صحافة دولية

ستريت جورنال: ما هي التحديات التي تواجه ملك السعودية؟

ستريت جورنال: الملك سلمان سيواجه مصاعب اقتصادية واجتماعية كبيرة - أرشيفية
قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية إن العاهل السعودي الجديد سلمان بن عبدالعزيز، الذي خلف أخاه غير الشقيق الملك عبدالله على عرش السعودية، بعد وفاة الأخير صباح الجمعة، سيواجه مصاعب اقتصادية  واجتماعية كبيرة.

وتشير الصحيفة إلى أن "الملك السعودي الجديد يواجه الكثير من التحديات الاقتصادية والاجتماعية مع بداية حكمه، خاصة في ظل تراجع أسعار النفط، الذي سيقلل من قدرة الحكومة على الإنفاق، والاستجابة لاحتياجات سكان المملكة، ومواصلة الكفاح ضد الإرهاب".
 
ويجد التقرير أن المشاكل التي ستواجه الملك سلمان تشمل زيادة عدد السكان، ومعظمهم من الشباب ممن لا تتوفر لهم فرص عمل كافية، يرافقها اقتصاد يعتمد على عائدات النفط ونظام المكافآت الحكومية، الذي زاد مع زيادة الاضطرابات التي شهدتها المنطقة خلال السنوات الأربع الماضية.

وتوضح الصحيفة أنه مع بداية الانتفاضات وتوسعها في العالم العربي عام 2011، رفعت الدولة حجم الإنفاق على المشاريع الاجتماعية، وزادت من معدلات الدعم والمستحقات للموظفين من أجل شراء رضا وسكوت السكان البالغ عددهم 29 مليون نسمة.

وتضيف "ستريت جورنال" أن الملك سلمان، البالغ من العمر 79 عاماً، هو من جيل سلفه، ولم يظهر إشارة عن تحول في السياسة، عندما قاد مؤسسات الدولة في الأشهر الأخيرة بعد عجز الملك عبدالله عن الحكم بسبب مرضه.

وينقل التقرير عن مؤسس ومدير "كورنرستون غلوبال" غانم نسيبة، قوله: "لن يكون لدى سلمان مدخل مختلف عن المدخل الذي تبنته حكومة الملك عبدالله فيما يتعلق بالاقتصاد، ولكنه سيجد نفسه مضطراً للتعامل مع الوقائع الاقتصادية المتغيرة مثل تراجع أسعار النفط".

ويضيف نسيبة للصحيفة أن نظام المستحقات الموجود لن يتم وقفه في المستقبل القريب.

وتبين الصحيفة أن المسؤولين السعوديين اعترفوا، ومنذ زمن طويل، بأن فطم الاقتصاد عن الاعتماد على النفط وتنويعه، وفتح الباب أمام القطاع الخاص، يعد أمراً ضرورياً.

ويلفت التقرير إلى أن إنتاج النفط وتنقيته يمثل ما نسبته 47% من النشاط الاقتصادي السعودي لعام  2013، يحسب أرقام صدرت عن البنك المركزي السعودي. 

وتذكر الصحيفة أن الاقتصاديين لا يتوقعون اتخاذ إجراءات لإصلاح الخلل في عهد الملك سلمان، على الرغم من استمرار الاستثمار في المصادر الطبيعية المرتبطة بالنفط، مثل قطاع البتروكيماويات والأسمدة. 

ويورد التقرير قول اقتصاديين إن السعودية بحاجة لتنمية قطاعها الخاص، بهدف مراجعة سياسات الإنفاق العام، وهو أمر كان الملك عبدالله متردداً في القيام به على خلفية عدم الاستقرار الذي كانت تعيشه المنطقة. 

وتشير "ستريت جورنال" إلى أن الوظائف الحكومية والرواتب والإسكانات التي توفرها الحكومة تقدمت على قطاع التوظيف الخاص.

وتنقل الصحيفة عن الخبير في مجال الطاقة في مؤسسة "بو" في باريس، جياكومو لوتسياني، قوله إن "دفع نمو القطاع الخاص لا يمكن تحقيقه من خلال زيادة نفقات الحكومة، بل العكس".

ويفيد التقرير بأن الجهود من أجل زيادة مصادر الدخل للحد من الإنفاق الحكومي، لم تنجح عندما بدأت أسعار النفط بالهبوط.

وتعرض الصحيفة ما قاله المحاضر في مدرسة لندن للاقتصاد في لندن، ستيفان هيرتوغ: "يحتاجون لعوائد غير نفطية؛ لأنهم سيواجهون عجزاً بنيوياً في الميزانية، بناء على المستوى الحالي من الإنفاق". مضيفاً أن "لديهم خزينة مليئة بالمال للاعتماد عليها في العقد المقبل، ولكن الأمور قد تصبح أكثر ضيقاً، وهم بحاجة لإنشاء نظام ضريبي، والضريبة لعنة سياسية في السعودية".

ويبين التقرير أن التحديات الأخرى التي ستواجه الملك سلمان متعلقة بالشباب، حيث تبلغ نسبة الشباب دون سن الـ 25 عاماً 47%، مما يعبد الطريق أمام تحول ديمغرافي بطريقة لا يمكن لنظام التوظيف الذي تتبعه الحكومة تحمله.

وتشير الصحيفة إلى أنه في الوقت الحالي يتسيد الموظفون غير السعوديين القطاع الخاص، وهو وضع حاول الملك عبدالله تغييره، من خلال فرض نظام الكوتا على الشركات الخاصة لتوظيف مواطنين سعوديين، ومن خلال تغيير قوانين العمل عام 2013، التي حظرت على الأجانب إدارة شركات ومؤسسات بشكل مستقل دون كفالة من المواطنين.

ويلفت التقرير إلى أنه رغم هذا كله لاحظ صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير الصادر في حزيران/ يونيو  2014  أن "الحوافز والفرص المتوفرة للسعوديين كي يشاركوا في القطاع الخاص لا تزال قليلة، في ضوء الأجور العالية والمنافع المتوفرة في القطاع العام"، ومن هنا فالتحول باتجاه تنويع الإنتاج الاقتصادي يقتضي "تغييراً في بنية الحوافز".

ويلاحظ نسيبة أن السياسة الاقتصادية تجاه الاستثمار الأجنبي أصبحت أكثر انفتاحاً في عهد الملك عبدالله، وهو توجه يعتقد استمراره في ظل الملك سلمان، الذي يحيط نفسه بمستشارين  يدعمون سياسة السوق الحر، بحسب الصحيفة.

وتختم الصحيقة تقريرها بالإشارة إلى أن لوسياني متشكك في استمرار الدفع باتجاه جذب الاستثمار الأجنبي في ظل حكم الملك سلمان، ويقول:  "أعتقد أن هناك عدم ثقة بالاستثمار الأجنبي، كونه قائماً على النفعية، والقفز نحوه عندما تكون الظروف جيدة والهرب أولاً عندما تتغير الموجة".