ملفات وتقارير

250 طفلا في سجون الاحتلال يتعرضون لانتهاكات جسيمة

تواصل حملات الاعتقال المسعورة التي تطال عشرات الأطفال الفلسطينيين - أرشيفية
يتعرض أكثر من 250 طفلا معتقلا في سجون الاحتلال لانتهاكات جسيمة تبدأ فصولها بلحظة الاعتقال التي يصاحبها في الغالب الضرب والشتم وصولا إلى تحقيق قاس ثم محاكمات صورية دون ضمانات قانونية حقيقية وانتهاء بسجون تفتقر لشروط الحياة الآدمية.

ونقل المركز الفلسطيني للإعلام عن مدير برنامج المساءلة في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال فرع فلسطين عايد أبو قطيش، إن الكيان الصهيوني هي الدولة الوحيدة في العالم التي تحاكم الأطفال بشكل منهجي ومنظم أمام المحاكم العسكرية، حيث يتم اعتقال أطفال فلسطينيين منذ بلوغهم الـ12 عاما، والتحقيق معهم واحتجازهم في مراكز الاعتقال العسكرية والسجون الصهيونية. 

ونوّه إلى أن إلقاء الحجارة هي التهمة الأكثر شيوعا ضد الأطفال الفلسطينيين الذين تعتقلهم قوات الاحتلال، والتي تعتبر "مخالفة أمنية" بموجب القانون العسكري الصهيوني، وتحديدا الأمر العسكري رقم 1651.

وأشار إلى أن 23% من الحالات التي وثقتها الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال عام 2013، تم عرض وثائق مكتوبة بالعبرية على الأطفال الذين جرى التحقيق معهم، أو إجبارهم على التوقيع على مثل هذه الوثائق المكتوبة بلغة لا يفهمونها.

ونوه إلى أن المعايير الدولية لعدالة الأحداث، والتي بمجرد أن وقع الكيان الصهيوني اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل في عام 1991 مجبر على تنفيذها، تنص على أن حرمان الأطفال من حريتهم يستخدم فقط كإجراء أخير ليس إلا.


معاملة الأطفال كالإداريين

ويتوزع الأسرى الأطفال على سجون "عوفر" و"مجدو" و"الشارون"، ويحاكمون في محاكم عسكرية مع الكبار وليس في محاكم خاصة بالأحداث، ويعيشون في ظروف سيئة دون مراعاة سنهم القانوني وحقوقهم كأطفال.

ويقول الأسير عبد الفتاح دولة المشرف على قسم الأشبال في سجن "عوفر" العسكري، إن مائة طفل قاصر يقبعون في سجن "عوفر" يعاني عدد كبير منهم من أمراض صحية ونفسية وبحاجة إلى اهتمام ورعاية لا يتلقونها.

وأضاف أن الأشبال في "عوفر" محرومون من التعليم، وأن حقوقهم كأطفال قاصرين حسب الاتفاقيات الدولية مهضومة تماما، حيث أصدر المستشار القانوني الصهيوني تعليمات بالتعامل مع القاصرين كما يتم التعامل مع الأسرى الإداريين فيما يخص أمور توقيفهم ومحاكمتهم.


تواصل الاعتقالات وظروف صادمة

وتؤكد محامية هيئة شؤون الأسرى هبة مصالحة توثيق ممارسات تعذيب وتنكيل يتعرض لها الأسرى الأطفال خلال اعتقالهم، وذلك من خلال إفادات أدلى بها عدد من القاصرين القابعين في سجن "الشارون" لها.

وتنقل عن الأسير نور الدين زغل (17 سنة) من سكان بلدة أبو طور في القدس، تعرضه للضرب والتنكيل خلال الاعتقال. وحين نقل إلى سجن "الشارون" في معبر الرملة، وصفه بأنه لا يصلح للعيش الآدمي، حيث درجات الحرارة العالية والتي لا تطاق والاختناق كل وقت، إضافة إلى الفرشات القذرة والمتعفنة والممزقة، وانتشار الحشرات والديدان.

