مقابلات

الصليب الأحمر لـ"عربي21": حرب أوكرانيا خلّفت احتياجات إنسانية "هائلة"

نيران تشتعل في محاصيل القمح الشاسعة بأوكرانيا الصيف الماضي جراء الحرب- وزارة الدفاع الأوكرانية
قالت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الشرق الأوسط والأدنى، إيمان الطرابلسي، في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، إن الحرب الروسية-الأوكرانية التي اندلعت قبل عام خلّفت احتياجات إنسانية "هائلة" يعاني منها ملايين البشر حول العالم.

وأضافت: "حدة النزاع تتصاعد بكل أسف، والاحتياجات الإنسانية الناجمة عنه هائلة وتزداد يوما بعد يوم، حيث إن الملايين من السكان في حاجة إلى شكل من أشكال المساعدات الإنسانية، والأرقام مرجحة للارتفاع خلال الأشهر المقبلة، خاصة بعد دخول فصل الشتاء".

وأوضحت الطرابلسي أن "الأرقام الحالية تشير إلى أن أكثر من 7.8 مليون شخص اضطروا إلى الهروب لدول مجاورة، وهناك قرابة الـ6.5 مليون نازح داخليا. كما أن مئات الآلاف لا يزالون عالقين في مدن ومناطق تشهد تصاعدا حادا في وتيرة العنف".

وتابعت: "نحن في اللجنة الدولية للصليب الأحمر نواصل حواراتنا المتواصلة مع أطراف هذا النزاع المسلح الدولي لتذكيرها بالالتزامات الملقاة على عاتق كل منها بموجب قواعد القانون الدولي الإنساني. كما أننا ننادي بضرورة حماية الحيز المُخصص للعمل الإنساني المحايد وغير المتحيز والمستقل، حتى يتمكن الفاعلون الإنسانيون، بما فيهم اللجنة الدولية والصليب الأحمر الأوكراني، من الوصول إلى المدنيين وتقديم الإغاثة اللازمة".

هجمات ضد الصليب الأحمر

وأردفت: "في أواخر عام 2022، تعرّض مكتب اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مدينة دونيتسك لقصف صاروخي، ما أدى إلى وقوع أضرار بالمبنى وعدد من المركبات، ولم يسفر الحادث عن مقتل أو إصابة أيّ من موظفي اللجنة الدولية، ويُعدّ هذا القصف هو الثالث من نوعه الذي يلحق بأسرة اللجنة الدولية في الفترة الأخيرة".

ونوّهت الطرابلسي إلى "تعرض مستشفى مدعوم من اللجنة الدولية في دونيتسك إلى هجوم قبل نحو شهرين أدى إلى مقتل مريضين وإصابة عدد آخر، بينما لقي متطوع في فريق الاستجابة للطوارئ التابع لجمعية الصليب الأحمر الأوكراني، مصرعه أوائل كانون الأول/ ديسمبر الماضي في قصف تعرضت له مدينة خيرسون".

وواصلت الحديث بالقول: "نحن ندين بشدة آثار هذه الأعمال العدائية، وندعو إلى احترام حيز العمل الإنساني الذي لا غنى عنه لإتاحة الفرصة للأطراف المحايدة وغير المتحيزة من أجل تقديم المساعدات إلى السكان المتضررين من النزاع المسلح الدولي الدائر بين روسيا وأوكرانيا".

ودعت المتحدثة باسم الصليب الأحمر، إلى "اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب إلحاق الأذى بالمدنيين والإضرار بالأعيان المدنية، ومن بينها المرافق الإنسانية؛ فلا مناص من احترام وحماية الوحدات الطبية وأطقم العاملين بها، وكذا العاملين في الإغاثة الإنسانية".

تعطل نظم توريد الغذاء العالمية

وحول مدى تأثر الإمدادات الإغاثية والبشرية للصليب الأحمر بطول أمد الحرب المستعرة بين موسكو وكييف، قالت الطرابلسي: "أدى النزاع المسلح الدولي الدائر في أوكرانيا إلى تعطيل نظم توريد الغذاء العالمية، وكذلك المواسم القادمة لزراعة المحاصيل في بلدان عدة بسبب الأثر السلبي للنزاع على توافر الأسمدة".

ولفتت إلى أن "النزاع في أوكرانيا ساهم في ارتفاع حاد في أسعار الوقود والأسمدة والمواد الغذائية حول العالم، وعلى الرغم من الدعوات المتكرّرة الصادرة عن الجهات الفاعلة الإنسانية، لا يوجد حتى الآن حلّ واسع النطاق للتخفيف من الضغط الذي يمارسه أطراف النزاع في أوكرانيا على السكان الذين يعتمدون بشدة على صادرات الحبوب من روسيا وأوكرانيا".

واستطردت الطرابلسي، قائلة: "هذه الأحداث جعلتنا نواجه حالة ملحة وسريعة التدهور للأمن الغذائي العالمي، لا سيما في أجزاء من أفريقيا والشرق الأوسط، وفي مقدمتهم مزارعو الكفاف والأشخاص في المناطق المتضررة من النزاع، حيث تكون الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية مضاعفة ".

وتابعت المتحدثة باسم الصليب الأحمر: "في اليمن على سبيل المثال، وبعد سنوات من الحرب، يعاني أكثر من 50% من السكان –أي أكثر من 16 مليون شخص- من انعدام الأمن الغذائي الحاد، ويمثل انعدام الأمن الغذائي تحديا مُعقّدا جدا".

وأوضحت أن "اللجنة الدولية أطلقت ثلاث دعوات رئيسية لمواجهة الأزمة اليمنية، أولها أنه يتعيّن على الفور زيادة التمويل لمواجهة الأزمة الغذائية من أجل إنقاذ الأرواح. ثانيا، العمل على الإجراءات طويلة الأمد لإدارة المخاطر وتعزيز القدرة على الصمود. ثالثا، تتطلب تلبية حجم الاحتياجات على المدى القصير والمتوسط والطويل الاستفادة من قدرات جميع الجهات الفاعلة، بما في ذلك الوكالات الإنسانية والإنمائية والمؤسسات المالية والسلطات المحلية والإقليمية".

وفجر 24 شباط/ فبراير 2022، أطلقت روسيا في جارتها أوكرانيا ما أسمتها بـ"العملية العسكرية الخاصة"، وبدأت القوات الروسية باقتحام الأراضي الأوكرانية من ثلاثة محاور.

ودخلت هذه القوات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الأوكرانية عبر منطقتي دونيتسك ولوهانسك وإلى مناطق خاركيف وسومي وتشيرنيهيف من الحدود الروسية وإلى منطقة تشيرنوبيل عبر بيلاروسيا، ثم تصاعدت الحرب على جبهات مختلفة.

وتشترط موسكو لإنهاء الحرب تخلي كييف عن خطط الانضمام إلى كيانات عسكرية، وهو ما تعده الأخيرة "تدخلا" في سيادتها.