بينما تستعد غالبية الأحزاب والقوى السياسية
المغربية للانتخابات التشريعية والجماعية المقررة يوم 8 من أيلول (سبتمبر) المقبل، شكك عدد من القوى والأحزاب السياسية في جدوى المشاركة في هذه
الانتخابات طالما أنها ليست الأداة الفاعلة في إفراز من يحكم المغرب.
ويأتي على رأس المشككين في جدوى المشاركة في الانتخابات والرهان عليها جماعة العدل والإحسان، كبرى الجماعات الإسلامية، التي ترى بأن آلية الانتخابات في المغرب تعيش مشكلا بنيويا لأنها لا تفرز من يحكم.
يقول حسن بناجح عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، في تصريحات له اليوم الثلاثاء نشرها موقع "الجماعة"، "إن من يحكم فوق الانتخابات هو الملك ومستشاروه وهذا معروف وهم المتحكمون في السياسات العامة بل حتى العمومية، وبالتالي لا يبقى للمنتخب إلا هامش ضئيل لا يمكن أن يرقى إلى مستوى أن نسميها انتخابات ديمقراطية أو انتخابات تمثل أو تعكس الإرادة الشعبية".
وأضاف: "هي انتخابات بنفس أعطاب جميع الانتخابات السابقة، لكن الأعطاب المرافقة والمصاحبة للانتخابات المغربية، يضيف المتحدث، ليست كالأعطاب المعروفة في كل الديمقراطيات كالأعطاب المرتبطة بالجوانب التقنية الصرفة أو حتى السياسية من درجة ما هذا كله مقبول في الديمقراطيات وفي التباري الانتخابي، لكن بالنسبة للانتخابات في المغرب فهي تعاني من أعطاب بنيوية”.
وأوضح بناجح أن الانتخابات في المغرب لا تشبه أي انتخابات، "إذ لا علاقة لها بالمخرج المفترض في كل الانتخابات وهو إفراز من يحكم، وإنتاج مؤسسات نابعة من الإرادة الشعبية وتكون لها سلطة على
السياسة وعلى الاقتصاد وعلى الثروة بما ينسجم ويتجاوب مع الإرادة الشعبية التي أفرزتها، ثم تكون الانتخابات الأخرى المقبلة فرصة ومناسبة للمحاسبة على طريقة إدارة هذه المؤسسات، وهذا هو المفتقد".
وذهب بناجح إلى أن الانتخابات في المغرب على مدار جميع المحطات الانتخابية التي مرت "تسير في منحنى تنازلي بشكل كبير، سواء من حيث وظائفها أو من حيث الإقبال عليها أو حتى من حيث رهان المخزن عليها".
وقال: "إن جميع الشعارات التي رفعت في الانتخابات السابقة مع التلون أو مع التغيير في الألوان السياسية المتصدرة للمشهد، سقطت".
وأضاف: "إن الشعار الذي رفع منذ 2011 إلى الآن والذي خرج الشعب من أجله وبنى عليه رهانه وهو محاربة الاستبداد والفساد تحديدا ثبت على أن هذا وهم آخر سقط، وهو أنه لا يمكن لمن تفرزه الانتخابات على الشاكلة المغربية أن يكون مساهما في محاربة الفساد، والفساد زاد استشراء بل أكثر من ذلك أصبح التطبيع واضحا مع كل أشكاله".
وتوقع بناجح أن يكون الإقبال على الانتخابات فاترا، وقال: "كما نلاحظ أن الانتخابات محطة إثر محطة تعرف عزوفا واسعا، لأن كل محطة من الانتخابات يبقى جزء من الشعب له بعض الرهان بنية حسنة على التمسك بآخر أمل، لكن محطة بعد محطة يتلاشى هذا الأمل بسقوط الشعارات المرفوعة وبفشل ما تفرزه هذه الانتخابات في أدنى ما يمكن أن يتطلع إليه الشعب سواء في الشعارات الكبيرة مثل محاربة الاستبداد والفساد أو استقلال المؤسسات واستقلال القضاء إلى غير ذلك هذا كله أصبح في حكم العدم".
وأضاف: "لكن حتى المصالح البسيطة المتعلقة بالشعب وصلت إلى درجة لم نبق فيها فقط في مستوى أن الحكومات أو ما تفرزه الانتخابات غير قادرة على التلبية، بل أكثر من ذلك أصبحت تهجم بشكل شرس على جيوب الشعب، وأصبحت تعالج قضايا الأزمات والفساد من خلال المزيد من إثقال كاهل الفئات الشعبية بقرارات وبمخططات خطيرة جدا تستهدف مستوى العيش المتضرر أصلا".
وأشار بناجح إلى أن "كل الفئات الآن أصبحت متضررة حتى الطبقة المتوسطة التي كانت ما تزال تعيش بعض الاستقرار"، وقال: "الآن أصبحت تجد عنتا في إدراك مستوى مستقر من المعيشة بسبب كل السياسات المتلاحقة التي عوض أنها تتجه إلى مصدر الإشكال وهو زواج السلطة بالثروة وغياب الشفافية والمحاسبة واستشراء الريع إلا أنها تحل المشاكل من خلال جيوب الشعب، مثل التضريب، وملفات التقاعد، والزيادات والتخلي عن المواد الأساسية إلى آخره دون إيجاد بدائل، وهذا ينعكس الآن في مستوى البطالة الخطير ومستوى الفقر في درجات واسعة وعالية".
واعتبر بناجح أن "الانتخابات كانت دائما تعتبر محطات تجديد الأوراق التي يمكن أن يشتغل بها المخزن ويعتبرها واقيات من صدمات الشارع ومن مواجهة الشعب"، وفق تعبيره.
وكانت الحملة الانتخابية قد انطلقت الخميس الماضي استعدادا لانتخابات تشريعية وبلدية تُجرى بالتزامن في 8 أيلول (سبتمبر) المقبل.
وتُجرى انتخابات المجالس البلدية وفق نمطين، هما: النظام اللائحي في الدوائر التي يسكنها أكثر من 50 ألف نسمة، أما الأقل سكانا فيطبق فيها الاقتراع الفردي.
وبحسب إحصاء رسمي، يشارك 32 حزبا في انتخابات مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، يتنافسون على مقاعد المجلس، وهي 395.
ويبلغ عدد الناخبين 17 مليونا و983 ألفا و490 (من أصل نحو 36 مليون نسمة)، وفق بيانات رسمية.
وتشتد المنافسة على تصدر نتائج الانتخابات التشريعية بين حزبي "العدالة والتنمية" (قائد الائتلاف الحكومي) و"التجمع الوطني للأحرار"، بقيادة وزير الفلاحة عزيز أخنوش.
كما يبرز في المشهد السياسي كقوة انتخابية، كلٌ من حزب "الأصالة والمعاصرة" و"حزب الاستقلال" (معارضان).
وللمرة الأولى في تاريخ المغرب، يقود "العدالة والتنمية" الحكومة منذ عام 2011، إثر فوزه في انتخابات برلمانية شهدتها المملكة في ذلك العام، ثم في 2016.