يوافق الخميس، اليوم الخمسين على استمرار الحرب في أوكرانيا، وسط تطلعات إلى المفاوضات الجارية بين موسكو وكييف، في حين تريد الأخيرة مزيدا من الدول الضامنة للتوصل إلى اتفاق، بالإضافة إلى جدل بين البلدين بشأن سفينة روسية تعرضت لأضرار جسيمة.
الدول الضامنة
وقال ميخائيلو بودولياك المستشار الرئاسي الأوكراني، الخميس، وهو مفاوض في محادثات السلام مع روسيا، إن أوكرانيا تريد أكبر عدد ممكن من الدول للقيام بدور الضامن الأمني.
وأضاف في تصريحات بثها التلفزيون أن روسيا في المقابل لا تريد زيادة عدد الدول الضامنة.
وتلعب تركيا دور الدولة الضامنة والوسيط كذلك، إذ تستقبل محادثات عالية المستوى بشكل متكرر بين كييف وموسكو، إلا أنها متعثرة مؤخرا.
قتلى في خاركيف
وقال حاكم منطقة خاركيف الأوكرانية، أوليه سينيجوبوف، الخميس، إن أربعة مدنيين قتلوا وأصيب عشرة خلال قصف روسي على المدينة.
وحث سينيجوبوف في بيان سكان بعض البلدات على المغادرة، قائلا إنه من المتوقع أن تحدث عمليات عسكرية في المنطقة.
ولم تعلق روسيا على هذه الأنباء.
الممرات الإنسانية
وعلى صعيد متعلق بالمفاوضات، قالت إيرينا فيريشتشوك نائبة رئيس الوزراء الأوكراني، إنه تم الاتفاق على تسعة ممرات إنسانية لإجلاء المدنيين الخميس، وهو ما يشمل الإجلاء باستخدام السيارات الخاصة من مدينة ماريوبول المحاصرة.
وأضافت فيريشتشوك في بيان، أن مسارات الإخلاء الأخرى من برديانسك وتوكماك وإنرهودار، وستتاح مسارات أخرى في منطقة لوغانسك بشرق البلاد إذا أوقفت القوات الروسية قصفها.
وأوضحت أنه سيتم إنشاء ممر أول بين ماريوبول وهي مدينة ساحلية محاصرة منذ أكثر من 45 يوما، وزاباروجيا في الشمال ومن بيرديانسك وتوكماك وإنرغودار باتجاه زاباروجيا.
أما الممرات الأخرى، فستكون من سيفيرودونتسك التي قصفها في الأيام الأخيرة الجيش الروسي، وليسيتشانسك وبوباسنا وغيرسكي وروبيجني باتجاه باخموت على مسافة 140 كيلومترا غربي لوغانسك.
وأعلنت السلطات الأوكرانية الأربعاء، أنها ستعلق عمليات إجلاء المدنيين في اليوم التالي "بسبب الانتهاكات" الروسية لوقف إطلاق النار.
أسلحة ثقيلة من أمريكا
في سياق آخر، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن عن تقديم 800 مليون دولار مساعدات عسكرية إضافية لأوكرانيا، موسعا نطاق الأنظمة المقدمة لتشمل المدفعية الثقيلة قبيل هجوم روسي أوسع نطاقا متوقع في شرق أوكرانيا.
وقال بايدن الأربعاء، في بيان بعد اتصال هاتفي مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الحزمة ستشمل أنظمة مدفعية وطلقات مدفعية وناقلات جند مدرعة وزوارق دفاع غير مأهولة.
وترفع الحزمة إجمالي المساعدات العسكرية لأوكرانيا منذ بدء غزو القوات الروسية في شباط/ فبراير إلى أكثر من 2.5 مليار دولار.
وقال بايدن إنه وافق على تسليم كييف طائرات هليكوبتر إضافية. وأكد أن العتاد المقدم لأوكرانيا كان "حاسما" خلال مواجهتها للغزو.
وأضاف بايدن في بيان مكتوب: "لا يمكننا أن نرتاح الآن. كما أكدت للرئيس زيلينسكي، سيواصل الشعب الأمريكي الوقوف إلى جانب الشعب الأوكراني الشجاع في كفاحه من أجل الحرية".
وتشمل الحزمة الجديدة 11 طائرة هليكوبتر من طراز مي-17 كانت مخصصة لأفغانستان قبل انهيار الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة العام الماضي. كما أنها تشتمل على 18 مدفع هاوتزر عيار 155 مليمتر، إلى جانب 40 ألف طلقة مدفعية وأجهزة رادار مضادة للمدفعية و200 ناقلة جند مدرعة و300 طائرة مسيرة إضافية من طراز "سويتش بليد".
