صحافة دولية

فايننشال تايمز: هل يغطون نكسة العراق بصور سليماني؟

فايننشال تايمز: سليماني سيحتفظ بتأثيره رغم النكسات التي تعرض لها - أرشيفية
في إيران يكرم الأبطال العسكريون بعد موتهم عندما تقوم الدولة بعرض إنجازاتها العسكرية، ولهذا أثار انتشار صور الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، في الإعلام الوطني دهشة الكثير من الإيرانيين. فقائد فرع العمليات الخارجية في الحرس الجمهوري الثوري، ورجل الظل والمصنف في قائمة الإرهابيين الأميركيين، يقدم اليوم على أنه بطل قومي في إيران وينشر الإعلام الإيراني صوره وهو في ساحات المعارك في العراق، حيث يقوم بتنسيق رد الميليشيات الشيعية والكردية على هجمات قوات تنظيم الدولة المعروف بـ"داعش".

وبحسب مراقب إصلاحي نقلت عنه صحيفة "فايننشال تايمز" وصف الجنرال "بمحارب غير تقليدي، لا يدع أعداء إيران ينامون بهدوء وأبعد التوترات عن حدود إيران"، مضيفا "إنه في وضع جيد كي يتحول لقائد إسطوري". 

وتشير الصحيفة إلى أنه بعيدا عن تصريحات الإصلاحي هذه هناك تكهنات تربط بين ترفيع سليماني وجعله وجها لمغامرات إيران الخارجية وبين الفشل الاستخباراتي الإيراني في التنبؤ بالتغيرات الإقليمية والتهديدات التي مثلها تنظيم "داعش"، وهو مجال مسؤول عنه سليماني نفسه.

وتنقل الصحيفة عن مسؤول بارز قوله إن "نشر الصور إشارة ضعف وليست قوة، وهي محاولة لإظهار إيران بأنها تسيطر على الوضع: إنه رد فعل على فشل كبير".

ويلفت التقرير إلى أن الجنرال قاسم سليماني (57 عاما) قد تولى قيادة فيلق القدس، المسؤول عن العمليات الخارجية في عام  2000، واستطاع خلال هذه الفترة الحصول على احترام كل من المعسكرين المتشدد والإصلاحي في إيران، وبرز كمخطط استراتيجي ناجح. ويعرف بولائه التام للمرشد الأعلى للثورة الإسلامية، آية الله علي خامنئي، الذي وكله بتطبيق سياسته لتوسيع تأثير إيران في المنطقة، وإبعاد التوترات الحاصلة في الشرق الأوسط عنها، ومواجهة المنافسين في مناطق أخرى مثل لبنان وسوريا والعراق وأفغانستان. ويقول محلل مرتبط بالتيار الإصلاحي إن "سليماني يمثل تأثير إيران الجيوسياسي".

ويواصل التقرير بأنه يعود إليه الفضل في تخفيض دور الولايات المتحدة وإضعاف عملياتها في كل من العراق وأفغانستان. ولعب دورا مؤثرا في دعم حزب الله في حربه مع إسرائيل ودعم بقاء الرئيس بشار الأسد في السلطة.

وتستدرك الصحيفة بأن محللين يشيرون إلى أخطاء ارتكبها الجنرال، وتعود إلى الحرب العراقية- الإيرانية في الثمانينيات من القرن الماضي، وزلات ارتكبها فيما بعد الربيع العربي عام 2011، الذي أمل أن يؤدي "لانتصارات إيرانية في مصر والعراق ولبنان وسوريا". 

ويذهب التقرير إلى أنه كما اعترف أحد العاملين في داخل النظام فقد فشلت إيران بمنع سقوط الإخوان المسلمين من السلطة في مصر، وكان إصرار طهران على دعم بقاء الأسد في السلطة مكلفا -من ناحية المال والخسائر البشرية-، وأساء لعلاقات إيران مع كل من تركيا والملكيات العربية.

