سياسة عربية

"الائتلاف" يرفض التحذيرات من توطين لاجئي سورية بلبنان

لافتة علقتها بلدية برج حمود اللبنانية تمنع السوريين من التجول مساء

انتقد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية "خطابات تحذيرية من توطين افتراضي" التي تطلقها الأطراف المختلفة في لبنان بشأن تأثير اللاجئين السوريين على التركيبة الديمغرافية في لبنان، مؤكدا أن لجوء السوريين "قهري ومؤقت محكوم بعودة أهلنا الكاملة إلى ديارهم (عندما) تنجلي الغُمَّة". وفي ذات السياق، ذكر الائتلاف باستضافة سورية أعدد كبيرة من اللاجئين اللبنانيين خلال الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على لبنان، مقارنا ذلك بحالة إرسال حزب الله قواته لقتل السوريين.

ودأبت القوى السياسية اللبنانية سواء المؤيدة للنظام السوري أو المناهضة له، إضافة إلى المسؤولين في الحكومة، على التحذير من خطر اللاجئين السوريين على البنية الاقتصادية والاجتماعية والأمنية في لبنان، وهو ما دفع الحكومة للحديث عن إجراءات لتقييد حركة لجوء السوريين ووضع معايير للسماح بدخولهم إلى لبنان.

ووجه الائتلاف الوطني السوري رسالة إلى اللبنانيين، أكد فيها ما تضمنته رسالتان سابقتان وجههما المجلس الوطني السوري (الذي حل الائتلاف مكانه).

وانطلقت الرسالة التي حصلت "عربي21" على نسخة منها؛ من التأكيد على دعم القضية الفلسطينية، وتأكيد العزم، "بالتوافق مع حكومتكم (اللبنانية) الشرعية المستقلّة"، على إعادة النظر في الاتفاقيات والمواثيق الموقّعة إبّان زمن الوصاية البغيضة على لبنان، وسنعمل على إقامة علاقات دبلوماسية سويَّة بين البلدين، ونرسم الحدود، كما سنحقّق جدياً في ملف المعتقلين والمفقودين اللبنانيين كي نطويه على وضوح وعدالة ورضا".

وفي رد على مزاعم حزب الله والنظام السوري، قالت الرسالة "إن ثورتنا  ليست بحاجة إلى استخدام أرضكم اللبنانية في معركتها، وهي لا تستخدمها بالفعل، وإنما النظام المجرم هو الذي يحاول جاهداً أن يخلط الأوراق ويكسب وقتاً لن يجديه نفعاً (..) لن نقبل ربط لبنان بمسار أزمة نظام الأسد".

ومن الواضح أن الهدف الرئيسي من الرسالة هو تناول موضوع اللاجئين السوريين، الذي يعيشون ظروفا صعبة من ناحية، ويتعرضون للضغوط والقيود مع اتخاذهم مادة للمناورة السياسية من ناحية أخرى.

وذكّر الائتلاف الوطني السوري في رسالته أن "نزوح أكثر من مليون سوري حتى الآن إلى لبنان (جاء) هرباً من الموت الذي ينشره النظام في جميع أنحاء سورية". وأضاف: "هذا هو السبب الرئيس والجوهري للنزوح السوري، وظالم أو متجاهل من يعزوه إلى سبب آخر".

وتابعت الرسالة: "إننا ندرك تماما ما يرتّبه هذا النزوح من أعباء تفوق قدرة لبنان على الاحتمال، ديموغرافياً واقتصادياً وأمنياً واجتماعياً، ما لم يتمّ وضع حدّ للجريمة المتمادية على أرض سورية. وفي مطلق الأحوال فإن هذا النزوح قهريٌّ ومؤقَّت، محكومٌ بعودة أهلنا الكاملة إلى ديارهم (عندما) تنجلي الغُمَّة، ولا داعي لأية خطابات تحذيرية من توطين افتراضيّ".

