وجهت منظمة ليبية اتهامات للحكومة في طرابلس، برئاسة عبد الحميد الدبيبة بالسعي لعقد
صفقة مع شركة "إيني" الإيطالية للغاز، تقضي ببيعها أصولا في شركة "
مليتة" للنفط والغاز المملوكة للدولة، مقابل ديون مستحقة.
وقالت: "مبادرة القوى الوطنية الليبية"، في بيان لها؛ إن الحكومة والمؤسسة الوطنية للنفط "تسعيان لترتيب ديون مستحقة على شركة مليته، وتقدر بتسعة مليارات دولار لصالح شركة إيني الإيطالية، وذلك بسبب عدم قدرتها على دفع حصة شركة إيني من الإنتاج".
وأضاف البيان أن "الحكومة ستبيع أصولا من شركة مليتة لصالح شركة إيني، وستمنحها امتيازات أخرى مقابل هذا المبلغ، الذي يمكن أن تعوضه الشركة الليبية خلال سنة من الإنتاج".
أسباب تراكم الديون
وقال المتحدث باسم المبادرة، محمد شوبار في تصريح خاص لـ"عربي21"؛ إن السبب الرئيسي لتراكم الديون على شركة مليتة، هو "الفساد المالي والإداري الذي ضرب أطنابه في كل المؤسسات الليبية، بما فيها المؤسسة الوطنية للنفط"، مشيرا إلى أن "معظم العقود التي تم إبرامها هي عقود فاسدة، ذلك أن انتشار ظاهرة الرشوة والمحسوبية في إبرام العقود، جعلت كثيرا من الشركات الأجنبية المشهود لها بالسمعة الجيدة توقف معاملاتها مع المؤسسة الوطنية للنفط وحكومة الدبيبة، التي لا تسعى لشيء إلا لمصالحها".
وكشف أن "الاتفاق بالفعل، ومن المتوقع إبرام العقد خلال الزيارة المرتقبة للحكومة الإيطالية الأسبوع المقبل".
وشدد شوبار على أن "
ليبيا تشهد موجة فساد غير مسبوقة، بل إن الطبقة السياسية الحالية مستعدة لبيع ليبيا بأرخص الأثمان، ولا تكترث بأي معاناة يعيشها المواطن الليبي".
ورأى أن "الحل الأمثل للوضع الراهن، هو ما يعمل عليه المجتمع الدولي لتشكيل قيادة وطنية قوية بوجوه جديدة لمحاسبة كل المتورطين في نهب أموال الليبيين، ووضع حد للعقود الفاسدة"، محذرا حكومة دبيبة من مغبة "التمادي في عمليات الفساد التي ستعرض مرتكبيها للمسائلة والمحاسبة".
وتواصلت "عربي21" مع الحكومة في طرابلس لطلب تعليق على ما أوردته "مبادرة القوى الوطنية"، إلا أن المتحدث الإعلامي باسمها لم يرد حتى الآن.
شركة "مليتة"
وأنشأت شركة مليتة للنفط والغاز عام 2008 باتفاق عقد بين المؤسسة الوطنية للنفط وشركة إيني، الذى ينص على دمج أصول ونشاط كلٍّ من شركة إيني للنفط وشركة مليته للغاز بالمناصفة.
ونص الاتفاق على أن تقوم شركة مليته للنفط والغاز بإدارة وتشغيل العمليات النفطية لمناطق العقود الموقعة.
وتعتبر "مليتة" أكبر شركة نفطية في ليبيا، حيث يبلغ إنتاجها اليومي حوالي 600.000 برميل نفط مكافئ (نفط خام، غازطبيعي، مكثفات غازية من بروبان وبيوتان ونافتا)، بالإضافة إلى إنتاج حوالي 450 طنا من عنصر الكبريت يوميا.
وتدير الشركة عددا من الحقول النفطية البرية المنتشرة بمختلف مناطق ليبيا، وحقولا بحرية متمثلة في ثلاث منصات بحرية، وخزان عائم، كما تدير الشركة أيضا شبكة خطوط أنابيب برية مختلفة الأحجام ممتدة آلاف الكيلومترات، ويتم تصدير جزء من الغاز الطبيعي المعالج من مجمع مليتة الصناعي عبر خط أنابيب بحري، يربط مجمع مليتة الصناعي بالساحل الجنوبي لإيطاليا، ويُعد خط التصدير البحري هذا كأول ربط بين ليبيا وأوروبا.
كما تساهم شركة مليته للنفط والغاز في سد جزء كبير من احتياجات الاستهلاك المحلي من الغاز الطبيعي، الذي يغذي محطات توليد الكهرباء.
ويقع مجمع مليتة حوالي 22 كم شرقي مدينة زوارة على الساحل الغربي للبلاد، وأنشئ على مساحة تبلغ حوالي 355 هكتارا تضم مرافق معالجة النفط والغاز، وخزانات لتخزين النفط الخام والمنتجات السائلة الأخرى، فضلا عن مرافق للتصدير.
الفساد في ليبيا
ويستشري الفساد في قطاعات رسمية واسعة في الدولة الليبية، تسببت فيه الأزمة السياسية التي تراوح مكانها في البلاد منذ ما يزيد على عقد من الزمن.
وكشف تقارير سابقة لديوان المحاسبة والرقابة الإدارية، أن الدولة أنفقت خلال السنوات العشر الماضية أكثر من 400 مليار دولار، دون تحقيق أي تنمية على أرض الواقع، حيث لا تزال المدن الليبية تعاني من بنية تحتية هشة، لاسيما في قطاع إمدادات الكهرباء.
كما تعاني الدولة الليبية من تهريب كميات هائلة من الوقود خارج البلاد، برعاية من جهات ومسؤولين متنفذين في الدولة، الأمر الذي يتسبب مرارا في أزمات بقطاع إمدادات الوقود على مستوى البلاد.
وحسب مؤشر مدركات الفساد، الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية مؤخرا، احتلت ليبيا المرتبة 171 من بين 180 دولة، بينما كانت تحتل المرتبة 170 سنة 2016.
وقالت منظمة الشفافية الدولية؛ إن تصنيف ليبيا ضمن الدول الأكثر فسادا في العالم، يرجع إلى "ضعف مؤسسات الدولة والصراع الداخلي وعدم الاستقرار".