ملفات وتقارير

الأبنودي: علينا التعامل مع "مؤيدي الشرعية" كأعداء

الشاعر الغنائي المصري كشف عن وجه عنصري - (أرشيفية)
كشف الشاعر الغنائي المصري عبد الرحمن الأبنودي عن وجه عنصري؛ بدعوته التي أطلقها في حواره مع جريدة "الوطن" الصادرة الأحد إلى التعامل مع "مؤيدي الشرعية" كأعداء، إلى أن يثبتوا بالدليل القاطع أنهم صاروا بشرا -على حد تعبيره-.

وقال الأبنودي في حواره عن "مؤيدي الشرعية": "لا يجب أن ننظر إليهم من ضمن القوى التي سوف تشكل المستقبل، حتى في أيام عبد الناصر حين حُبسوا، ودخلوا إلى المعتقلات، واعتقلت وظللت معهم لمدة ستة شهور، كانوا مكسورين، ومهزومين، ولكن بمجرد أن خرجوا بدأوا التسلل للتنظيم مرة أخرى، هذا داء، وعلينا أن نتعامل معهم كأعداء إلى أن يثبتوا بالدليل القاطع أنهم صاروا بشراً مرة أخرى"!

وأضاف: "أنا ضد هؤلاء بهذه التكوينة، ضد الشباب الذي يحرق المؤسسات والمنشآت والجامعات، ضد هؤلاء الفتيات، بنات مصر اللائي تحولن لوحوش ضارية، سافلة، فنحن مع مصر، وكل من يقف ضد مصر نحن ضده، مع مصر العلمية، مصر التصنيع، مصر الزراعة، مصر الحرية، مصر الديمقراطية، مصر الساعية نحو الشمس، مصر المؤمنة بالغد، وتسعى إليه، وتعمل من أجله، نحن جنود متواضعون، وخدم لهذا الهدف، أما هؤلاء الذين يريدون العودة بالوطن إلى غياهب القرون الوسطى فنحن ضدهم لا شك، ومهما كلفنا الأمر"!

ويلاحظ التحامل الشديد الذي يحكم نظرة الأبنودي إلى مؤيدي الشرعية، ورافضي الانقلاب الدموي. وكان اُفتضح في عهد الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي أنه كان يتقاضى أموالا طائلة من مجلات تصدرها وزارة الثقافة دون أي عمل يمارسه، وبزعم أنه مستشار لها، وهي أموال الشعب المطحون الذي طالما تغنى الأبنودي بآلامه، بينما كانت تلك المجلات، خاسرة، وفاشلة، ولا توزع أعدادا تُذكر.

وزعم الأبنودي في حواره أن "الإخوان لم يصبرهم الله جمعتين فقط، فبدأوا من أول لحظة، مثل المحروم الذى يرى اللحمة لأول مرة، ولننظر إلى هذا الشره في الطعام والشراب، والغرور الذي كانوا يخرجون به في التليفزيون بأقدامهم التي تدوس على رقاب الناس والمثقفين، ولا يمكن أن تعيش مع مصر مغروراً، لا تقبلك مصر مغروراً على الإطلاق، والغرور سمة من سمات الإخوان؛ لأنهم يعتقدون أنهم أبناء الله، وأنهم في الجنة، وإحنا كلنا زبالة، ووقود النار"!

وكان الأبنودي، وجه قصيدة إلى الدكتور محمد مرسي، قبل تظاهرات 30 حزيران/ يونيو 2013، بعنوان "مكانشي بيبات فيها جعان"، قال فيها، بكل سخرية، واستخفاف: 

"مكانش بيبات فيها جعان.. دلوقتي نشفت تنشيفة.. ضرايبنا رايحة على الإخوان.. وشبابنا مش لاقي وظيفة.. داير يبيعنا للترك والفرس.. ومفيش بيعة ملهاش عمولة.. بيقولوا دا اللي هيفتح القدس.. هي القدس يابني إزازة كوكاكولا.. امنع البنزين وشلّ المدينة.. برضه هيكونوا هناك في الميعاد.. هي دي الحيلة يا أبو راس تخينه.. كل ما تعاند هنزاد في عناد.. وشعبنا مش لاقي العيش.. واللي محدش بيحاسبه غضبان أوي علشان الجيش عرف الطريق تاني لشعبه.. ويا ريس المركب يا حلاوتك ياللي سواقتك عجباني.. من كتر خوفنا على راحتك هنشوفلها ريس تاني.. هنشوفلها ريس تاني".

