ملفات وتقارير

"شتاء ساخن" بالأردن.. وسياسات الحكومة تخلف جيوشا من الفقراء

لا يبدو أن السياسات الحكومية في الأردن تلبي مطالب المواطنين - جيتي

في اليوم الذي كان الأردن والعالم يحتفل فيه باليوم العالمي لمكافحة الفقر (17 تشرين أول/أكتوبر) كان الشاب الأردني محمد ربيحات يفترش الأرض مقابل الديوان الملكي الأردني في العاصمة عمّان منذ ما يزيد عن الشهر هو وعشرات الشباب المتعطلين عن العمل.

حال محمد ورفاقه مشابه لحال العشرات من المتعطلين عن العمل في محافظة معان الجنوبية، الذين يفترشون الأرض منذ أسابيع أمام مبنى البلدية لمطالبة السلطات الأردنية بتوفير فرص عمل لهم.

اقرأ أيضا: البطالة والبيروقراطية.. ثنائية معاناة الشباب في الأردن

وتشير الأرقام الرسمية الأردنية إلى أن نسبة الفقر على مستوى الأردن للربع الأول من العام الحالي بلغت 24.1% حسب وزارة التخطيط الأردنية، والتي يشكك بها خبراء اقتصاديون مستقلون، وفقر يتلازم مع معدلات بطالة وصلت إلى 22.8% في نهاية الربع الأول من العام 2022.

 



يقول الشاب ربيحات لـ"عربي21": "نطالب بحقنا الدستوري بالعمل (...) نزلنا إلى الشارع نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية واستشراء الفساد (...) لكن لم نجد أي استجابة من المسؤولين".

هتافات المحتجين المتعطلين عن العمل أمام الديوان الملكي حملت سقوفا مرتفعة ورسائل تحذير بـ"محاربة الفاسدين" ودعوة الملك عبد الله الثاني إلى إصلاحات سياسية حقيقية.

 



85% من الأردنيين ينتقدون السياسات الاقتصادية الحكومية

الحكومة الأردنية وفي محاولة للخروج من الأزمة الاقتصادية وضعت برنامج أولويات عملها للتعافي الاقتصادي للأعوام 2021-2023، والتي تهدف إلى معالجة تحديات رئيسية تتمثل في (البطالة، تباطؤ النشاط الاقتصادي، والحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي).

إلا أن استطلاع رأي الأسبوع الماضي أظهر أن 85% من الأردنيين يرون أن السياسات والإجراءات الاقتصادية الحكومية فشلت في التخفيف من الأعباء الاقتصادية أو الحد من ارتفاع الأسعار أو تقليل نسب الفقر والبطالة.

وأشارت نتائج الاستطلاع الذي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، إلى أن 23% من الأردنيين يعتقدون أن السياسات والإجراءات الاقتصادية الحكومية أسهمت في الحد من استخدام العمالة الوافدة، فيما يعتقد 21% أنها أسهمت في محاربة الفقر، و18% يعتقدون أنها أسهمت في الحد من البطالة، و18% يعتقدون أنها أسهمت في الحد من ارتفاع الأسعار، و15% فقط يعتقدون أنها أسهمت في الحد من ارتفاع أسعار المحروقات.

القادم أسوأ

الخبير في شؤون الفقر، مدير مركز الثريا للدراسات الدكتور محمد الجرابيع، يقول لـ"عربي21" إن "القادم أسوأ اقتصاديا على الأردن (...) لم نكد نتعافى من جائحة كورونا حتى دخلنا بأزمات سياسية (...) الظروف تتجه للأسوأ وليس للانفراج".

يتابع: "معدلات الفقر والبطالة مرتبطة بمعدلات النمو الاقتصادي، لكن ما يحدث أن معدلات النمو تراجعت على مستوى الأردن والعالم وخير دليل تراجع صرف العملات العالمية وهذا يؤشر أن القادم ليس جيدا".

