سياسة عربية

جدل أردني حول المشاركة في "عاصفة الحزم" ومهمات أمنية أخرى

عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني - أرشيفية
خلفت المشاركة الأردنية في "عاصفة الحزم" جدلا كبيرا على الساحة السياسية الأردنية حول "ضرورة ومبررات مشاركة الأردن في الغارات الجوية" على أهداف تبعد آلاف الكيلو مترات عن المملكة.
 
فلم يكد الشارع الأردني يمتص مشاركة طائرات أردنية بقصف مواقع خارج حدود الأردن حتى استيقظ الأردنيون على خبر يوم الخميس الماضي وزع تحت اسم "مصدر رسمي" يفيد بمشاركة الأردن في قصف أهداف للحوثيين.
 
مشاركة فاجأت حتى أعضاء مخضرمين في مجلس النواب الأردني، حيث أكد عدد منهم لمواقع إخبارية محلية أنهم "تفاجأوا بمشاركة الأردن"، بينما تحول عنصر المفاجأة لدى المعارضين للغارات فرصة لإحياء مقولة "ليست حربنا" التي برزت احتجاجا على مشاركة قوات أردنية في أفغانستان وفي أحداث البحرين إبان الربيع العربي.
 
رئيس مركز هوية للدراسات الاستراتيجية (مقره عمان) محمد الحسيني لم يتفاجأ بمشاركة الأردن بالغارات على مواقع الحوثيين، وبرر ذلك "بأن ما يحدث هو جزء من معركة عض الأصابع في الإقليم وهو مرتبط بما يجري في العراق وسوريا وموضوع التنافس الخليجي- الإيراني- التركي- الإسرائيلي للسيادة على منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي تم تغليف هذا الصراع بشكل طائفي لضمان التحشيد".
 
لماذا شاركت الأردن في عمليات ضد الحوثيين في اليمين؟ يجيب الحسيني في حديث لـ"عربي21"  "أن المشاركة الرمزية للأردن بـ 6 طائرات تأتي بعد شعور المملكة بتراجع حماس دول الخليج للمشاركة في الحلف ضد داعش مقابل ارتفاع حماسها لمواجهة إيران، لذا قرر الأردن الدخول بمواجهة غير مباشرة مع إيران لضمان استمرارية دول الخليج في الحلف ضد الإرهاب، إضافة إلى ذلك أن الأردن يقف في محور واضح هو المحور الخليجي المصري وهذا التحالف عليه واجبات وله مزايا بحسابات الدولة الأردنية".
 
وعلى الطرف الآخر سارعت شخصيات قومية تدعم النظام السوري في الأردن للتنديد بالغارات واصفة إياها "بالعدوان". وأصدرت لائحة "القومي العربي" بيانا صحفيا قالت فيه إن "العدوان الذي تعرض له اليمن يعتبر تدخلا مرفوضا".
 
وحذر قوميون من ما أسموه "اللعب بالنار، معتبرين الغارات لا تهدد اليمن فحسب، بل تهدد السعودية نفسها والخليج العربي وكل المنطقة التي باتت تشتعل على فوهة بركان طائفي متى انفجر فلن يبقي ولن يذر".
 
وتعد هذه العملية العسكرية الثانية التي يشارك فيها الأردن بالمنطقة خلال ستة أشهر، بعد مشاركته بالضربات الجوية للتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة، الأمر الذي أثار جدلا حول المكاسب التي قد يحققها أو الخسائر التي قد تنعكس عليه على مختلف الأصعدة.
 
وشهدت الأحداث السياسية في الأردن تسارعا كبيرا الأسبوع الماضي بشكل مفاجئ، إذ سبق مشاركة الأردن بغارات عاصفة الحزم مؤتمر صحفي للناطق باسم الحكومة الأردنية وزير الإعلام محمد المومني، أعلن فيه رسميا إقامة معسكرات تدريب لعشائر سورية لمواجهة "التنظيمات الإرهابية داخل سوريا" دون تحديد تفاصيل، لينخرط الأردن أكثر في الأحداث التي تجري بالمنطقة بعد أن وقف في المنطقة الرمادية مدة طويلة.
 