مصر من السيسي لصباحي

الأبنودي قال في حواره مع "الوطن" أيضا: "أنا مع السيسي الآن؛ لأن الوطن يحتاجه، وقد قلت من قبل إنه من الممكن أن ننتخب حمدين صباحب بعد مدة، أو مدتين للمشير السيسي، حيث تكون الأمور قد استقرت، وخيضت معارك لا يستطيع حمدين أن يخوضها؛ لأن قضاياه ثقافية، وإذا كانت رؤيته ناصرية فإن أبناء عبد الناصر أنفسهم كانوا أكثر تقدماً باختيارهم السيسي، فهل كانت هذه انتهازية منهم، أو أن الكاكي على جسمهم حن؟ طبعاً لا، فعبد الحكيم عبد الناصر يرى جيداً، وهدى عبد الناصر تعرف جيداً ماذا تختار، وماذا تقول، وأنا أعلم أن أبناء ناصر شتموا في تجمعات تيار حمدين، وهذا أمر محزن، لكنه نتيجة التطرف، والعمى السياسي.

وأضاف: "رغم أنني من مؤيدي السيسي، ومن الذين يتمنون أن يقود هذه الأمة، لكن لا يصح أن نكيل بمكيالين، خاصة أن المكيال الأول خاص بالشباب الثوري. وأذكر هنا أن شقيقة أحد الشعراء في الإسكندرية اتصلت بي، وقالت إن الشرطة قبضت على شقيقها الطالب من الشارع، وهو ليس من الإخوان، كما قبضت على أحد أصدقائه حين سأل عنه، أي أنها بدلا من أن تذهب لتقبض على الشباب والطلاب الذين يمارسون العنف في الجامعات، ذهبت لتلتقط من الشارع، ليثبت هذا الضابط أو ذاك أنه نشيط، وأنا أرى أنه يجب أن ينظر إلى هذه المؤامرة، وأن يطلق سراح هؤلاء الشباب بقانون أو بغير قانون؛ لأن للثورة قوانينها، وإلا ستكون هذه نقطة سوداء في ثورة 30 يونيو، صحيح أنهم ضد هذه الثورة؛ لأنهم قاموا بثورة 25 يناير، ومن حقهم أن يعترضوا على 30 يونيو، بمثل ما أنه من حقنا أن نؤيد 30 يونيو، دون أن تصل المسألة إلى القبض عليهم، والزج بهم بالسجون".

القبض على الشباب الثوري 

الأبنودي تابع الحديث: "أسوأ ما حدث بعد 30 يونيو هو القبض على الشباب الثوري، مهما كانت سوآتهم؛ لأنني أرى أنك تقبض على مجموعة من الثوار المتظاهرين في شارع طلعت حرب، بحجة أنهم لم يحصلوا على ترخيص مسبق، وموافقة من الداخلية على التظاهر، ولكن لماذا سمحت لنا بالتظاهر دون تصريح في ميدان التحرير، إذن فأنت تستهدف هؤلاء الشباب، وقبل مسألة أحمد دومة وأحمد ماهر وشباب 6 أبريل، رأينا أن الكثيرين من شباب الإخوان أطلقتهم المحاكم وأفرجت عنهم، فلماذا هؤلاء؟ أعتقد أن المسألة مريبة، وأنه في هذه الظروف لن يستطيع أحد أن يمنعنا من قول إن هذا سلوك مريب، هذا إلى جانب تلك الأنباء التي تتواتر عن التعذيب في أقسام البوليس الذي يشاع أنه يتم بطريقة قاسية جداً، كأننا لم نقم بثورتين فيي 25 يناير و30 يونيو؛ لذلك حين يتحدث ذلك الشباب النافر والخارج عن الصف الذي كَوَّن صفه الخاص ليتحدث ويدين الأساليب البوليسية والحلول الأمنية، لا نستطيع إلا أن نقول له "آمين" فنحن معك في هذا". 

