ملفات وتقارير

محللون: صمت عربي أقرب للتواطؤ مع العدوان على غزة

اعتادت غزة مواجهة العدوان الإسرائيلي في ظل صمت عربي مطبق - الأناضول
ارتفعت أصوات كتاب ومثقفين لمطالبة المملكة الأردنية الهاشمية، ممثل العرب في مجلس الأمن الدولي، للتحرك وطرح قضية العدوان على غزة أمام مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
 
و دعا كتاب أردنيون الخارجية الأردنية لاستخدام أوراق سياسية في الضغط على الكيان الإسرائيلي دوليا؛ من أبرزها استدعاء السفير الإسرائيلي في عمان، والمضي بإجراءات دبلوماسية لحشد موقف دولي؛ من خلال الأمير زيد بن رعد مندوب المملكة الدائم لدى مجلس الأمن والمفوض لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة.
 
 وتعيش الدبلوماسية الأردنية حالة من الفتور السياسي على خلاف موقف المملكة من العدوان على قطاع غزة عام 2008،  ويفسر محللون هذا الفتور بسبب موقف ما يسمى حلف "دول الاعتدال" من حماس وحركة الإخوان المسلمين، وتنخرط المملكة بهذا الحلف لجانب (مصر والإمارات والمملكة العربية السعودية)، التي صنفت جماعة الإخوان المسلمين فيها كحركة "إرهابية"، وسط أنباء تناقلتها صحف عبرية بتنسيق مشترك مع دول كمصر والإمارات فيما يتعلق بالعدوان على غزة.
 
الكاتب والمحلل السياسي في معهد الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية محمد أبو رمان يقول في حديث لعربي 21 "من الواضح أن لدينا موقفا سلبيا جدا مما يسمى بين هلالين موقف الاعتدال العربي، وتحديدا من قبل الحكومة المصرية التي استخدمت بعد الانقلاب من خلال الإعلام المصري لغة غير مسبوقة في التعامل مع العدوان الإسرائيلي على غزة؛ لم تكن موجودة في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك".
 
ويرى أبو رمان أن ما يجري الآن تجاه الفلسطينيين "هو اختزال غزة بحماس واختزال حماس بالموقف من الإخوان المسلمين في مصر،  ونمو لحالة الصهيونية العربية في الإعلام المتصهين والمواقف المتصهينة في مصر، والواضح من خلال ردود الفعل العربية الباردة المتراخية السلبية أن هنالك تواطئا عربيا، إن لم يكن هنالك توافق كما يدعي بعض الإسرائيليين يرقى إلى مرحلة القبول بهذا العمل العدواني ضد غزة، ويأتي كذريعة للموقف من حركه حماس بعد قرار بعد دول عربية باعتبار الحركة وجماعة الإخوان المسلمين جماعات إرهابية".
 
الموقف الأردني الرسمي الخجول اقتصر على بيان الإدانة والمطالبة بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة،  وقال وزير الخارجية الأردني ناصر جودة إن "الأردن يدين ويشجب العدوان الإسرائيلي الغاشم والمستمر على قطاع غزة،  والاستخدام غير المتناسب وغير المبرر للقوة المفرطة، والاستهداف العشوائي الذي يطال في جله المدنيين والأبرياء والأطفال والنساء والكهول من أبناء وبنات الشعب الفلسطيني الصابر".
 
ويرى رئيس مركز وحماية حرية الصحفيين – مقره عمان- نضال منصور في حديث لعربي 21 "أن الأردن يملك أوراقا متعددة، يمكن استخدامها في مواجهة العدوان الإسرائيلي على غزة، ومنها وجوده في عضوية مجلس الأمن كممثل للعرب".
 
"كما يستطيع الأردن الضغط على إسرائيل من خلال استدعاء السفير الإسرائيلي و إبلاغه رسالة احتجاج واستدعاء السفير الأردني في تل أبيب، منتقدا الموقف الرسمي الأردني الذي اقتصر على الشجب والإدانة".
 
و يتفق المحلل السياسي ورئيس مركز المشرق للدراسات جهاد محيسن مع منصور وأبو رمان حول غياب "الموقف العربي "تجاه ما يجري في غزة قائلا "مع الأسف لا يوجد هناك موقف، لا أردني ولا عربي تجاه ما يحدث من عدوان على غزة".
 