ودعا الائتلاف المجتمعين العربي والدولي لمساعدة لبنان في تحمل أعباء اللاجئين السوريين، كما اعتبر أن "من حق الدولة اللبنانية أن تمارس سيادتها على أرضها، كما من واجبها أن تنظم عمليات الإيواء والرعاية بما يراعي كرامة النازحين ولا يجافي القانون"، لكنه في الوقت ذاته حث "الدولة اللبنانية، فيما هي تمارس حقها وتقوم بواجبها، (على) ألا تسمح بتسليم النازحين الهاربين من بطش نظام الأسد إليه بذريعةٍ أو بأخرى".

وفيما يمثل ردا على الخطابات المتكررة للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الذي يزعم أنه يحارب الإرهاب إلى جانب النظام السوري، قالت الرسالة إن "من أشدّ الظُلم الواقع على انتفاضة شعبنا وسْمها بـ"الإرهاب"، فيما يدّعي النظام المجرم أنه يدافع عن السلم والاستقرار والأقليات في وجه التكفيريين الإرهابيين".

وأشار الائتلاف إلى الحرب يشنها النظام السوري على المدنيين بمختلف الأسلحة، كما أكد أن "شعبنا يعاني إرهاب دولة أخرى ضده، هي إيران، من خلال إرسالها قوات من "الباسيج" الإيراني و"حزب الله" اللبناني لقتل شعبنا".

ولم يفت الائتلاف أن يذكر "بعض الشيعة اللبنانيين، ممن يأتون اليوم لقتال شعبنا إلى جانب النظام المجرم (..) بأن أرض سورية الحبيبة هي التي احتضنت مقام السيدة الطاهرة زينب رضي الله عنها، على مدى مئات السنين ورعت حرمته، كما أنها تحتضن رفات المرجع الشيعي الكبير السيد محسن الأمين العاملي، مثلما احتضنته في حياته سيداً مطاعاً مكرَّماً، كذلك نذكّر هذا البعض بأن سورية فتحت قلبها وبيوتها في الأعوام 1993 و1996 و2006 للجنوبيين الهاربين من وحشية العدوان الإسرائيلي، فضلاً عن احتضان مئات الوف اللبنانيين من كل المناطق إبّان الحرب الأهلية المشؤومة".

ووصف الائتلاف هذه الحالة (تدخل الحزب) بأنها "خطيئة كبرى لا يعصمنا من هول تداعياتها الراهنة والمستقبلية إلا رحمةُ الله واستنفار جهود كل العقلاء"، مضيفا: "لا بد من القول بأن الدولة اللبنانية تأتي في طليعة المكلفين بوضع حدّ حاسم لهذا الزلل التاريخي الكبير".

وبينما رسالة الائتلاف إلى اللبنانيين "قتال حزب الله في سورية، فإننا نرفض أي ردّ فعل انتقامي ضد إخوتنا الآمنين في لبنان لأي طائفة انتموا"، وذلك في إشارة إلى مجموعة تفجيرات استهدفت معاقل حزب الله في لبنان خلال الأشهر الماضية.

تركيا:

وفي سياق متصل، أفادت أرقام رسمية تركية بأن نحو 100 ألف سوري دخلوا تركيا خلال الأشهر الأربعة الماضية.


ونقلت وكالة الأناضول، استنادا لأرقام رسمية، أن أكثر من 100 ألف سوري دخلوا إلى تركيا خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي؛ عن طريق معبر "جيلوا غوزو" الواقع جنوب ولاية "هاتاي" التركية، المقابل لمعبر "باب الهوى" على الجانب السوري.

ويستمر السوريون القاطنون في المناطق القريبة من الحدود التركية، إضافة إلى قاطني البلدات والقرى التابعة لمدن حلب ودمشق وحماة وحمص واللاذقية وادلب؛ بالفرار إلى تركيا، بسبب الاشتباكات في مناطقهم، إذ يدخل بعضهم مشياً على الأقدام وآخرون بواسطة وسائل نقل، حاملين معهم بعضاً من متاعهم.

كما ويُلاحظ أن أغلب السوريين الذين يدخلون إلى تركيا؛ هم من الشيوخ والنساء والأطفال، فيما يعود بعض السوريين القاطنين في مخيمات اللجوء في تركيا إلى المناطق التي كانوا يسكنونها في سوريا، مع انخفاض حدة الاشتباكات في تلك المناطق.