سياسة دولية

مركز روسي: المصالح بين أنقرة وموسكو أكثر عمقا من كل الخلافات

أردوغان خلال زيارة الأخيرة إلى سوتشي ولقاء بوتين- حساب أردوغان عبر إكس
قال مركز أبحاث روسي، إن المفاوضات التي جمعت بين الرئيسين التركي والروسي، قبل أيام في سوتشي، تبعث برسالة هامة حول طبيعة العلاقات بين البلدين في الفترة المقبلة، ومدى عمقها.

وقال موقع المركز الروسي الاستراتيجي للثقافات، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن التذبذب في العلاقات الروسية التركية سمة متأصلة في طبيعتها، ناتجة عن التراث التاريخي المعقد إلى حد ما. ويدرك الجانبان أنه على الرغم من تباين المصالح في بعض المواضع، فإن المنفعة المتبادلة في الحفاظ على العلاقات الثنائية وتطويرها تتعدى حدود الفوائد السياسية الناجمة عن المطالبات المتبادلة المحتملة.

وأضاف أنه بمجرد اعتقاد الغرب أن "أردوغان عاد إلى رشده أخيرا" وأصبح يبتعد عن روسيا لصالح الغرب، عبر أردوغان عن رغبته في لقاء "صديقه العزيز بوتين". ورغم عدم إحراز تقدم كبير بشأن مبادرة حبوب البحر الأسود، فإن الجانبين راضيان عن حل أكثر القضايا أهمية بالنسبة لهما.

وذكر الموقع نقلا عن تقارير صحفية تركية، أنه من بين الشروط المطروحة للعودة إلى الاتفاق، فرضت روسيا إعادة ربط البنك الزراعي الروسي بنظام "سويفت" الدولي، ورفع الحظر المفروض على روسيا فيما يتعلق بالآلات الزراعية وقطع الغيار، ورفع القيود المفروضة على تأمين السفن الروسية، وحصار وصولها إلى الموانئ، واستئناف عمل خط أنابيب الأمونيا من تولياتي إلى أوديسا.

وفي الوقت الذي كان فيه أردوغان في اجتماع مع نظيره الروسي في سوتشي، أرسل أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، رسالة إلى روسيا تضم مقترحات جديدة لإعادة فتح ممر الحبوب، مؤكدا أخذ اعتراضات ومطالب موسكو بعين الاعتبار، واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان توريد المواد الغذائية والأسمدة الروسية إلى الأسواق العالمية بأسعار معقولة.

وقد حاول الجانب التركي الإشارة إلى وعود غوتيريش، تعليقا على الرسالة المذكورة، وقال الجانب الروسي إنها تحتوي فقط على وعود، وأنه "إذا تم تقديم ضمانات حقيقية، من الممكن استئناف صفقة الحبوب على وجه السرعة".

في المقابل، أعرب الأتراك عن تفهمهم لنفاد الصبر الروسي، مؤيدين فكرة توريد مليون طن من الحبوب الروسية عبر تركيا على أساس تفضيلي، وبدعم مالي من قطر إلى أفقر الدول في أفريقيا. ومن المخطط تحويل الحبوب إلى دقيق في الشركات التركية، وهو ما يكذب الإشاعات التي تروج لها الدعاية الغربية، التي تزعم أن موسكو، من خلال منع الصادرات الأوكرانية، تحرم الفئات الأكثر حرمانا من الخبز.


وأورد الموقع أن الاجتماع أقض مضجع أوكرانيا، لا سيما بعد عدم التوصل إلى اتفاق بشأن صفقة الحبوب. وذكرت وسائل إعلام روسية أنه بعد نتائج اللقاء بين أردوغان وبوتين، ظلت مسألة العودة إلى اتفاق الحبوب مفتوحة في ظل استمرار موسكو في التمسك بموقفها، من جانبه، يفسر الخبير الأوكراني فلاديمير فوليا موقف الرئيس التركي قائلا: "أردوغان يعتمد على بوتين كون روسيا تتولى بناء محطة للطاقة النووية في تركيا، ويهتم بزيادة نقل الغاز عبر بلاده".

وفي الوقت نفسه، يعترف الأوكرانيون بأن أنقرة كان بإمكانها ارتكاب خطأ استراتيجي في حساباتها في علاقاتها مع الكرملين؛ بسبب إطلاق سراح مقاتلين أوكرانيين كانوا في تركيا في أوائل يوليو/ تموز الماضي، كان يفترض حسب شروط الاتفاقية بقاؤهم هناك حتى نهاية الصراع.

وأفاد الموقع بأن كييف تحاول اعتراض الأجندة التركية، وهو أمر في غاية الأهمية بالنسبة لها، ولكن مع عدم امتلاكها أوراق رابحة، تلعب بأوراق ملحوظة. ويرى وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، أن الفتور الأخير في العلاقات بين أنقرة وموسكو يرجع بالأساس إلى تصرفات الجانب التركي، وعودة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من إسطنبول في يوليو/ تموز من هذا العام مع قادة كتيبة آزوف، التي أعلنتها روسيا منظمة إرهابية، وهو ما أثار غضب موسكو.

ويستبعد المراقبون الأتراك الحديث عن أي أزمة خطيرة في العلاقات الروسية التركية، قائلين إن البلدين، اللذين اعتمدا منذ فترة طويلة على بعضهما البعض في العديد من المجالات، من الطاقة وصولا إلى السياحة، يدركان أن المصالح تتطلب التعاون.

والجدير بالذكر أن الاجتماع نتج عنه زيادة حجم المبادلات التجارية بين البلدين إلى 100 مليار دولار سنويًا في السنوات المقبلة، ما يجعل من روسيا الشريك التجاري الأول لتركيا، وهي بدورها الشريك التجاري الثاني لموسكو بعد الصين. ومن جانبه، يدعم أردوغان رغبة موسكو في التعامل بالليرة التركية والروبل في المبادلات التجارية، قائلا: "أعتقد أن التحول إلى العملات المحلية مهم للغاية في العلاقات الثنائية".

وفي الختام، أشار الموقع إلى استعداد الأطراف للبدء في المستقبل القريب في إنشاء مركز غاز ذي أهمية عالمية في تركيا، ومواصلة بناء محطة أكويو للطاقة النووية، وإيصال الوقود النووي إلى تركيا، ما يضمن إدخال تركيا إلى الدائرة الحصرية للقوى النووية.