ويوضح: "الدراسات حول الفقر نسبية والأرقام تشير إلى أن معدلات الفقر في الأردن وصلت لأرقام أعلى من السنوات السابقة، لا توجد سياسات حكومية منتجة، اعتمدنا على الحماية الاجتماعية لكن هذا ليس حلا يعالج المرض".

ويشكك الجرابيع بنسبة الفقر المعلنة في الأردن 24% قائلا: "النسبة قد تكون أعلى من هذا الرقم، نحن اقتصاد معتمد على الاقتصاد العالمي الذي بدأ في التراجع أيضا، ومشكلة الفقر والبطالة في الأردن يجب أن ينظر لحلها من جوانب اجتماعية ثقافية وسياسية، والحكومات المتعاقبة في الأردن لا تنظر إلى هذه المشكلة من جميع الجوانب".

اقرأ أيضا: مزيد من الأردنيين يسقطون في الفقر.. وغياب للحلول

بدوره قال وزير المالية الأردني محمد العسعس خلال مقابلة أجراها الخميس مع مركز مبادرة تمكين الشرق الأوسط الأطلسي إن "الأردن أنشأ استقرارًا كليًا، إلا أن العديد من التحديات لا تزال تواجهه"، مضيفا: "إن التحدي الذي يواجهنا هو الانتقال من وضع البقاء على قيد الحياة إلى الازدهار، ونسعى إلى تحقيق هدفنا الأكبر وهو خفض بطالة الشباب في الأردن وتعزيز مشاركة الإناث في القوى العاملة من أجل حدوث ذلك".


وأشار تقرير صدر حديثا عن مؤسسة فريدريش إيبرت إلى أنه وبالرغم من دخول الأردن في برامج تصحيح مع صندوق النقد الدولي خلال السنوات الماضية إلا أن الأوضاع الاقتصادية انحدرت فقد ارتفع الفقر والبطالة والدين العام والعجز المزمن في الموازنة مقابل تراجع الحماية الاجتماعية التي تقدمها السلطات للمواطنين.

غياب الحماية الاجتماعية

وزيرة التخطيط والتعاون الدولي السابقة ماري قعوار رأت أنه "في الأردن وعبر السنين الماضية أصدرت الحكومة عدداً من الخطط والاستراتيجيات الوطنية من أجل توسيع برامج الحماية الاجتماعية، الاستراتيجية الوطنية للحد من الفقر للأعوام 2013-2020، والاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية 2019-2025".


وتقول لـ"عربي21"، "لكن هذه الاستراتيجيات جاءت في وقت يواجه فيه الأردن تحدياتٍ كبيرة، منها زيادة عدد السكان، وانخفاض مستويات النمو الاقتصادي، وزيادة في المديونية العامة ونسب الفقر والبطالة. بالإضافة إلى جائحة كورونا والتغييرات الجيوسياسية بما في ذلك اللجوء السوري".


وتعتقد أن "المطلوب هو تغيير المفهوم نحو العدالة الاجتماعية بدلاً من برامج تستهدف الفقراء دون التطرق إلى أسباب الفقر المتعدد الأبعاد".


وحسب قعوار "هناك حاجة إلى تطوير الخدمات العامة وبشكل أساسي الصحة والتعليم والنقل، مما يساهم في التقليل من الاعتماد على المساعدات الاجتماعية وبرامج الحد من الفقر، وبعبارة أخرى فإن الحماية الاجتماعية هي الاستثمار في رأس المال البشري في أمور مثل الصحة والتعليم والذي يعتبر من بنود قياس الفقر المتعدد الأبعاد".

"أيامنا الأجمل لم تأتِ بعد".. عبارة أطلقها رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة، لتضاف إلى مسلسل طويل من الوعود بتحسين الأوضاع الاقتصادية للأردنيين إلا أن الأمور تتجه نحو الأسوأ اقتصاديا على يد حكومة حصلت على ثقة متدنية في استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية فـ 67% من الأردنيين لا يثقون بحكومتهم.