وتطالب مصالحة بالوقوف الجاد على واقع اعتقال الأطفال والقصر في سجون الاحتلال، مؤكدة أن الحقائق حول ذلك صادمة.

وتتواصل حملات الاعتقال المسعورة التي تطال عشرات الأطفال الفلسطينيين في مختلف مناطق الضفة، وهو الحال الذي وصفه المدير الإعلامي لمركز أسرى فلسطين للدراسات الدكتور رياض الأشقر، بأنه جزء من استراتيجية قوامها أن يجعل الاحتلال "اعتقال الأطفال أولوية في هذه المرحلة".

وقال الأشقر في حديث خاص لموقع "عربي21"، إن الاحتلال يمارس الاعتقال لكل شرائح الشعب الفلسطيني، بما فيهم الأطفال، مخالفًا بذلك كل المواثيق والاتفاقات الدولية التي تمنع اعتقال الأطفال ومحاكمتهم"، وإن إجراءات "الكيان الإسرائيلي" التعسفية شملت اعتقال الأطفال دون سن الثانية عشرة، "بل والأطفال في سن السادسة والسابعة".

ويعلل الدكتور رياض الأشقر إصرار "السلطات الإسرائيلية" على التصعيد ضد الأطفال بأنّ استهدافهم اليوم هو أمر سوف تظهر نتائجه في المستقبل، و"فرصة سانحة لخلق جيل خائف وغير مستقر نفسيأ، وعاجز عن مواجهة المحتل وسياساته"، وأكد أن "تداعيات الاعتقال تستمر حتى بعد أن يخرج الطفل من السجن، فيصبح منطويًا على نفسه يعاني عللاً نفسية كالاكتئاب والقلق والفزع أثناء النوم إلى جانب العلل الصحية، ومن ثم فهو لن يتمكن من الاندماج مع أقرانه".

وعن الانتهاكات التي يمارسها "الكيان الإسرائيلي" بحق الأطفال المعتقلين، فهي غاية في القسوة، وتبدأ منذ لحظات اختطافهم من الشوارع أو من أمام المدارس أو على الحواجز أو من بيوتهم، وفق ما قال الأشقر.

وأضاف أنهم "يبدأون معهم بالشتم والإهانة والدوس عليهم وضربهم بأعقاب البنادق"، ثم يصدرون بحقهم أحكامًا طويلة الأمد، أو يضعونهم في زنازن الموقوفين –سيئة السمعة- حيث الظروف الصحية السيئة وقلة الطعام ورداءته ومنع زيارتهم من قبل ذويهم.

ولفت الأشقر إلى إدخال الأطفال إلى ما يسمى "غرف العار"، وهي زنازن انفرادية ونوع من التعذيب الذي يتلقاه الأطفال، يلتقون فيها بعملاء يحاولون إخضاعهم لخدمة المحتل بالابتزاز والمساومة على ما لديهم من معلومات، وبشتى الأساليب. وأكد أن "هذه المحاولات لم تكن لتنجح مع هؤلاء الأطفال الأبطال".

وشدّد الأشقر على أننا "لا نعول كثيرًا على المؤسسات الحقوقية الغربية أو الأممية التي أصيبت بالصمم والعمى عندما تعلق الأمر بمعاناة شعبنا وأسرانا، ولم يثبت أن أيًّا منها أفادنا في ذلك"، وأكد أن "المعاناة مستمرة ما دام الاحتلال، وكذا معاناة أطفالنا على كل الصعد".

وأوضح أن "الأمل في تحرير أسرانا يتعلق بالمقاومة التي أطلقت أكثر من ألف أسير مقابل جندي واحد، في صفقة الأحرار"، غير أن ذلك لا يعني "التخلي عن تفعيل تحركات المؤسسات الحقوقية، لإيصال أصوات معاناتنا إلى العالم، وكشف ممارسات هذا المحتل ضد شعبنا، وإظهار وجهه القبيح".