حقوق وحريات

القطري شهيداً في فلسطين.. قبل زفافه بأسبوع

الشهيد قضى برصاصة في القلب - وفا
ما أن سمعت والدة الشهيد عيسى سالم القطري صوت إطلاق النار حتى هرعت إلى غرفة ابنها تتفقده، غريزة الأم وخوفها على والدها أشعرها أن هذا الرصاص اخترق جسد ولدها "العريس".

كانت الأم تستعد لزفاف ولدها نهاية الأسبوع القادم، وتتخليه كل لحظة وهو عريس يزف إلى عروسه وسط فرحة أهله وأبناء مخيمه، والأمل يقودها إلى رؤية أبنائه، لكن رصاص قناص إسرائيلي كانت أسرع من تحقيق حلم الأم وولدها، فارتقى القطري فجر الأربعاء، شهيدا على ثرى مخيم الأمعري جنوب رام الله.

ترك عيسى خلفه دموعا لم تجف، فقبل شهر ودع إبن عمه الشهيد محمد أحمد القطري (19 عاما)، أحد أبرز لاعبي مركز شباب الأمعري، مما دفع عائلة عيسى حينها لتأجيل زفافه الذي كان من المقرر أن يكون نهاية الشهر الحالي.

الشهيد عيسى الذي حزن حزنا شديدا على ابن عمه، طالما عبر عن اشتياقه له من خلال وضع صوره على صفحته الشخصية في "فيسبوك" وكتابة عبارات الشوق.

يقول جده لـ"عربي21": "كانت مفاجأة لنا سماع خبر استشهاده، لم تعد أرجلنا تقوى على حملنا، صدم والديه بالخبر، لم يكن عيسى يشارك الشباب برشق الحجارة".

يتابع: "دخلت قوات الاحتلال المخيم واعتقلت شابا، فخرج الشبان جميعهم إلى الحارة ليشاهدوا ما يحدث، عيسى كان واقفا كبقية الشبان، وفجأة أصابت رصاصة قناص عيسى في قلبه، لم يكون هناك مقاومة، عيسى واقف على بعد أكثر من 400 متر من تواجد الجيش".

كانت الساعة وقتها حوالي الرابعة والنصف عندما أصيب، قال جده، وحاول جنود الاحتلال اعتقاله وأخذه إلى المدرعة الإسرائيلية بعد اصابته بالرصاصة ولكن الشباب استطاعوا نقله وإنقاذه من أيديهم نحو أحد المنازل بعدها نقلوه إلى المشفى، وكان قد فارق الحياة عند وصوله.

ولعل محاولة خطف جنود الاحتلال لعيسى بعد إصابته فيها تشابه مع استشهاد ابن عمه محمد الذي أعدم بدم بارد بحسب ما ذكره شهود عيان وقتها، حيث كان مشاركاً في مواجهات مع قوات الاحتلال التي تحرس مستوطنة "بسيغوت" المقامة على أراضي الفلسطينيين في البيرة، حين أطلق قناص رصاصتين على رجلي محمد، ولم يستطع الانسحاب من ساحة المواجهات، كما لم يقو الشبان على التقدم نحوه لإنقاذه، واندفعت نحوه مجموعة من جنود الاحتلال وخطفت محمد واعتدت عليه وفقاً لرواية شهود عيان بالركل على منطقتي البطن والرأس، لأكثر من نصف ساعة ومنعت سيارات الإسعاف من الاقتراب من المنطقة.
 
يقول جد عيسى بكلمات بللتها الدموع: "شاهدت حفيدي قبل استشهاده بساعات كان يجلس أمام المجلس، كان من المفروض أن يقام عرسه اليوم، قبل أن نؤجل موعده بعد استشهاد ابن عمه محمد في الثامن من الشهر الماضي، وأجل عرسه أربعين يوما حتى انتهاء فترة الحداد إلا أن قدر الله كان أسبق".

ويتابع: "كان يحضر للعرس، ويجهز بيته بسعادة وهمة، وفي ليلة استشهاده كان مع خطيبته وقام بإيصالها لمنزلها مع أخته كان سعيدا بالتجهيزات".

وأضاف: "هذا أمر الله، ولا مفر من القدر، فكل منا أجل مكتوب، وربنا اختاره شهيدا وبإذن الله يزف بالجنة، وربنا يتقبله شهيد ويرحمه برحمته ويصبر أهل، والديه بوضع صعب فهما حتى اللحظة لا يصدقا ما حصل لإبنهما، كانت المفاجأة كبيرة وصادمة، آخر عهدهما به عندما مر على والديه وقدم لهما البوظة قبل أن يخرج من المنزل ليلا".

وكحال أي لاجيء فلسطيني يحلم بالعودة لأرضه التي سلبها الاحتلال منه وأجبره على العيش في مخيم للاجئين، يتضح تمسك عيسى بحق العودة ويبدو ذلك جليا من خلال منشوراته على "الفيسبوك"، ففي إحدى منشوراته كتب: "فلسطين للفلسطينيين فقط"، "صوت الانتفاضة يعلو يا فلسطين الحرية لشعب الحرية"، ومن بين ما كتب "كل يوم أسير وكل يوم شهيد، اليوم ابن شعفاط وبكرا .... ابن مين؟".