ملفات وتقارير

"العادلي" تنازل للدولة عن أراض اتهم بالاستيلاء عليها.. تفاصيل أكبر قضية فساد وعلاقتها بهشام جنينة

وزير الداخلية المصري الأسبق حبيب العادلي يتنازل للدولة عن أراض اتهم سابقا بالاستيلاء عليها وبرأته المحكمة- الأناضول
ينتشر في الثقافة الشعبية المصرية مثل شعبي "يقتل القتيل ويمشي في جنازته" في تعبير عن عدم الخجل من ارتكاب الجرائم والأفعال المشينة. وهو ما يشار إلى أن وزير الداخلية المصري الأسبق، طبّقه، بعد تنازله عن أراض كان قد اتّهم بالحصول عليها بطرق غير مشروعة، خلال فترة تولّيه رئاسة جهاز أمن الدولة ثم وزارة الداخلية المصرية، والتي برأته المحكمة منها لاحقا. 

وكشفت وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية المصرية، عن تنازل وزير الداخلية الأسبق، حبيب العادلي، عن قطعة أرض للدولة، بالحزام الأخضر في 6 أكتوبر، بعد تنازله عن 50 في المئة، بموقع بديل، وفق بيان الوزارة



وكانت محكمة جنايات الجيزة، قد وجّهت للعادلي تُهم الكسب غير المشروع، في أعقاب ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير، بعد حصوله على قطعتي أرض بالحزام الأخضر بمدينة السادس من أكتوبر، وادّعى زراعتها، رغم أن قانون هيئة المجتمعات العمرانية ولائحته العقارية يحظر على العاملين بالدولة الحصول على أراض بتلك المنطقة، لكونها مخصصة لأغراض الزراعة.

وكان العادلي، قد خالف بذلك الحظر، "مُستغلا نفوذه وحقق كسبا غير مشروع بمقدر 6 ملايين و395 ألفا و300 جنيه"، وذلك وفقا للائحة الاتهام.

وفي آذار/مارس 2015 برأت محكمة جنايات الجيزة، وزير الداخلية الأسبق، في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، من التهم المنسوبة إليه في قضايا الكسب غير المشروع، وألغت قرارات التحفظ على أمواله وأموال عائلته، والتي من ضمنها قطعتا أرض بالحزام الأخضر بمدينة السادس من أكتوبر، التي تنازل عنها للدولة مؤخرا.

وكانت "عربي21" في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، قد انفردت بالكشف عن قضية استيلاء العادلي على أراضي الحزام الأخضر في مدينة السادس من أكتوبر، حيث كشف مصدر  في جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة المصرية لـ"عربي21" عن معلومات تفصيلية، توضح جوانب خفية، في أكبر قضية فساد بمصر.

وأشارت المعطيات إلى أن "رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، قد قام بنفسه، بالتستر عليها، من أجل إرضاء العديد من أجهزة الدولة الرقابية والسيادية، وبتدخل مباشر من نجله مصطفى الذي يعمل حاليا مسؤولا كبيرا في هيئة الرقابة الإدارية".


وكشف المصدر المطلع، بحكم عمله داخل مشروعات أراضي الجيش، تفاصيل الحلقات المفقودة في القضية المعروفة إعلاميا بـ"الحزام الأخضر"، التي يُحاكم فيها وزير الإسكان الأسبق، محمد إبراهيم سليمان، ورجل الأعمال، سمير زكي عبد القوي، وثلاثة من مسؤولي هيئة المجتمعات العمرانية، بتهمة "التربّح والإضرار بالمال العام، وذلك عن طريق بيع مساحات كبيرة من الأراضي بأقل من سعرها".

أكبر قضية فساد
ونوه المصدر- في تصريحاته الخاصة لـ"عربي21"- إلى أن "رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق المستشار هشام جنينة كتب تقريرا حول تلك الجريمة الكبرى، وأوضح كل تفاصيله، وكيف تغيرت الأراضي من هذا إلى ذاك"، مطالبا بالكشف عن الوثائق والمستندات الخاصة بهذه القضية، والكشف عن الأسماء التي حصلت على الأراضي.