وهذه هي المرة الأولى التي تزود فيها الولايات المتحدة أوكرانيا بمدافع هاوتزر.
وقال جون كيربي المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إن بعض الأنظمة، مثل مدافع الهاوتزر وأجهزة الرادار، ستتطلب تدريبا إضافيا للقوات الأوكرانية غير المعتادة على استخدام المعدات العسكرية الأمريكية.
وأضاف كيربي عندما سئل عن سرعة التسليم: "نعلم أن الوقت ليس في صالحنا".
ويناشد زيلينسكي زعماء الولايات المتحدة وأوروبا تقديم أسلحة ومعدات ثقيلة لبلاده.
جدل السفينة الروسية
ويدور جدل بين روسيا وأوكرانيا، بشأن سفينة روسية تعرضت لأضرار جسيمة، ففي حين تقول كييف إنها تسببت بها بعد استهدافها، تقول موسكو إنها فقط بسبب انفجار ذخائر لا أكثر.
وتعد الحادثة واحدة من أكبر خسائر روسيا في العتاد منذ بداية غزوها لأوكرانيا، عبر إصابة "موسكفا" سفينة قائد أسطولها في البحر الأسود في انفجار.
من جهتها، هددت موسكو بضرب مراكز قيادة في كييف متهمة أوكرانيا بشن هجمات على أراضيها.
من جهة أخرى، يتوجه وزير الخارجية الإيرلندي سايمن كوفيني إلى كييف، كما أعلن مكتبه، في أول زيارة يقوم بها وزير خارجية لبلد يشغل مقعدا غير دائم في مجلس الأمن الدولي منذ بدء الحرب في أوكرانيا.
وبينما يستعد الجيش الروسي للسيطرة على مدينة ماريوبول الساحلية الاستراتيجية على بحر آزوف وتوسيع هجومه في جنوب أوكرانيا وشرقها، أصيب الطراد القاذف للصواريخ "موسكفا" بأضرار "جسيمة"، حسبما نقلت وكالتا الأنباء الروسيتان الرسميتان "ريا نوفوستي" و"تاس" عن وزارة الدفاع الروسية.
وقالت الوزارة: "بسبب حريق، انفجرت ذخائر على متن السفينة" وتم إجلاء الطاقم بالكامل، موضحة أن التحقيق جار لمعرفة أسباب هذا الحريق.
من جهتها، أكدت السلطات الأوكرانية أن السفينة الحربية "موسكفا" أصيبت بصواريخ.
وقال الحاكم الأوكراني لمنطقة أوديسا (جنوبا) ماكسيم مارتشينكو، إن "صواريخ نبتون التي تحمي البحر الأسود سببت أضرارا جسيمة لهذه السفينة الروسية".
وقال المتحدث باسم الإدارة العسكرية في أوديسا سيرغي براتشوك عبر تطبيق تليغرام: "وفقا للبيانات المتاحة كانت صواريخ (أوكرانية) هي المسببة للأضرار الجسيمة التي لحقت بالسفينة".
من جهته، قال أوليكسي أريستوفيتش مستشار الرئيس الأوكراني على "يوتيوب"، إن "مفاجأة جاءت لسفينة قائد الأسطول الروسي للبحر الأسود".
وأضاف أن السفينة "تحترق بكثافة الآن. وفي هذا البحر الهائج، من المستحيل معرفة متى سيتلقون المساعدة"، مؤكدا أن "أفراد الطاقم البالغ عددهم 510 أشخاص" موجودون على متنها. وتابع: "لا نفهم ما حدث".
و"موسكفا" موضوعة في الخدمة منذ 1983 في عهد الاتحاد السوفياتي. وشاركت في التدخل الروسي في سوريا منذ 2015. وفي الأيام الأولى لغزو أوكرانيا، شاركت في هجوم على جزيرة الثعبان قرب الحدود الرومانية، حيث أسر 19 بحارا أوكرانيا لمبادلتهم بأسرى روس في وقت لاحق.
نفي أوكراني بشأن ميناء ماريوبول
نفى رئيس بلدية ماريوبول فاديم بويتشينكو، الخميس، عبر القناة العامة الألمانية "داس إرستي"، استيلاء روسيا على ميناء ماريوبول، معتبرا أن هذه "الأخبار كاذبة"، موضحا أن "الروس ينشرون قوات جديدة لكننا ما زلنا صامدين وماريوبول لا تزال مدينة أوكرانية وهذا يثير غضب روسيا".
وقالت روسيا أمس الأربعاء إنها سيطرت على ميناء ماريوبول في جنوب شرق أوكرانيا، وإن أكثر من ألف من مشاة البحرية الأوكرانية استسلموا.
