بورتريه

بورتريه: توكل كرمان ترفض الجلوس في مقاعد المتفرجين

كرمان حصلت على جائزة نوبل للسلام - عربي21
تعود أصولها إلى محافظة تعز في اليمن الجنوبي، لكن روايات صحافية يمنية تؤكد أن أصولها تعود إلى قبيلة حاشد صاحبة النفوذ السياسي في اليمن.

وثمة رواية ثالثة تقول إن أصولها تركية وفقا لوزير الخارجية التركي داود أوغلو الذي قال، إنه "يفخر بأن سيدة قدمت عائلتها من الأناضول، كانت من أوائل من حملوا مشعل الحرية والديمقراطية في العالم العربي". ويقال إن أصولها تعود إلى ولاية كرمان التركية.

هي مباشرة وصريحة، إلى حد يبدو للكثيرين أنها عدائية، رغم أنها تعلن دائما أنها "وفية لقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والتسامح".

كانت في طليعة المحتجين الذين طالبوا بإسقاط نظام علي عبدالله صالح في مرحلة مبكرة من الانطلاقة الحقيقة لـ"الربيع العربي"، وكان ذلك عام 2007، في مقال نشرته صحيفة "الثوري" وموقع "مأرب برس" دعت فيه إلى إسقاط النظام اليمني بشكل صريح.

هي عضو مجلس شورى حزب "التجمع اليمني للإصلاح اللقاء المشترك" - الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين باليمن - الذي يمثل تيار المعارضة. 

مناهضة  لانتهاكات حقوق الإنسان والفساد المالي والإداري، ومطالبة بالإصلاحات السياسية في اليمن، وكذلك بعملية الإصلاح والتجديد الديني.

هي سادس شخصية عربية تفوز بجائزة نوبل، بعد أنور السادات والروائي نجيب محفوظ وعالم الفيزياء أحمد زويل ومحمد البرادعي والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.  

توكل عبد السلام كرمان المولودة في عام 1979 في محافظة تعز، هي ابنة السياسي والقانوني عبد السلام خالد كرمان القيادي "الإخواني" ووزير الشؤون القانونية الأسبق وعضو مجلس الشورى اليمني. 

نزحت أسرتها مبكرا إلى صنعاء تبعا لعمل والدها، حيث إنها درست هناك، وحصلت على بكالوريوس التجارة عام 1999 من جامعة العلوم والتكنولوجيا في صنعاء، كما أنها حصلت على الماجستير في العلوم السياسية، ونالت دبلوم تربية من جامعة صنعاء، ودبلوم صحافة استقصائية من الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى الدكتوراه الفخرية من جامعة ألبرتا بكندا.

أسست في عام 2005 منظمة "صحافيات من دون قيود". 

قادت العديد من الاعتصامات والتظاهرات السلمية في ساحة أطلقت عليها مع مجموعة من نشطاء حقوق الإنسان في اليمن اسم "ساحة الحرية"، التي أضحت مكانا يجتمع فيه عديد من الصحفيين ونشطاء المجتمع المدني والسياسيين، إلى جانب كثيرين ممن لديهم مطالب وقضايا حقوقية بشكل أسبوعي.

قادت أكثر من 80 اعتصاما ما بين عامي 2009 و2010، للمطالبة بإيقاف المحكمة الاستثنائية المتخصصة بالصحفيين، وضد إيقاف الصحف، وشاركت في العديد من المهرجانات الجماهيرية في الجنوب المنددة بالفساد، كما أنها أعدت العديد من أوراق العمل في عديد من الندوات والمؤتمرات داخل اليمن وخارجه حول: حقوق المرأة، وحرية التعبير، وحق الحصول على المعلومة، ومكافحة الفساد، وتعزيز الحكم الرشيد.

استوحت مفاهيم وخطوات الثورة التونسية ومن بعدها الثورة المصرية، ودعت إلى يوم غضب لإسقاط النظام، اعتقلت على أثره في كانون الثاني/ يناير عام 2011 وهي عائدة إلى منزلها. ومن ثم تم إيداعها سجن النساء، بتهم إقامة تجمعات ومسيرات غير مرخصة والتحريض على ارتكاب أعمال فوضى وشغب وتقويض السلم الاجتماعي العام.

أفرجت السلطات عنها بعدما أثار القبض عليها موجة احتجاجات جديدة في صنعاء. ولم يضعف السجن من إرادتها، إذ إنها بعد خروجها من السجن استمرت في تنظيم المظاهرات المنادية بإسقاط نظام صالح، الذي سقط بناء على المبادرة الخليجية عام 2012. 

تتهم صالح "بأنه مهندس الخراب، فلم يتوقف يوما عن إثارة المشكلات في وجه النظام السياسي الجديد في اليمن" الذي بدأ مع تسلم الرئيس عبدربه منصور هادي رئاسة الجمهورية بعد إسقاط صالح.

"صالح جذّر الموبقات في اليمن"، هكذا تقول: "فكل ما فعله خلال ثلاثة عقود من حكمه هو خلق وصناعة الإشكالات والمعضلات التي من شأنها أن تعيق أي تغيير في اليمن، وتم خلق تلك المعضلات ومصادرها وآلية توالدها بطريقة شيطانية، تجعل من فرص نجاح أي ثورة على نظامه العائلي الجهوي قليلة للغاية أو مرهونة بدفع كلفة باهظة للتغيير".

