حقوق وحريات

"عربي21" ترصد عمليات النزوح من رفح وجباليا.. ظروف قاسية (شاهد)

قوات الاحتلال بدأت الاثنين عدوانا بريا على رفح ودفعت الناس للنزوح بالتزامن مع تهديدها بعملية عسكرية في جباليا- إكس
توجه الأخوان حسن وعبد الله منذ الصباح الباكر اليوم السبت، من منطقة تل السلطان غرب رفح، إلى "المواصي" التابعة لخانيونس، أملا في إيجاد مكان لنصب خيمتين تؤويان عائلتيهما، إلا أنهما فشلا في المهمة.

يقول عبد الله لـ"عربي21"، إنه منذ الساعة الخامسة من صباح السبت، غادر خيمته غرب رفح رفقة أخيه حسن مشيا على الأقدام، وتوجها إلى منطقة المواصي، الواقعة غرب مدينة خانيونس، للبحث عن مكان يصلح لإقامة خيمتي عائلتيهما، حيث بحثا مطولا هناك، وتحديدا في محيط منطقة "بئر 19"، إلا أن الاكتظاظ الشديد، وعدم توفر بنية تحتية، مع غياب مصادر المياه، أصابهما بالإحباط.

عدل حسن وعبد الله عن فكرة النزوح، وسلما بالبقاء رفقة عائلتيهما في منطقة تل السلطان غرب رفح، رغم خطورة المنطقة، وتهديد الاحتلال بتوسيع عدوانه البري على رفح، لكنهما بقيا على أمل في أن يصلهما اتصال من أحد الأقرباء يخبرهما بتوفر مكان للإقامة أو خيمة تؤويهما في المناطق التي زعم الاحتلال أنها "إنسانية" ومخصصة للنازحين.


تواصل عمليات النزوح
وتتواصل عمليات النزوح من رفح جنوب قطاع غزة، هربا من العدوان البري الآخذ في الاتساع، والذي تنفذه قوات الاحتلال منذ يوم الاثنين، انطلاقا من المناطق الواقعة شرق المدينة.

ونزح عشرات آلاف الفلسطينيين من وسط مدينة رفح جنوبي غزة إلى مناطق غربي القطاع، السبت، بعد ساعات على تحذير جيش الاحتلال بإخلاء المنطقة تمهيدا لتوسيع عملياته العسكرية بالمدينة.

وتجري عمليات النزوح وسط ظروف إنسانية بالغة الصعوبة، فبينما لا يجد النازحون ما يقلهم في رحلة النزوح الشاقة المضنية، يجدون أنفسهم مضطرين للسير كيلومترات عديدة مشيا على الأقدام، فيما يعاني من وصلوا إلى مناطق النزوح من ظروف سيئة، في ظل عدم توفر الخيام والخدمات الأساسية المنقذة للحياة، كالمياه، الأمر الذي يعقد الأزمة، في ظل صمت دولي واستفراد من قبل قوات الاحتلال بالمدنيين العزل.

ورصدت "عربي21" نزوح آلاف الفلسطينيين من أحياء وسط رفح إلى غربي مدينتي دير البلح وخانيونس، حيث أعاد النازحون نصب خيام في المناطق التي وصلوا إليها في ظل عدم توفر أي مأوى فيها.

وفي ظل ندرة المواصلات والأعداد القليلة من السيارات والشاحنات التي ساعدت الفلسطينيين على النزوح من رفح، اضطر الكثيرون إلى المشي لمسافات طويلة حاملين معهم ما تيسر من ألبسة وأغراض، وسط ظروف جوية قاسية حيث الحر الشديد، وغياب الخدمات الأساسية على طول الطريق الذي يمتد من شمال غرب رفح، مرورا بغرب خانيونس، وصولا إلى دير البلح إلى الشمال قليلا، حيث يغلب عليه الطابع الصحراوي.

نزوح جديد من جباليا 
بالانتقال إلى شمال قطاع غزة، وتحديدا مخيم جباليا ومحيطه، لم يكن الوضع أحسن حالا، بل إن المعاناة هي ذاتها، في ظل تواصل عمليات النزوح من المخيم والمناطق المحيطة فيه، صوب مناطق غرب غزة، في أعقاب تهديد قوات الاحتلال بشن عملية عسكرية قاسية في المنطقة.

وبشكل متزامن، وسع جيش الاحتلال هجماته البرية والجوية، السبت، في جميع محافظات غزة بعد مطالبته بتهجير أهالي مناطق واسعة شمالي القطاع ووسط مدينة رفح، وتوغله جنوبي مدينة غزة وشرقي خانيونس، إضافة إلى تنفيذه سلسلة غارات عنيفة أسفرت عن عشرات القتلى والجرحى بمناطق متفرقة من القطاع.

في جباليا حيث يدفع الاحتلال الناس للنزوح مجددا، انتظرت "مريم" أكثر من ساعتين عند منطقة "الترانس" وسط المخيم كي تحظى بمركبة تقلها نحو مناطق غرب غزة، حيث قررت النزوح رفقة ابنتيها وأخواتها الثلاث، فيما رفضت أمها ترك المخيم، وطلبت منهن جميعا التحرك غربا.

تقول مريم لـ"عربي21" وهي تبكي: لا أدري كيف لي أن أتحرك في ظل هذه الظروف، فلا أدري أين نذهب، ولا وجود للمواصلات ولا السيارات التي يمكن أن تقلنا إلى تلك المناطق.

اضطرت مريم رفقة عائلتها إلى السير مشيا على الأقدام، وصولا إلى منطقة الشيخ رضوان، حيث ستبحث هناك عن بيت لأحد الأقارب يمكن أن تبيت ليلتها فيه، إلى حين تدبر أمرها لاحقا.

واضطر الآلاف إلى النزوح من جباليا السبت، باتجاه مناطق وأحياء النصر، والشيخ رضوان، والشاطئ، التي تبعد بين 5 إلى 8 كيلومترات عن جباليا، في ظل غياب وسائل النقل وظروف صعبة للغاية.

مناطق النزوح جنوب القطاع

ورغم التحذيرات الدولية المتصاعدة تجاه توسيع العمليات العسكرية، دعا جيش الاحتلال صباح السبت، إلى تهجير سكان أحياء في قلب مدينتي رفح وجباليا بشكل فوري، ليوسع بذلك عملياته التي بدأت الاثنين، في رفح شرقي المدينة، ويمهد لعدوان جديد على شمال القطاع وصولا إلى جباليا.

وطالب، في بيان، أيضا سكان ونازحي مناطق واسعة شمالي قطاع غزة بإخلائها والتوجه إلى غرب مدينة غزة.

ويدفع جيش الاحتلال نحو تجميع نازحي رفح بمنطقة المواصي الواقعة على الشريط الساحلي للبحر المتوسط، وتمتد على مسافة 12 كلم وبعمق كيلومتر واحد، من دير البلح شمالا، مروراً بمحافظة خانيونس جنوبا، وحتى بدايات رفح أقصى جنوب القطاع.

وتعد المنطقة مفتوحة إلى حد كبير وليست سكنية، كما تفتقر إلى بنى تحتية وشبكات صرف صحي وخطوط كهرباء وشبكات اتصالات وإنترنت، وتقسم أغلب أراضيها إلى دفيئات زراعية أو رملية.