يقول المحيسن لعربي 21 "نحن أمام أمة تتآمر على بعضها، هذه حقيقة لا بد أن نتحدث فيها، لم يعد الصمت مقبولا في هذه المسألة، نحن كلنا شركاء بالجريمة على غزه سواء الأردن أو مصر أو غيرها وسمّ ما شئت، فنحن أمام مشهد دموي متآمرون مع الجميع متوافقون ضمنيا وغير ضمنيا مع العدو الصهيوني باستمراره بالعدوان على غزة،  فقد شاهدنا بالحالتين السورية والليبية أن العرب تهافتوا على مجلس الأمن وتهافتوا على الجامعة العربية وأعذروا وانذروا؛ حتى قاموا بتحشيد العالم ودفعوا مليارات الدولارات للحرب، أما في الحالة الفلسطينية الحزينة هم على حياء يدينون العدوان،  فماذا تنفع الكلمات، أمام هذا العدوان الذي يتكرر سنويا، و ونرى غزه تموت من الجوع والحصار وقلة الماء".
 
شعبيا جاء الموقف الشعبي الأردني متقدما على الموقف الرسمي؛ بالرغم من ردة الفعل الشعبية، التي وصفت بالضعيفة مقارنة مع حجم العدوان،  حيث نظمت جماعة الإخوان المسلمين وقفات احتجاجية أمام سفارة الكيان الصهيوني في عمان، ومسيرات في مختلف محافظات المملكة، ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين.
 
ويقر منسق التيار القومي التقدمي خالد رمضان أن "الحراك في الأردن حراك خجول لا يرتقي في جوهره إلى ما يجري في غزة وشعفاط وفي نابلس وجنين ورام الله،  قائلا لعربي 21 "هذا الكلام كلام سياسي وليس عتابا أن الحراك خجول،  وهنا لا اتحدت عن الشباب الذين ذهبوا وأفطروا في مواجهة سفاره الكيان الصهيوني، ويكرسون يوميا لا سفاره للكيان على أرضك يا عمان،  أنا أقول إن الحراك القوى السياسية والنقابات المهنية خجول،  وعندما نتحدث عن النقابات المهنية لدينا 14 نقابه بأعداد مجالس فقط النقابات المنتخبة ما يزيد عن 250 ألف عضو".
 
 واقتصرت الفعاليات الحزبية الأردنية على بيانات إدانة ووقفات احتجاجية، حيث نفذ ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية وقفة غضب تضامنية مع الشعب الفلسطيني،  أمام مسجد الكالوتي بمنطقة الرابية التي تتواجد بها السفارة الجمعة الماضية،  بينما قامت النقابات المهنية الأردنية بإطلاق حملة للتبرع بالدماء على مدار يومين لجرحى غزة.
 
و ترى أمين عام حزب حشد (حزب يساري اردني) عبلة أبو علبة في حديث لعربي 21 أن هنالك "تباطؤ عربيا واضحا بما يشي بالتواطؤ السياسي مع ما يجري، وهذا كله أمر مستغرب جدا حيال ما يتعرض له الشعب الفلسطيني، سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة أو في شتى المواقع". 
 
من جانبه،  حمّل المراقب العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين سالم الفلاحات المسؤولية الكاملة للأنظمة العربية عامة والأردن بخاصة عما يحدث بقطاع غزة، وقال الفلاحات لعربي 21 بأن ما تقوم به الأحزاب من وقفات تضامنية أمام السفارة الإسرائيلية ليست هدفها الاستعراض بل مناصرة الشعب الفلسطيني.
 
مصريا جاء موقف الخارجية المصرية مرتبكا وقال سفير مصر في الأردن خالد ثروت لعربي 21 إن "مصر تبذل جهوداً لإيقاف العمليات الحربية الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني "مطالبا "الطرفين بضبط النفس".
 
"حالة من الصمت العربي والتواطؤ يدفع ثمنها شعب أعزل في غزة،  حتى بيانات الإدانة والشجب وجمع التبرعات والتظاهرات في المدن العربية في أسوأ حالاتها،  وما تشهده العواصم الغربية من مساندة واعتراض على العدوان أفضل من الحالة العربية". يختم رئيس مركز وحماية حرية الصحفيين نضال منصور.