وتابع: "قام المستشار جنينة بتشكيل فريق عمل محترف بشكل سري لمعرفة أبعاد وحجم الفساد بالحزام الأخضر، واستطاع كشف الكثير في هذه القضية، وتمت كتابة النتائج في تقرير مُفصل تم وضعه في مظروف مغلق، وتم إرساله للنائب العام، الذي فتح التحقيق في مكتبه، لكنه قام بحفظ التحقيق لأسباب يعلمها الجميع، ودون إعلان جنينة أو الرأي بتلك الأسباب"، مؤكدا أن "تقرير جنينة لا يزال موجودا في المكتب الفني للنائب العام، ومُتحفظ عليه بشكل سري حتى الآن".

وقال: "بعدها، أرسل المستشار جنينة، للنائب العام، خطابا رسميا، للاستفسار عن الأسباب التي دفعته لحفظ التحقيق، لكن تم إبلاغه بأنه ليس من حق أي أحد أو جهة الاستفسار عن أسباب حفظ تحقيق النائب العام، بزعم أن النيابة العامة لا تُسأل عن نتائج تحقيقاتها، وانتهى الأمر إلى حفظ القضية وإغلاقها تماما، بناء على تعليمات سيادية عُليا، وهذا أحد الأسباب التي دفعت جنينة للإعلان عن الحجم الهائل من الفساد التي تورطت فيه مختلف أجهزة الدولة، وهذا أحد الأسباب الرئيسية التي أدت للإطاحة بجنينة من منصبه".

عش الدبابير
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، تحدث المستشار هشام جنينة عن أكبر قضية فساد بأراضي "الحزام الأخضر"، مؤكدا أنه "يتعرض لحملة ترهيب باستخدام سلاح القانون"، مضيفا: "لست أنا وحدي من تم ترهيبي، بل أعضاء الإدارة المعنية التي رصدت هذه التجاوزات في منطقة الحزام الأخضر".


وأضاف- في عدّة تصريحات إعلامية- أن هناك "تراخيا وتعمدا من الجهة الإدارية عن تطبيق حكم القانون، والجهاز المركزي للمحاسبات هو وحده الذي كشف عن هذا الفساد والاعتداء على المال العام الذي استبيح على أوسع نطاق"، لافتا إلى أنه "وضع يده على أكبر قضية نهب لأراضي الدولة".

وأوضح أن "القانون رسم طريقا خاصا بحق الطعن والتظلم على قرارات النائب العام، الذي قال: إنه أصر على الامتناع عن إبداء أسباب الحفظ أو إطلاع الجهاز المركزي للمحاسبات وموافاته بصورة من مذكرة الحفظ أو التصريح لنا بالادعاء المدني حتى نتمكن من الطعن أمام الجهة المختصة".

وأشار جنينة إلى أن "سبب الاحتقان، يعود لأن كل من حصلوا على الأراضي داخل الحزام الأخضر أسماء تنتمي لوزارة الداخلية، والنيابة العامة، والرقابة الإدارية، ونادي القضاة، والمخابرات"، ساخرا بقوله:" أنا دخلت عش دبابير، وكان من المفترض أن أغلق هذا الملف وأرتاح".

وفي أيلول/ سبتمبر 2016، قال جنينة، خلال مرافعته عن نفسه: "ما أقدمت عليه هو الدخول في الخطوط الحمراء التي يعتبرها الجميع لا يجوز الاقتراب منها، وهي ما يطلق عليها الأجهزة السيادية، وهذه بدعة ابتدعها بعض أصحاب المصالح، وبعض الرجال النافذين في الدولة ليضفوا على أنفسهم الحماية، لأنه لا سيادة إلا للشعب وفقا للقانون والدستور".