أبو المجد الزعبي عضو الهيئة السورية للإعلام – المنطقة الجنوبية يرحب في حديث لـ"عربي21" بنية الأردن تدريب عشائر سورية معتبرا إياها "ضمن المساعدة الدولية المقدمة للشعب السوري، وخطوة تهدف لضمان عدم تجنيد قيادات العشائر لصالح التنظيمات المتشددة التي استغلت جهل بعض العشائر في سوريا والعراق".
 
وتوقع الزعبي أن "يشمل التدريب أكبر عدد من العشائر في حال كان التمويل المخصص لذلك كبيرا، أما إذا كان التمويل محدودا فسيقتصر ذلك على العشائر في المناطق الساخنة التي تتواجد فيها التنظيمات المتشددة".
 
"التورط الأردني في الشأن السوري" يثير أحزابا أردنية معارضة، ويطرح إعلان الحكومة تدريب عشائر سورية على القتال أسئلة لدى عدد منها.

 الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية (يساري) د. سعيد ذياب رأى في موقف الأردن "ضبابية وعدم وضوح" متسائلا "كيف ستوائم الحكومة الأردنية بين ادعائها بأنها تسعى لحل سلمي للأزمة السورية وبنفس الوقت تقوم بتدريب المعارضة؟".
 
وقال ذياب لـ"عربي21" إن "هذا الموقف فيه نوع من التناقض ولا يخدم الأردن ويقود إلى تورط أردني في المسألة السورية بشكل أكبر مما هو حاصل الآن؛ فالتدريب يعني دفع الناس إلى المزيد للقتال وليس تسهيلا في البحث عن حلول".
 
ورأى أن إعلان تدريب العشائر "هو إقرب للغطاء وغير دقيق"، وطرح ذياب عددا من الأسئلة، التي كان منها ما هي العشائر؟ وأين وكيف ستحضر؟ ومن ستقاتل؟ مطالبا الحكومة بإعادة النظر بهذا القرار كونه  "يضع الأردن في مواجهة الشقيق السوري".
 
إلا أن وزير الإعلام الناطق باسم الحكومة الأردنية محمد المومني قال في مؤتمره الصحفي إن الهدف من التدريب يأتي في "سياق الحرب على الإرهاب، انطلاقا من أن التحالف الدولي المؤلف من أكثر من 60 دولة أقر أبعادا معينة للحرب، منها: عسكري عملياتي، وأمني، وأيديولوجي".
 
المشاركة الأردنية العسكرية في الخارج سواء في أفغانستان أو البحرين أو سوريا والعراق دفعت ناشطين أردنيين للطلب من الحكومة مكاشفة الشارع والرأي العام حول الدور العسكري والأمني الذي تلعبه المملكة في بعض مناطق العالم، بعد أن كشفت حوادث عرضية دورا أمنيا للأردن في بعض المناطق كانت نفت الحكومة أن يكون لها يد فيها مرارا.
 
فقد كشف انفجار قاعدة خوست في أفغانستان الذي نفذه العميل المزدوج همام البلوي عام 2009 وجود دور أمني أردني هناك بعد مقتل ضابط أردني يرتبط بصلة دم مع الأسرة الحاكمة ويدعى النقيب علي بن زيد، بينما كشفت إصابة جنود أردنيين من جهاز الدرك بحادث سير في البحرين ما حاولت الحكومة إخفاءه لأشهر.
 
وطالبت عشرات الشخصيات الأردنية عبر بيان حمل عنوان "ليست حربنا" بوقف ما قالوا إنه "توريط المؤسسات الوطنية الأردنية في أعمال ومهمات خارجة عن الدستور الأردني".