وقال: "في المراحل الانتقالية يصبح الانفلات السمة الرئيسية للمرحلة؛ بسبب عدم وجود رئيس، ولا برلمان؛ ولأن الشرطة منغمسة في محاربة الإرهاب، وهي ليست قوية بالشكل الذي تحكم فيه الداخل والخارج، والبلد منقسم، نخبه في ناحية، وكل مجموعة في ناحية، و"البلد مالهاش صاحب"، وهذا كله يسهل ما يحدث؛ لذلك يجب أن نتضافر ونتكاتف جميعاً لإنقاذ بلدنا، حتى يتم انتخاب رئيس جديد، حازم، وقوي، ونأتي بمجلس نواب نقى إلى حد كبير، لا يأتى فيه نفس الأعضاء المزمنين للحزب الوطني القديم، ولا بد من وضع حدود فاصلة حتى نضمن ألا يصل أحد من كل القوى التي وقفت ضد الشعب إلى البرلمان، خاصة أن هناك قوى متربصة بمجلس النواب من الآن، تدبر وتخطط لكي تستولي عليه، وأقصد بهم السلفيين الذين تركوا كل شيء، وتفرغوا لإقامة الأمسيات والندوات والمحاضرات من أجل مجلس النواب المقبل، فمصر متربص بها من كل جانب، الجميع لا يرى مصر، بل يرى نفسه، ويرى مصالحه، وينوي أن يقتنص أكثر ما يستطيع أن يقتنصه من هذه "الغلبانة" المريضة الملقى بها على قارعة الطريق".

الحب.. والفن

وكشف الأبنودي أن "المهندس إبراهيم محلب جاء لرئاسة الوزارة، وهو لا يعرفنا، وقد حيرناه بالفعل، لدرجة أنه قال لي: "هو مفيش حب ليه في الدنيا"، فقلت: بسبب عدم وجود ظروف إنسانية، فالظروف هي التي تصنع الإنسان، ومن أجل ذلك علينا أن نصنع ظروفاً ملائمة ومناسبة للإنسان، والناس مش لاقية وبتخطف من بعض فكيف نريد منهم أن يكونوا أنبياء وسط هذه الظروف؟".

وعن رأيه في الفن، قال: "الفن مثل كل الأمور الأخرى في حياتنا في مرحلة انتقالية، فالمسرح حالته سيئة جداً، وتقريباً لا يوجد مسرح، والسينما الموجودة هي التي تخطف الأنظار، وأقصد بها سينما الفتوات والعاهرات والمخدرات".

وأيضاً الأغاني، فكثير من أغنيات الشباب تنتهي مثل المواد الاستهلاكية مثل السيجارة أو زجاجة المياه الغازية، باستثناء بعض الأغنيات القليلة المهمة، كما ظهرت موجة عارمة مما يسمى الأغنيات الوطنية، أغنيات ملأت الحياة، ولكن ماذا يتبقى من هذه الأغنيات؟ أعتقد أنه لن يبقى إلا الشيء الأصيل.

وعبد الرحمن الأبنودي شاعر مصري من أشهر شعراء العامية بمصر. ولد عام 1939م في قرية أبنود بمحافظة قنا بصعيد مصر لأب كان يعمل مأذوناً شرعياً هو الشيخ محمود الأبنودي، وانتقل إلى مدينة قنا، حيث استمع إلى أغاني السيرة الهلالية التي تأثر بها. وهو متزوج من المذيعة المصرية نهال كمال، وله منها ابنتان: آية ونور.

ومن أشهر أعماله "السيرة الهلالية" التي جمعها من شعراء الصعيد، ولم يؤلفها. وقد حصل على جائزة الدولة التقديرية عام 2001، ليكون بذلك أول شاعر عامية مصري يفوز بتلك الجائزة.