سياسة عربية

الحكومة المصرية في المنفى: تحديات ومكاسب

السيسي في حضرة مرسي قبل أن ينقلب عليه

كشف المؤرخ السياسي المصري محمد الجوادي عن بدء إجراءات تشكيل حكومة مصرية في المنفى، بقرار من الرئيس محمد مرسي، بهدف الاستعداد لتسلم مصر بعد إسقاط الإاقلاب العسكري.

وأكد الجوادي على صفحته على "فيسبوك" أن حكومة المنفى ستتخذ من باريس مقراً لها، وأن 20 دولة على الأقل ستعترف بهذه الحكومة بمجرد الإعلان عنها.

العوا رئيساً للوزراء
وقال الجوادي إن الحكومة ستضم 25 وزيراً وينتمون إلى تيارات سياسية مختلفة كلهم أعضاء في البرلمان المنتخب، منهم 10 معتقلون من قبل سلطات الانقلاب فضلاً عن قيادات إسلامية معروفة، منهم باسم عودة وهشام قنديل وحازم صلاح أبو إسماعيل وأبو العلا ماضي وعصام سلطان وسعد الكتاتني ومحمد البلتاجي، وسيرأسها شخصية وطنية يشغل الآن منصباً مرموقاً خارج الحكومة.

وأضاف في تصريحات لوكالة أنباء الأناضول: "إن الحكومة سيرأسها شخصية رئيس وزراء مفوض من الرئيس مرسي لتشكيل حكومة".

وترددت أنباء عن ترؤس الدكتور سليم العوا لتلك الحكومة بمشاركة وزراء من أطياف مختلفة من الشعب المصري.

وكان العوا قد وصل إلى لندن ومن ثم إلى باريس قبل يومين، حيث سيتم الإعلان الرسمي عن تشكيل تلك الحكومة.

مغازلة مساعدي السيسي
وأعلن الجوادي أنه يقدم "مبادرة" حكومة المنفى لأصدقاء له في القوات المسلحة المصرية بعيداً عن وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، فحواها أن يتم انتظار فعل حاسم من القوات المسلحة الوطنية اعتراضاً على النفق المظلم الذي يقود الفريق السيسي البلاد إليه.

وتقضي المبادرة بتشكيل حكومة شرعية بالمنفى وتضم قيادات من التحالف الوطني لدعم الشرعية، واقترح لرئاستها المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات.

تجدر الإشارة إلى أن عدد محدود جداً من الدول هي من تعترف بسلطة الانقلاب بينها إسرائيل والسعودية والكويت والإمارات والأردن والولايات المتحدة الأمريكية.

وأكد حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين على لسان أحمد عقيل، المتحدث باسم الحزب، وجود تلك التحركات لتشكيل حكومة المنفى، مشيراً إلى أن حكومة منفى أصبح ضرورة حقيقية لا تحتمل التأجيل، وأن المواجهة تقتضي في الفترة الراهنة القيام بعدد من المهام الخارجية للتعبير عن الثورة.

ما هي حكومة المنفى؟
وتنشأ فكرة حكومات المنفى عندما تواجه مجموعة ما تمتلك الحق في حكم بلدها؛ معوقات تمنعها من ممارسة هذا الحق على التراب الوطني، فتلجأ للإقامة مؤقتاً في بلد آخر، ما يجعل الهدف الاستراتيجي لهذه الحكومة هو العودة لوطنها بعد زوال معوقات إقامة الشرعية.

وتهدف تلك الحكومات إلى سحب الشرعية القانونية من النظام الحاكم، وإيجاد بديل يمثل الدولة دولياً لتسريع عملية إسقاط النظام.

وشهد التاريخ حكومة فرنسية في المنفى في مواجهة الاحتلال النازي إبان الحرب العالمية الثانية، والحكومة الجزائرية في القاهرة عام 1958، وحكومة الخميني في باريس، والحكومة السورية الحالية في تركيا.

تحديات
ويقول مراقبون إن تشكيل حكومة المنفى أمر بالغ الصعوبة، وقد لا تنطبق شروط تكوينها على الحالة المصرية. فمصر ليست محتلة من قبل دولة أخرى، وبالرغم من القمع إلا أن هذا الأمر لا يواجه بحكومة منفى إنما بمقاومة الظلم داخل الدولة.

كما أن فكرة تلك الحكومة يشوبها احتمال عدم الفاعلية، فهي لكي تكون حكومة تحرر فاعلة لا بد من وجود دعم شعبي داخلي ودعم دولي من الحكومات الأجنبية، وإذا فشل التحالف على تأمين تأييد دولي لهذه الحكومة وتم رفضها دولياً سيؤدي ذلك إلى إحراج رافضي الانقلاب محلياً وعالمياً.

ومن ناحية أخرى، فإنه الفكرة قد تكون مربكة على الصعيد الداخلي، حيث يمكن للإعلام الموالي للانقلاب أن يستعدي الرأي العام تجاه مؤيدي الشرعية، ويشيع أنهم يستقوون بالخارج وهو ما يجعل هذه الفكرة مرفوضة شعبيا، وقد يقود لفقدان الزخم الشعبي المساند لجهود الموجة الثورية الثالثة التي تجددت قدرتها بعد دخول حركات مثل 6 أبريل والاشتراكيين الثوريين للمشهد السياسي مجدداً.

.. ومكاسب
بينما يرى محللون أن حكومة المنفى ستوفر حشداً داخلياً وزخماً سياسياً مناصر للشرعية، كما أن اختيار فرنسا مقراً لتلك الحكومة سيسهل التواصل مع المنظمات الحقوقية الدولية الكبيرة التي تتواجد فيها، كما سترفع تلك الحكومة من الروح المعنوية لمؤيدي الشرعية وتشعرهم بقرب سقوك الانقلاب العسكري.

كما أنها ستؤدي إلى تسليط الضوء على القضية الوطنية مما قد يزيد الضغط على حكومة الانقلاب، ويرسل رسالة واضحة بأن الانقلاب أوشك على الانهيار وأن البلاد ستحتاج إلى حكومة جاهزة لإدارة شئونها.