ملفات وتقارير

ذكرى شهداء غزة تنكأ جراح أمهاتهم

أم علي: كنت أخشى فقد ولدي فقدر الله أن يستشهد ووالده معا - عربي21
من بين أحياء قطاع غزة المدمرة، ورغم انقشاع غيمة العدوان الأخير، ما زالت رائحة الألم تفوح من بيوت ساكنيها، وتسمع أنين قلوبهم على فراق من غادروهم شهداء بفعل آلة الحرب الإسرائيلية، التي طالت كل شيء خلال حرب استمرت 51 يوماً.

في حي الشجاعية شرق مدينة غزة؛ كانت السيدة بهيرة العكلوك "أم أحمد" (51 عاماً)، تنظر إلى صورة ولدها الشهيد إسماعيل العكلوك (25 عاماً) المعلقة على جدران المنزل، فتارة تبتسم، وأخرى تتلألأ محاجرها بالدموع.

وتقول أم أحمد لـ"عربي21" إن ملامح وجه ولدها إسماعيل لا تكاد تفارقها، فهو حاضر بدعائها، وبوجه طفلته "تالا" التي رزق بها بعد (40) يوماً من استشهاد نجلها بتاريخ 26 تموز/ يوليو 2014.
    
وأضافت بمداد الألم الممزوج بالحنين: "حقق إسماعيل أمنيته العظيمة بالشهادة، لكنه ترك في قلبي ألماً كبيراً بفراق جسده".

أفتقد ابتسامة "النحلة"

وتحاول والدة الشهيد إسماعيل أن تعوّض فراقه بتنفيذ وصيته لها بالاعتناء بصغيرته تالا، تقول: "قبل استشهاده بوقت قصير أوصاني بها، وأعطاني مبلغاً من المال لأشتري لها الملابس وكل ما تحتاجه في شهورها الأولى".

وتذكر أم أحمد كيف كان أصدقاء الشهيد يلقبونه بـ"النحلة" لنشاطه الدؤوب في مساعدة الآخرين وتلبية طلباتهم والإحسان إليهم، وهي اليوم تفتقد خطواته السباقة لصلاة الفجر في المسجد، وابتسامته التي لم تغادر وجهه حتى وهو مسجى في الكفن بعد الاستشهاد، مشيرة إلى أنه "كان خفيف الظل، جميل المحيا والخلق، سخر حياته للعمل والجهاد".

وقبل استشهاده بأيام قليلة؛ أصر إسماعيل على تأدية كافة ديونه إلى أصحابها، وحينما سألته والدته عن ذلك؛ أجابها: "يمكن أستشهد"، تقول ودمع العين يسبقها: "كأنه شعر بدنو أجله، وأراد أن يخلع عن كاهله ثقل الدين".

ودعت زوجها وابنها

وتتعاظم مشاعر الألم والفقدان لدى وفاء مشتهى "أم علي" (42 عاماً)، حيث ودعت زوجها محمد السكافي (52 عاماً)، وابنها الأكبر علي (27 عاماً) شهيدين فيما عرف بـ"مجزرة آل السكافي" في حي الشجاعية بتاريخ 20 تموز/ يوليو 2014.

وقالت أم علي لـ"عربي21": "كنت أنتظرهما على مائدة الإفطار في شهر رمضان، لكنهما حضرا شهيدين محملَين على الأكتاف".

وأضافت: "كنت أناجي الله تعالى أن لا يختبر صبري بفقدان ولدي علي، فهو مهجة قلبي، ولكن إرادة الله تعالى قضت بفقدان زوجي وابني معاً".

وعن مشاعرها عند إبلاغها بخبر الاستشهاد؛ بينت أنها لم تملك سوى أن تصبر وتحتسب، وقالت: "كانا بمثابة النبض لقلبي، والروح لجسدي، ولكن قدر الله وما شاء فعل".

وما زالت أم علي تذكر أسعد أوقاتٍ قضتها برفقة زوجها، حيث قالت: "قبل شهر فقط من استشهاده؛ زرنا مكة والمدينة، وأدينا مناسك العمرة، فكانت رحلة إيمانية رائعة"، مبينة أن زوجها وعدها بالعودة مجدداً لأداء فريضة الحج، "لكن الله اصطفاه شهيداً".

وختمت: "سأذهب مجدداً إلى بيت الله الحرام؛ لأدعو لعلي ووالده كثيراً".