وتجد الصحيفة أن من أهم الضربات التي تلقاها الجنرال كانت سقوط مدينة الموصل في حزيران/ يونيو بيد المقاتلين من "داعش"، وانهيار الجيش العراقي. 

ويشير التقرير إلى أن القادة الإيرانيين المندهشين من التطورات قاموا بإرساله إلى العراق لترتيب حماية بغداد ومساعدة الأكراد. وظهرت أول صورة للجنرال إلى جانب عناصر الميليشيات الشيعية والكردية بعد انسحاب قوات "داعش" من بلدة إيمرلي التركمانية. وتظهر الصورة الجنرال الملتحي وهو محاط بالمقاتلين ويبدو مرتاحا، لكن الصورة تخفي وراءها وضعا أصبحت فيه المخاطر قريبة من بلاده. ويقول محلل سياسي "انتقلت الحرب من المدن السورية قريبا من حدودنا" أي إيران.

ومن هنا جاء تعزيز دور رجل أمني آخر، وهو علي شمخاني، سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي، الأمر الذي دفع الكثيرين للتكهن بأن طهران عينت شخصا أخر نظيرا لسليماني، وفق الصحيفة.

وأرسلت طهران شمخاني للعراق في تموز/يوليو للقاء آية الله علي السيستاني، وبعد اللقاء قررت طهران سحب دعمها لنوري المالكي الشخصية الانقسامية والمسؤولة عن الأزمة، وقررت دعم حيدر العبادي.

وهذا الموقف كان على خلاف رغبة سليماني الذي دعم بقاء المالكي في الحكم، ولكنه أجبر على تقبل موقف طهران وتغير سياستها الإيرانية لمواجهة "داعش".

ويرى التقرير أن قدرة سليماني على القيام بعمليات خارجية تأثرت بالعقوبات المفروضة على إيران؛ بسبب برنامجها والتي خفضت العائدات النفطية الإيرانية للنصف.

وتخلص الصحيفة بأن الجنرال سيحتفظ بتأثيره رغم النكسات التي تعرض لها، فعلاقته قوية مع آية الله علي خامنئي، كما ينظر إليه كرجل موال وغير ملوث بالفساد، ولا طموحات سياسية له. 

ويقول مراقب للصحيفة إن سليماني يطيع الأوامر "فلو طلب آية الله خامنئي قتال الأميركيين لفعل، ولو طلب منه التعاون معهم لفعل"، فهو يحاول التأثير على السياسات والاحتفاظ بمسافة ولعب دور الجندي ويقول "نعم" للمسؤولين عنه.

قاسم سليماني- سيرة ذاتية:


ولد في 11 آذار/ مارس 1957 في إقليم كرمان- جنوب إيران.
ترك الدراسة في سن الثالثة عشرة لمساعدة عائلته.
ويعتقد أنه عمل ميكانيكا وعاملا.
بعد الثورة الإسلامية في عام 1979 تطوع في الحرس الثوري الإيراني.
ورفع لدرجة قائد بارز أثناء الحرب العراقية – الإيرانية  1980-1988.
في عام 1988 عين فيلق سار الله في إقليم كرمان لقتال المهربين.
عين في عام 2000 قائدا للواء القدس.
في عام 2011 رفع لدرجة لواء.


لواء القدس:

يعتبر لواء القدس واحدا من خمسة ألوية تابعة للحرس الثوري الجمهوري. وشكل عام 1980 لتصدير الثورة الإسلامية، وتوحيد الدول الإسلامية ضد من أسماه النظام "نظام الاحتلال الصهيوني". واستخدمت الجمهورية الإسلامية اللواء لمواجهة التهديدات الدولية والإقليمية، ويعتقد أن عناصره قامت بعمليات دولية. 

وقام اللواء بتدريب وتسليح وكلاء إيران في لبنان- حزب الله والميليشيات الشيعية العراقية، خاصة قوات بدر، وهناك تقارير عن تدريبه لقوات سنية لخدمة مصالح إيران وتأثيرها. ولكن اللواء يعمل بشكل رئيسي في العراق ولبنان وسوريا وأفغانستان.