ملفات وتقارير

التجييش المذهبي يزيد حرائق المنطقة اشتعالا

هل المواجهة المسلحة في سوريا إحدي تجليات الصراع المذهبي؟


أثار حديث الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في خطابه بعد تفجيرات ضاحية بيروت الجنوبية الشهر الماضي، ردود أفعال قوية وعنيفة، وصلت حد التجييش الطائفي بالمنطقة، بحسب مختصين.

فقد خاطب نصرالله، الجماعات المقاتلة في سوريا، واصفا إياها بـ"الجماعات التكفيرية، قائلا: "إذا كنتم تدّعون، أنكم تعاقبون حزب الله على تدخله في سوريا، أقول إنكم أنتم الأشد فتكا بالشعب السوري".، مبينا أنه "إذا احتاجت المعركة مع هؤلاء، أن أذهب أنا وكل حزب الله إلى سوريا، فسنذهب"، الأمر الذي يجر المنطقة إلى الفتنة المذهبية، كما يقول مراقبون.

ففي الردود القوية والعنيفة من قبل قوى سنية، أعلنت مجموعة مسلحة تطلق على نفسها كتائب عبد الله عزام، مسؤوليتها عن تنفيذ التفجيرين، اللذين استهدفا السفارة الإيرانية في بيروت، يوم الثلاثاء (19/11)، مما أدّى إلى وقوع 23 قتيلا، وحوالي 146 جريحا.

من جهته وفي سياق الردود القوية، سارع الحرس الثوري الإيراني باتهام المخابرات السعودية بالضلوع في تفجيري السفارة الإيرانية في بيروت، لافتا إلى أن الرد الإيراني على الهجوم لن يتأخر كثيرا.

د.نبيل العتوم: جمهورية إيران 
ممهدة لجمهورية "المهدي"


من ناحيته، قال المختص والخبير في الشؤون الإيرانية الدكتور نبيل العتوم معلقا: "إن ما يجري في المنطقة هو من إفراز التجييش المذهبي، لافتا إلى أن ذلك، يلعب دورا أساسيا ومركزيا في السياسة الخارجية الإيرانية". 

وفي تصريحات خاصة لـ"عربي 21"، بين العتوم أن المادة الخامسة من الدستور الإيراني نصت على "أن الجمهورية الإسلامية الحالية في إيران هي الجمهورية الممهدة للإمام المهدي، لذا فإن هذه الدولة تعتبر هذه الجمهورية مؤقته من ناحية، ولها رسالة مذهبية من ناحية أخرى".

وأضاف، أن مراجع التقليد، كمرشد الثورة الذي يعتبر ولي أمر المسلمين، والقريبين منه، يلعبون دورا مهما في تحديد السياسية الإيرانية، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، حيث يقومون بتوجيه المؤسسات الصلبة في إيران توجيها مذهبيا صارما.

وأوضح، في سياق جوابه عن كيفية توظيف إيران، للبعد المذهبي في خدمة سياساتها ومصالحها الخارجية، بأن مراجع التقليد يقومون بتعبئة مقاتلي الحرس الثوري الإيراني، وغيرهم من الشيعة العراقيين واليمنيين (الحوثيين) والكويتيين المشاركين في القتال الدائر على الأرض السورية، بعقيدة تنص على أن مما يعجل بظهور إمام الزمان (المهدي) كثرة القتل حتى يصل إلى ألف ألف إنسان، ما يوفر غطاء عقائديا مذهبيا لتجييش ألاف المقاتلين من الشيعة للذهاب إلى سوريا.

د. شومر: استدعاء الصراع التاريخي بين الفرس والعرب

من جانبه، رأى رئيس قسم العلوم الإنسانية في جامعة فيلادلفيا الأردنية، الدكتور توفيق شومر، أن التجييش المذهبي بدأ منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران، مما دفع بعض القوى الامبريالية والرأسمالية إلى البحث عن طريقة لضرب أسافين في المنطقة.

وقال شومر، : "إن الحديث بدأ فجأة باستدعاء الصراع التاريخي بين الفرس والعرب، الذي أخذ أبعادا كثيرة، ثم اسُتحضر الخلاف السني الشيعي مرة أخرى، وتم الاشتغال على ذلك من قبل جهات ودول استثمرته كورقة لتحقيق مصالحها.

ياسر الزعاترة: ما يحدث يجر المنطقة 
إلى حرب مذهبية باردة وساخنة


بدوره رصد الكاتب، ياسر الزعاترة، ارتفاع النبرة المذهبية في خطاب حسن نصر الله ، لافتا إلى أنه لم يسبق لأمين عام حزب الله التحدث بهذه النبرة المذهبية العالية من قبل.
وقال إن النبرة المذهبية: "ظهرت على نحو أكثر تشددا، في خطاب نصر الله يوم القدس العالمي، الذي حدد فيه هوية حزبه بأنه شيعي إمامي إثني عشري،على خلاف الطريقة التي كان يقدم نفسه بها طوال العقود الفائتة.

وخلص إلى القول بأن ما فعلته إيران في الملف السوري، لن يستنزفها هي كقوة إقليمية فقط، بل سيجر المنطقة إلى حرب مذهبية باردة وساخنة، ستكون لها تداعياتها المرة والخطيرة على المنطقة بأسرها.  واستدرك الزعاترة، أن ذلك سيعتمد على السلوك التالي لإيران، وما إذا كانت ستستبدل شعار المقاومة  بلافتة الدولة راعية المذهب.