نشرت مجلة "
إيكونوميست" تقريرا تناولت فيه التصعيد الإسرائيلي في سوريا ونذر الحرب الواسعة في المنطقة.
وقالت المجلة، إن الهجوم الأخير الذي قتل قياديين بفيلق القدس بضرب القنصلية
الإيرانية في العاصمة السورية
دمشق هو محاولة إسرائيلية لامتحان صبر إيران.
وأضافت، "من الصعب الحديث عما هو أهم من قتل أو في أي مكان، ففي 1 نيسان/إبريل هدم هجوم يعتقد أنه إسرائيلي بناية في مجمع السفارة الإيرانية في دمشق، وقتل الانفجار سبعة أشخاص، من بينهم عدد من الضباط الإيرانيين من ذوي الرتب العليا".
وتابعت، "كان تصعيدا خطيرا في حرب الظل بين إسرائيل وإيران وضرب أهداف تعتبر محظورة بموجب القانون الدولي، والسؤال عن الطريقة التي ستختارها إيران للرد، سواء بالهجوم على إسرائيل مباشرة أو ضرب داعمتها الأجنبية، أمريكا".
وقتل في الانفجار الجنرال محمد رضا زاهدي، قائد فيلق القدس، التابع للحرس الإسلامي الثوري. وعمل لسنوات طويلة كقائد للعمليات في سوريا ولبنان.
ويقول المحللون العرب والإسرائيليون إنه كان مقربا من زعيم حزب الله في لبنان، حسن نصر الله، كما قتل معه نائبه وخمسة آخرون.
ويعتبر زاهدي، الجنرال الأعلى رتبة الذي يقتل منذ اغتيال الولايات المتحدة الجنرال قاسم سليماني في عام 2020.
وأوضحت المجلة، "أن الإسرائيليين لا يعلنون المسؤولية عن الهجوم، مع أنهم في أحاديثهم الخاصة لا يدعون أي مجال شك لتأكيد الدور الذي لعبوه، ولكنهم قالوا إن الطرف الذي فجر السفارة له الحق بعمل هذا".
وقال المتحدث باسم جيش
الاحتلال الإسرائيلي دانيال هغاري إن البناية التي ضربت هي منشأة عسكرية بغطاء مدني.
وذكرت المجلة، "أن وجود العسكريين الإيرانيين في سوريا ليس من أجل التفاوض على صفقات تجارية، كما ورفضت ما بدر عن المسؤولين الإيرانيين بأن القنصلية لها حصانة دبلوماسية، ووصفت تصريحاتهم بأنها مثيرة للاشمئزاز، مذكرة بأن أول عمل قامت به إيران عام 1979 هو احتجاز الرهائن في السفارة الأمريكية".
واستدركت المجلة قائلة إن قداسة السفارة هي عرف دولي طويل. إذ لو كان مجرد وجود العسكريين في القنصلية الإيرانية سببا لتبرير الهجوم، فإن بعض السفارات الإسرائيلية ستكون هدفا مشروعا أيضا.
وأردفت، "حتى السعودية، المنافس الإقليمي لإيران سارعت لشجب الغارة، مع أنها لم تذكر إسرائيل في بيانها".
وتابعت المجلة، "أن إسرائيل تقاتل منذ خرق مقاتلي حماس الجدار الأمني ودخولهم إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر على جبهتين:
غزة وضد حرب الله في لبنان، حيث قام الحزب بهجمات شبه يومية ضد قواعد الجيش في شمال إسرائيل، لكنه كان حذرا من شن حرب شاملة، فمعظم اللبنانيين لا يريدون انجرار بلدهم لواحدة، ولا تريد إيران المخاطرة بواحدة من جماعاتها الوكيلة".
ومن جانبه، تجنب الاحتلال ضرب العمق اللبناني خشية إثارة رد قوي من حزب الله، واقتصرت غاراته على الجنوب اللبناني، مع أنها ضربت في سهل البقاع بالفترة الأخيرة.
