قال المحلل العسكري الإسرائيلي، عاموس هرئيل، إن
"إسرائيل" تجد نفسها أمام معضلة صعبة جدا، بعد الهجوم المفاجئ والفعال
لحماس، بنتائجه الرهيبة، لتجنب التورط في حرب متعددة الجبهات تشمل حزب الله، في ظل
خيارات غير ناجحة.
وقال في مقال له بصحيفة هآرتس العبرية،
إننا اليوم نواجه واقعا جديدا، "حيث يحتجز العدو أيضا عشرات الأسرى وعددا
كبيرا من جثث الجنود الإسرائيليين والمستوطنين".
وقال إن أمامنا معادلة صعبة، وهناك عدة خيارات للتعامل
معها، ومنها "مفاوضات
سريعة من أجل التوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى فيها ستطالب حماس بثمن مرتفع جدا
بتحرير السجناء وتسجل لنفسها انتصارا معنويا عظيما آخر، إضافة إلى قصف من الجو لأهداف
حماس في القطاع، الذي في إطاره سيصاب أيضا آلاف المدنيين
الفلسطينيين؛ وتعزيز
الحصار وضرب البنى التحتية في القطاع إلى درجة الخوف من كارثة إنسانية والتدخل
الدولي؛ أو القيام بعملية برية واسعة ستؤدي إلى خسائر كثيرة في الطرفين وربما حتى
أن تفشل".
وقال إن القصف العنيف على
غزة، من غير
الواضح إلى أين سيؤدي ذلك على المدى، خاصة أنه لا خيار ناجح من الخيارات السابقة،
لكن هذه طبيعة المعضلات الصعبة.
وأضاف: "هذا المحك يجب أن يجتازه الآن رئيس الحكومة الذي أدخلنا إلى هذا الشرك من البداية، ورؤساء أجهزة الأمن الذين يعانون من أزمة ثقة
صعبة معه والوزراء الذين في معظمهم ليست لهم تجربة سياسية أو أدنى قدر من
المسؤولية، وجميعهم لديهم خلفية عسكرية ضئيلة جدا".
ولفت
إلى أن التسريبات من جلسة الحكومة "ظهرت في البداية محرجة إزاء مستوى هذه
النقاشات، ولكن بالتحديد لهذا السبب كان لها أهمية في أوساط الجمهور، فقد أثبتت إلى أي درجة معظم أعضاء الحكومة غير مناسبين لمناصبهم، لا سيما في هذا الوقت
الصعب، وبعض الوزراء تبين أنهم، من خلال الاقتباسات، زمرة من الأشخاص المشاكسين.
وإذا لم يكن هذا كافيا فقد أعلن بنيامين نتنياهو أمس، بعد أن مد الوقت طوال سنة،
عن تعيين منسق جديد لشؤون الأسرى والمفقودين".
وقال
هرئيل: "الصورة الاستراتيجية الشاملة بقيت معقدة جدا حزب الله يعطي إشارات من
لبنان بواسطة إطلاق قذائف الهاون على مزارع شبعا، بأن منظمته ألقت عليه المسؤولية.
الجيش الإسرائيلي رد بقصف جوي، ومن غير الواضح كيف سيرد حزب الله على تجديد
العملية الإسرائيلية في غزة."
وأوضح أنه من ضمن النقاشات الجارية، هو "كيف سنوازن بين حياة الأقلية التي من شأنها
أن تتضرر في أسر حماس، ربما بمبادرة متعمدة من قبل الخاطفين، وبين الخطر على حياة
عدد أكبر إذا سمح لهذه المنظمة بمواصلة نشاطاتها بدون إزعاج؟ إلى أي درجة يمكن
للجيش النظامي الذي لم يجرب منذ خمسين سنة أعدادا كهذه من المصابين، أن يجتاز هذا
الاختبار الصعب لفترة طويلة ويواصله أيضا بعملية برية في الجبهة الداخلية للعدو في
قطاع غزة؟".
وتابع:
"في هذه الأثناء نتنياهو حتى الآن لم يحسم الأمر، ولكن آلة السم التي توجد
تحت تصرفه استيقظت من التشويش الذي ضبطت فيه. لم تمر إلا بضع ساعات وعثروا على
المذنبين. ليس فقط أن جهاز الأمن فشل في التشخيص وفي وقف الهجوم يجب أن تكون هنا
خيانة من الداخل، ربما ضابط من اليسار التقدمي، قام بفتح البوابات لرجال حماس.
وإلا كيف يمكن شرح هذه الكارثة؟ هذه الأقوال قيلت بمنتهى الجدية".
وأشار
إلى أن في مستوطنات الغلاف تواصلت الأحد عمليات التمشيط ببطء بشكل يثير الإحباط،
الجهود العسكرية لإعادة سيطرة إسرائيل على المنطقة وضرب الخلايا الإرهابية التي ما
زالت تختبئ في المنطقة. وهناك صعوبة في الإبقاء على المنطقة نقية من المقاومة،
بسبب اختراق الجدار في عشرات النقاط. في كيبوتس باري، وهو أحد النقاط التي تعرضت
للضربة الأكثر قسوة، تم تطهير المقاومة في الفجر، ثم بعد الظهر مرة أخرى اقتحمت
خلية كبيرة لحماس الجدار وفي المكان تطور تبادل شديد لإطلاق النار.
ولفت
إلى أن إحدى القضايا التي يجري الآن حولها نقاش سياسي ملتهب، تتعلق بحجم القوات
المحدود التي تم تكليفها بحماية الغلاف. بأثر رجعي، من الواضح أن هذا كان خطأ
قاسيا، وضآلة عدد كتائب الحماية في نقاط اللقاء، قادت إلى قدرة حماس على الاندفاع إلى
الأمام والتسبب بأضرار كثيرة.
وشدد
على أن هذا "خلل مقرون بالإهمال الطويل من قبل الدولة للاحتياجات الأمنية في
الغلاف، وظهرت بتعامل مهمل وإشكالي طوال سنين لمسؤولي الأمن ومجموعات الطوارئ في
المستوطنات الذين حاربوا في يوم السبت ببطولة كبيرة وأوقفوا عدة مرات سيطرة
المخربين على المستوطنات، مع وقوع خسائر فادحة".
يضاف
إلى ذلك الادعاء بأن الجيش الإسرائيلي أرسل قوات كبيرة إلى الضفة الغربية، بضغط من
المستوطنين. هذا صحيح فقط بشكل جزئي. ومضاعفة القوات في الضفة بدأت في شهر آذار
السنة الماضية، بعد موجة العمليات التي مصدرها هناك، ولكن هدفها كان تل أبيب ومدنا أخرى داخل الخط الأخضر.