قضايا وآراء

تصريح العار حول الأنفاق بين مصر وغزة

ما قام به هذا النظام هو إخلاء مساحة هائلة من أرض رفح، تمت بناء على تدمير مساحات تبلغ 14 كيلومترا تقريبا، وقد كان هذا الهدم دليلا على هدم أمور أخرى معنوية معه- الأناضول
في كل مرحلة تاريخية، تثار شكوك حول نظام من الأنظمة، أو جهة من الجهات، حول علاقتها بعدوها وعدو أمتها، ويظل الناس ينتظرون لسنوات، حتى يتم رفع الحظر عن وثائق هذه المرحلة. إلا أننا نعيش في مرحلة أعتقد أن الباحث وأهل الفكر والثقافة لن يحتاجوا الانتظار لسنوات لمعرفة علاقة النظام المصري الحالي بالكيان الصهيوني.

كنا من قبل نعتمد على خسة الكيان الصهيوني في فضح وكشف حلفائه، ومن يتعاونون معه، فمن أبرز أخلاقه: بيع الحليف، وكشفه، وهو ما رأيناه في كلام محامي الكيان في محكمة العدل الدولية، حين قال: إن من يمنع المساعدات الإنسانية من الدخول لغزة، هو النظام المصري. وخرج الإعلام المحسوب على السلطة المصرية، يكذب الكيان، وهو كاذب بالفعل، لأن من يمنع هو الكيان، ولكن لماذا باع حليفا استراتيجيا في هذه اللحظة؟ لأنه يخشى الإدانة، فلا مانع لديه من بيع حليف، كي ينفي التهمة عن نفسه.

وفي نفس السياق، أراد الكيان إسقاط ورقة التوت عن هذا النظام، فيما يخص القضية الفلسطينية، وبخاصة غزة، فقد صرح ضياء رشوان، بأنه تم تدمير (1500) نفق بين مصر وغزة، وتم عمل سور كبير حاجز بين مصر وغزة، يبلغ طوله فوق الأرض ستة أمتار، وتحت الأرض ستة أمتار، بما يعني استحالة عمل أنفاق.

هذا التصريح الذي لا يوجد له عنوان: سوى أنه تصريح عار، ويمس سيادة وعروبة وإسلامية هذا النظام، فالذي يتأمله على جميع الأوجه لا يخرج عن أحد رأيين، إما أن هذا نظام عميل للعدو الصهيوني، أو فاقد للسيادة، فإن كان فعل ما فعل بأمر من الصهاينة، أو فعلها دون طلب منهم خدمة لهم، فهي مشاركة فعلية منه لخنق أهل غزة، فوق الأرض وتحت الأرض، رسميا وغير رسمي.

صرح ضياء رشوان، بأنه تم تدمير (1500) نفق بين مصر وغزة، وتم عمل سور كبير حاجز بين مصر وغزة، يبلغ طوله فوق الأرض ستة أمتار، وتحت الأرض ستة أمتار، بما يعني استحالة عمل أنفاق.
لو تركنا الحكم الشرعي دينيا في ذلك، وهو حكم قاس جدا، حكم به وأفتى كل الجهات الإفتائية في مصر، منذ عهد الملكية إلى الجمهورية العسكرية، بردة من يتعاون مع المحتل ضد أهله وإخوانه، فلننح الفتوى المتعلقة بالموضوع الآن، ولنقف مع الجانب الوطني والسياسي.

لقد قام هذا النظام العسكري منذ عهد عبد الناصر، وذكر للمصريين، وللإقليم والعالم، عن سبب قيامه، وإزالته الملكية، وكانت أهداف وأسباب ثورة يوليو العسكرية ستة أهداف، منها: احتلال فلسطين، وظلت هذه الأهداف والأسباب تدرس في كل كتب التاريخ المدرسي، منذ المرحلة الابتدائية وحتى الثانوية، لنيل شرعية وجود هذا النظام، ثم يأتي هذا النظام العسكري، الذي هو امتداد لحكم يوليو، والذي لم يعد لديه ملف يحتاجه العالم لأجله، سوى الملف الفلسطيني، فيتعامل معه بهذا الأداء الفاضح والمخزي.

لنقف على حجم الجريمة التي ترتكب بشأن أهل غزة والقضية الفلسطينية، نحن نتكلم عن شعب محتل، يقاوم محتلا، في ظل مساعدات وعون عسكري دولي من أمريكا ودول أوروبية، في وضح النهار، وأمام الجميع، ولا يقوى أي نظام عربي على المساعدات الإنسانية، وعلى رأسها أم الدنيا؛ مصر، والأصل أن العون العسكري منها لغزة هو واجب عروبي، قبل أن يكون واجبا دينيا.

لكن ما قام به هذا النظام هو إخلاء مساحة هائلة من أرض رفح، تمت بناء على تدمير مساحات تبلغ (14) كيلومترا تقريبا، وقد كان هذا الهدم دليلا على هدم أمور أخرى معنوية معه، فالبيوت ليست جدرانا فقط، بل هي جدران تحوي علاقات وأواصر اجتماعية كبرى، وجاء الهدم والإزالة ليزيل المادي والمعنوي معا، وليزيل من قلوب الناس الشعور بأنه مواطن في دولة تستهدف خدمته ورضاه، بل وجدها تستهدف خدمة ورضا العدو.

وكي نشعر بحجم الخيبة والعار فيما جرى في موضوع الأنفاق والمعبر، تخيل لو أن مصر في حرب السادس من أكتوبر سنة 1973م، خذلتها سوريا والأردن، ولم تقدما يد العون العسكري لها، ورفض الرئيس الجزائري هواري بومدين إمداد مصر بشاحنة سلاح كانت في عرض البحر، فحول وجهتها لمصر، ولو أن الملك فيصل والعرب الذين منعوا البترول، لم يفعلوها؟ ما نظرة المصريين وقتها وبعدها للعرب؟! هذه هي النظرة التي ينظرها العالم العربي والإسلامي لمثل هذا التصريح الذي يحمل عارا وخزيا لمصر السلطة، لا مصر التاريخ والحضارة والشعب، الذي يتحرق شوقا لنصرة وإغاثة أهل غزة وفلسطين.

Essamt74@hotmail.com