ورأت المجلة، "أن إسرائيل لم تتحفظ بالأهداف التي تضربها في سوريا، فبعد مرور عقد أو يزيد على الحرب الأهلية، لم يعد نظام بشار الأسد قويا ليرد على الغارات الإسرائيلية، ولا تملك الميليشيات الشيعية الترسانة العسكرية القوية التي يحتفظ بها حزب الله، وضربت إسرائيل في سوريا ضباطا إيرانيين وميليشيات حليفة لإيران وشحنات أسلحة في طريقها لحزب الله".
وتحولت سوريا إلى محور حر للغارات الإسرائيلية، حيث شنت عشرات الغارات عليها منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر ودمرت قيادة الحرس الثوري في سوريا.
وفي نهاية العام الماضي قتلت جنرالا إيرانيا في دمشق. وفي منتصف كانون الثاني/يناير قتلت خمسة ضباط بمن فيهم مسؤول الاستخبارات للحرس الثوري في سوريا.
كما وضربت حزب الله ومطار حلب في 29 آذار/مارس وقتلت سبعة من أفراد المجموعة وعددا من الجنود السوريين.
وبعد مقتل سليماني، ردت إيران بوابل من الصواريخ ضد قواعد أمريكية في العراق، إلا أنه لم يكن الرد الذي طالب به البعض في المعسكر المتشدد.
وقالت المجلة، "هذه المرة، سيكون الضغط المحلي أقوى، ففي الأشهر الأخيرة تحملت إيران عدة غارات، لكن استهداف إسرائيل السفارة في دمشق هو بمثابة استهداف للتراب الوطني".
وأشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية إلى أن إيران قد ترد مباشرة عوضا عن استخدام جماعاتها الوكيلة.
وقال في بيان يوم الثلاثاء "سيتم عقاب نظام الشر على أيدي محاربينا الشجعان". وربما كان هذا كلاما فارغا، بخاصة أن إيران طالما فضلت القتال من خلال جماعاتها الوكيلة.
وفي ذات الليلة التي قصفت فيها القنصلية، ضربت مسيرة انطلقت من العراق ميناء إيلات الإسرائيلي، وربما دعمت إيران هجمات كهذه وضربت أمريكا.
وحاول البلدان خفض التوتر منذ 28 كانون الثاني/يناير بعدما ضربت مسيرة قتالية قاعدة عسكرية أمريكية في الأردن وقتلت ثلاثة جنود أمريكيين، وهو هجوم ردت عليه أمريكا باستهداف مواقع إيرانية في سوريا والعراق. وأمرت طهران جماعاتها الوكيلة بوقف الهجمات، حيث نفذت الطلب وإن على مضض، وفقا للمجلة.
وقام الأمريكيون وعلنا بالتأكيد على عدم علاقتهم بالهجوم على السفارة وهي نفس الرسالة التي مرروها عبر وسطاء إلى الجانب الإيراني، إلا أن الإيرانيين لم يقتنعوا على ما يبدو.
وقال وزير الخارجية الإيراني حسين عبد اللهيان يوم الثلاثاء: "يجب محاسبة أمريكا".
وصدرت عن مستشار المرشد، علي شمخاني تصريحات مماثلة حيث قال إن أمريكا "مسؤولة بشكل مباشر" عن الهجوم.
وبعد ساعات من التفجير، أسقط الأمريكيون مسيرة قتالية حلقت قريبا من قاعدة التنف، ولا يعرف المسؤولون إن كان هدفها هو القاعدة أم لا، لكنها أول مسيرة تظهر منذ شباط/فبراير.
وترى المجلة أن إسرائيل تلعب لعبة خطيرة في سوريا، وتعتقد أن لديها فرصة نادرة لإضعاف جماعات إيران الوكيلة في المنطقة وأن طهران القلقة من حرب واسعة لن تنتقم بطريقة كبيرة.
وختمت المجلة تقريرها بالقول، "حتى الآن كانت مقامرة إسرائيل صحيحة، لكن الأداء في الماضي لا يضمن المستقبل، فلو تمادت إسرائيل فعندها ستدخل المنطقة بنزاع فوضوي".