مقالات مختارة

قراءة في نتائج انتخابات الصحفيين

1300x600
في مرات كثيرة، كانت نتائج انتخابات نقابة الصحفيين، مؤشراً على مزاج الشعب المصري، انطلاقا من أن الصحفيين يعكسون إلى حد ما، رأي غالبية المصريين.

انتخابات النقابة الأخيرة، بدأت إجراءاتها في العاشرة من صباح الجمعة، وظلت نتيجة الأعضاء معلقة حتى الثانية والنصف من فجر أمس، السبت.

النتيجة كانت مفاجأة للعديد من المتابعين، وبعضهم يرى أنها ترسل إشارات مهمة لكل من يهمه الأمر، خصوصاً للحكومة وللنخبة.

كنت موجوداً في النقابة من بعد صلاة الجمعة وحتى الثانية فجراً، وسجلت الملاحظات الآتية:

أولاً: هناك تطور مهم، وهو زيادة ملحوظة في نسبة الشباب الصحفيين، الذين حضروا الجمعية العمومية أو الذين صوتوا، وهؤلاء أدوا دوراً مهماً في إنجاح اثنين من الزملاء، أولهما محمود كامل من «الأخبار»

والثاني أبوالسعود محمد من «المصري اليوم». وأعتقد أن هذا العامل سيكون أكثر تأثيراً في الدورات المقبلة.

ثانياً: لايزال للمؤسسات الكبرى دور مهم في العملية الانتخابية، خصوصاً المؤسسات القومية الثلاث، فالجمهورية حشدت جيداً لإنجاح إبراهيم أبوكيلة، والأخبار أنجحت محمود كامل، إضافة لخالد ميري الذي سجل أعلى الأصوات.

ومعه حاتم زكريا الذي فاز بالقرعة بعد أن تساوت أصواته مع أصوات هشام يونس. أما الأهرام فقد نجح منها محمد شبانة الذى أدى الصحفيون الرياضيون دوراً بارزاً في تحقيقه لنتيجة طيبة منذ بداية الفرز، إضافة إلى خروج هشام يونس بالقرعة.

معنى ذلك أن خمسة من الأعضاء الناجحين ينتمون إلى المؤسسات القومية، مقابل زميل واحد للصحف المستقلة.

ثالثاً: ثبت أن كل ما تداوله الزملاء في حملاتهم أو تنبأ به من يعتقدون أنهم "خبراء في العملية الانتخابية"، غير صحيح أو غير دقيق. فحملات الفيس بوك وتويتر لم تستطع التأثير في العملية الانتخابية إلا بنسبة ضئيلة، في حين أن الوسائل التقليدية مثل التربيطات بين المؤسسات، أو التصويت الجهوي لأبناء الصعيد مثلاً، لايزال لها تأثير كبير. كما أن الشائعات وحملات التشويه الإلكترونية لم يكن لها تأثير كبير، والدليل أن من طالتهم هذه الشائعات نجحوا أو سجلوا نتائج طيبة، ونافسوا بقوة حتى اللحظة الأخيرة.

رابعاً: عندما ظهرت نتيجة الأعضاء فجراً، تحدث كثيرون عن أن هناك تنسيقاً حقيقياً حدث بين القوى التقليدية القديمة المعادية لكل محاولات تسييس النقابة، وأن هذا التنسيق استطاع إنجاح الأعضاء المحسوبين على تيار الخدمات والمرتبط أكثر بالحكومة.

خامساً: للمرة الأولى منذ سنوات طويلة، لايدخل مجلس النقابة أي عضو محسوب على الإخوان، خصوصاً بعد تفضيل الكاتب الصحفي محمد عبدالقدوس عدم الترشح، وهو الذي كان يفوز بصورة آلية في كل الانتخابات، وكان كثيرون ينتخبونه ليس باعتباره إخوانياً في المقام الأول، ولكن لخلقه الطيب وعلاقته الممتازة مع الجميع.

سادساً وأخيراً: الفارق الواسع في الأصوات التي حصل عليها يحيى قلاش "1984" صوتاً مقابل "1079" صوتاً لضياء رشوان، تقول إن الرغبة في التغيير لدى الصحفيين كانت عارمة فيما يتعلق بمنصب النقيب، خلافاً لتوقعات كثيرين ثبت أنهم لم يقرأوا المشهد جيداً، وأن مزاج الصحفيين المصريين تغير كثيراً بالمقارنة بعامين مضيا، وأن ما يريده الصحفيون المصريون الآن هو تشريعات تحافظ على حرية التعبير واستقلالية النقابة وكرامة الصحفيين. هم يريدون ــ كما كتبت قبل أسبوعين ــ نقابة لاتتصادم مع الحكومة، لكنها لاتقترب منها أيضاً.

شكراً للنقيب السابق الصديق ضياء رشوان على كل ما بذله من جهد، وخالص التهنئة للزملاء الأعضاء الجدد، وللنقيب الفائز الصديق يحيى قلاش، وكان الله في عونه، خصوصاً أن المجلس الجديد لايبدو متناغماً منذ اللحظة الأولى.



(نقلاً عن صحيفة الشروق المصرية)