليج فكرة مفادها أن الولايات المتحدة تستمع إليهم وتقدر مخاوفهم.

ويجد الكتاب أنه في إطار الجهود المأمولة من الولايات المتحدة، قيامها بحظر السلاح لإيران، وزيادة من التعاون الأمني، وممارسة سياسة أكثر شدة في تتبع دعم إيران للإرهاب، وإيجاد طرق لفضح العملاء الإيرانيين، وإحراج إيران عندما تنتهج سياسة زعزعة الاستقرار غير المسؤولة في الشرق الأوسط.

وتذكر المجلة أن الولايات المتحدة بدأت خطوات لزيادة التعاون الأمني مع السعودية، وقدمت معلومات لها في الحملة ضد الحوثيين، وزادت من حضورها البحري في المياه الإقليمية اليمنية وبحر العرب. 

ويحث التقرير إدارة أوباما أن تزيد من جهود تدريب وإعداد دول الخليج؛ كي تكون قادرة على مواجهة إيران. ويعتقد الكتاب أن الأردن يمثل نموذجا عن كيفية بناء القدرات ومواجهة الجهاديين من تنظيم الدولة في العراق والشام. وسيقوم الأردنيون بتدريب الحرس الوطني في العراق، وتدريب أبناء العشائر في شرق سوريا لقتال تنظيم الدولة. 

ويقترح الكتاب أن تقوم الولايات المتحدة بتبديد مخاوف شركائها في الخليج، بطمأنتهم بأنها لن تتخلى عن المنطقة، من خلال تعزيز وجودها العسكري في المنطقة، ويجب على أوباما أن يخبر قادة الخليج أن الـ 40 ألف جندي أمريكي والأسطول البحري لن يغادروا المنطقة، بل سيتم تعزيز وجودهم. هذا كله لا يعني عدم زيادة بيع السلاح لدول الخليج، ويجب أن يكون ذلك شاملا للقدرات المؤهلة التي تجعل الحلفاء العرب أكثر قدرة على مواجهة التحدي الإيراني غير التقليدي.

وتختم "فورين بوليسي" تقريرها بالإشارة إلى أنه ربما لن يكون أوباما قادرا على تخفيف مخاوف دول الخليج في مرحلة ما بعد الاتفاق النووي، فقلقهم حول الخطر الفارسي سيظل قائما، وشكهم في نوايا الرئيس سيستمر، وهو ما سيعقد علاقة الولايات المتحدة معهم. ولكن إن قام أوباما بتطبيق استراتيجية حاسمة، عندها يمكن تسليم الأمر لخلفه كي يصلح علاقات أمريكا مع دول الخليج، فقد تكون تلك هي البداية.