مواقفها السياسية الواضحة والشجاعة من قبل امرأة عربية في مجتمع قبلي محافظ، دفعت بالقائمين على  جائزة نوبل للسلام إلى منحها جائزة نوبل للسلام عام 2011 بالتقاسم مع إلين جونسون سيرليف وليما غبوي من ليبيريا لـ"نضالهمن السلمي لحماية المرأة وحقها في المشاركة في صنع السلام".

صراحتها جلبت عليها غضب الإعلام الرسمي المصري المقرب من الحكومة والجيش بعد أن هاجمت الانقلاب العسكري في مصر الذي أسقط أول رئيس منتحب في مصر، واتهمت بأن مواقفها من مصر نابعة من انتمائها لـ"الإخوان". توكل تنفي ذلك وتؤكد أن علاقتها بـ"الإخوان المسلمين" هي "كعلاقتي بكل الجماعات السياسية التي تتعرض للانتهاكات، أتعامل مع الإخوان في مصر وأدافع عنهم من موقعي الحقوقي، وأتعامل معهم في اليمن كشركاء في العملية السياسية". 

تضيف: "أقف على مسافة متساوية منهم ومن القوى السياسية الأخرى، لقد انتقدت الجماعة والرئيس المصري المنتخب لأنهم لم يقوموا بجهد أكبر في بناء عملية توافق سياسية في مصر، لكن هذه الانتقادات لا تعني أن الإخوان المسلمين ومحمد مرسي إرهابيون، هذا خلط للأمور".

لكن توكل تنظر إلى الداخل اليمني دائما مركزة تفكيرها على ما يسمى بـ"الخطر الحوثي" على الدولة اليمنية، وهو ما دفع زعيم "أنصار الله- الحركة الحوثية" عبدالملك الحوثي إلى توعد توكل كرمان بقطع لسانها لأنها تحدته في أن "يتهجى كلمة صنعاء بشكل صحيح".

تقول كرمان بعد سيطرة الحوثيين على اليمن، إن " القتل في صنعاء، لكن القاتل في طهران"، وهي تعتقد بأن اليمن في طريقها إلى "المشهد العراقي على بركة الحوثي والقاعدة وفشل الرئيس هادي"، موجهة رسائل لاذعة للرئيس هادي، وتصفه بأنه مدير مكتب عبد الملك الحوثي، وبأنه "يزاول عمله هذا باحتراف وسمع وطاعة يحسد عليها الحوثي"، معتبرة أن هادي "تحت القائمة الجبرية، ولم يعد رئيسا فعليا لليمن".

وتزيد على ذلك بقولها إن "الرئيس ومستشاروه لا يفهمون في السياسة شيئا، ولأنهم  كذلك فقد عادوا ولم يحققوا شيئا" .

وأكدت أن زعيم الحوثيين "الخائن" وفقا لوصفها، قام بـ"ثورة مضادة" بالتحالف مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح "لإسقاط الدولة"، كما رأت في سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء ومحاصرة القصر الرئاسي وسط صمت الجيش.

وتعتبر "اليمن دولة محتلة من قبل إيران عبر ذراعها في الداخل المتمثل في الحوثيين"، لافتة إلى أن "إيران تقف حاليا في مواجهة الشعب اليمني".

وتعتقد كرمان أن إيران أسقطت اليمن لتحسين شروط المفاوضات مع الغرب حول ملفها النووي.

لكنها رغم غضبها من هادي إلا أنها لا تزال تعترف بالرئيس هادي رئيسا شرعيا، وقالت: "نتمسك به رغم استقالته وبشرعيته حتى يتم تسليم السلطة إلى مجلس رئاسي انتقالي وحكومة مؤقتة تشكل من قوى ثورة فبراير والحراك الجنوبي".

واعتبرت أن "اليمن دولة محتلة من قبل بلاد فارس"؛ داعية "دول العالم والخليج وفي مقدمتها السعودية إلى عدم الاعتراف بهذا الانقلاب الذي يقوده علي عبد الله صالح".

استقالة إعلان هادي جاءت يوم الخميس الماضي في خطاب وجهه إلى مجلس النواب، وجاءت الاستقالة بعد وقت قليل من استقالة الحكومة برئاسة خالد بحاح.

توكل تلخص المشهد في اليمن بقولها، إن اليمن "يعاني من ثورة مضادة، وانقلاب يقوده المخلوع (علي عبد الله صالح)؛ بأيدي ميليشيات الحوثي المسلح". وهو توصيف أقرب إلى الحقيقة، دون أن ننسى سلبية دول الخليج العربي، حيث إن التراخي واللامبالاة الخليجية سهلا في سيطرة حلفاء إيران على اليمن، رغم أن نسبة الحوثيين في اليمن لا تتجاوز الـ3%، وهي نسبة ضئيلة لن تمكنهم من السيطرة بشكل دائم ونهائي على البلاد التي يشكل فيها السنة 70%، إضافة إلى نحو 25% من الزيدية الذين هم أقرب إلى السنة. 

كرمان تعرف هذه المعادلة جيدا؛ لذلك فهي تبدو غاضبة وهي ترى الدولة اليمنية تنهار، فيما الأغلبية صامتة تشاهد الانهيار الكبير دون أن تحرك ساكنا، وقد يبدو غضب كرمان الدائم مبررا إذا عرفنا حجم الخيبة من بعض أطراف المعادلة اليمنية الفاعلين الذين يفضلون الجلوس في مقاعد المتفرجين، وهو ما ترفضه كرمان بشكل قاطع قد تدفع حياتها ثمنا له.