وأضاف بويتشينكو: "من الواضح أن الجيش الروسي ارتكب آلاف جرائم الحرب في هذه المدينة". وطالب "المجتمع الدولي بالبرهنة على إنسانيته عبر إنشاء ممرات إنسانية لإنقاذ الأرواح".
وسيشكل استيلاء القوات الروسية على ماريوبول انتصارا مهما لموسكو، لأنه سيسمح بتعزيز مكاسبها من الأراضي الساحلية على طول بحر آزوف عبر ربط منطقة دونباس التي يسيطر عليها جزئيا موالون لها، بالقرم التي ضمتها روسيا في 2014.
ويقول خبراء إن سقوط ماريوبول حتمي لكن القوات الأوكرانية تواصل المقاومة وباتت المعارك تتركز في المنطقة الصناعية لهذه المدينة.
اقرأ أيضا: روسيا تعلن السيطرة على ميناء ماريوبول التجاري.. ما أهميته؟
الشرق الأوكراني
من جهة أخرى، تتواصل عمليات القصف في الجزء الشرقي من أوكرانيا. وقد تسببت في مقتل سبعة أشخاص خلال الساعات الـ24 الماضية في مدينة خاركيف (شمال شرق البلاد) التي يحاصرها الروس أيضا منذ بدء الغزو.
ودعت كييف سكان هذه المناطق إلى الفرار في أسرع وقت ممكن خوفا من هجوم روسي كبير وشيك، للسيطرة بالكامل على دونباس التي تتقاسمها القوات الأوكرانية مع أعدائها الانفصاليين الموالين لروسيا منذ 2014.
ويرى محللون، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يواجه مقاومة أوكرانية شرسة، يريد تحقيق انتصار في دونباس قبل العرض العسكري الذي يجري في التاسع من أيار/ مايو في الساحة الحمراء في ذكرى انتصار السوفيات على النازيين في 1945.
وفي هذا الإطار، أكد ليونيد باسيتشنيك رئيس إحدى "الجمهوريتين" الانفصاليتين المواليتين لروسيا والمعلنتين من جانب واحد، في هذه المنطقة الشاسعة الغنية بالمناجم، الأربعاء، أن قواته تسيطر الآن على "80 إلى 90 في المئة" من لوغانسك التي تعد أولوية لدى الكرملين.
زيارات مستمرة
يلتقي وزير الخارجية والدفاع الإيرلندي سايمن كوفيني في كييف الخميس، نظيريه الأوكرانيين دميترو كوليبا (الخارجية) وأوليكسي ريزنيكوف (الدفاع)، ويزور المناطق المتضررة بشكل مباشر من الغزو الروسي.
وقال مكتبه في دبلن إن "محادثاته مع الحكومة الأوكرانية ستركز على كيفية مواصلة إيرلندا تقديم الدعم السياسي والأمني والإنساني لأوكرانيا"، وكذلك على كيفية "مساعدة" أوكرانيا في جهودها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي و"تنفيذ عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد روسيا ومحاسبة روسيا على غزوها الوحشي وغير المبرر".
وصرح المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية البريطاني كريم خان، خلال زيارة لبوتشا قرب كييف الأربعاء، بأن أوكرانيا أصبحت "مسرح جريمة" حقيقيا.
اقرأ أيضا: رؤساء دول أوروبية إلى كييف.. وزيلينسكي يسخر من بوتين
وقال لصحفيين: "إننا هنا لوجود أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد أن جرائم تدخل ضمن صلاحيات المحكمة ارتكبت. علينا أن نبدد غبار الحرب لنصل إلى الحقيقة" في هذه البلدة التي أصبحت رمزا لـ فظائع النزاع منذ عثر على جثث مئات القتلى، بحسب السلطات الأوكرانية، في نهاية آذار/ مارس.
ونفت روسيا من جانبها وقوع أي انتهاكات في أوكرانيا.
وفي 24 شباط/ فبراير الماضي، أطلقت روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا، تبعتها ردود فعل دولية غاضبة وفرض عقوبات اقتصادية ومالية "مشددة" على موسكو.
وتشترط روسيا لإنهاء العملية تخلي أوكرانيا عن أي خطط للانضمام إلى كيانات عسكرية بينها حلف شمال الأطلسي "ناتو"، والتزام الحياد التام، وهو ما تعتبره كييف "تدخلا في سيادتها".
الجنائية الدولية: أوكرانيا "مسرح جريمة".. وروسيا تهدد أمريكا
لافروف: تعاون روسيا والصين سيتعزز بالظروف الراهنة
صحفية أمريكية تنفي تبرير قتل السوريين خلال تغطية حرب أوكرانيا