قضايا وآراء

بين تجاهل البلدان وكبتاغون الرمان ضاع لبنان

1300x600
ننتظر رئيس الوفد الأمريكي الجديد إلى المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل حول الحدود البحرية جون ديروشير، الذي سيزور لبنان يومي السبت والأحد المقبلين، وربما قد يتوصل إلى إمكانية استئناف المفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية في 3 أيار/ مايو.

لكن مصادر المعلومات أوضحت أن هذا الموعد غير نهائي ومرتبط بما سيحققه ديروشير خلال زيارته، علماً أن موقف الوفد اللبناني في ما يتصل بمساحة الحدود على حاله من دون أي تغيير. وكلام الوزير باسيل فتح كوة في الجدار لا سيما بعد الحديث عن آبار مشتركة وشركة أو تحالف يستطيع إدارة العملية وتوزيع الحصص، خصوصا ونحن في زمن العقوبات الأمريكية والأوروبية عموما والفرنسية خصوصا، مع تصاعد اللغة الفرنسية الحادة والجافة تجاه المعرقلين للتأليف الحكومي وكلام ناظر الخارجية الفرنسية، حيث قال الوزير لودريان في بيان إن "القادة السياسيين يواصلون عرقلة تشكيل حكومة قادرة على إصلاح البلاد".

وأكد في البيان: "بدأنا في تنفيذ إجراءات تقييدية من حيث الوصول إلى الأراضي الفرنسية ضد الشخصيات المتورطة في الانسداد السياسي الحالي أو المتورطة في الفساد". وفي تلك الخطوة الفرنسية بداية ترجمة لكثير من التهديدات التي لم تفلح حتى الساعة في زحزحة الساسة المتناحرين عن مواقفهم. فالرئيس المكلف شن من الفاتيكان هجومه على الوزير باسيل ومن وراءه، فجاء الرد الباسيلي من موسكو، ولا زالت الحلبة مفتوحة ولغة الضربات تحت الحزام مستمرة والفاتورة من حساب اللبنانيين التائهين في شهر رمضان الفضيل، حيث الكل تحت رحمة الأزمة التي تتفاقم يوميا، ولسان حال الجميع سياسيين ومحللين اقتصاديين وأمنيين بأن الآتي أعظم!!

الرمان المسموم سياسيا

إن الآتي الذي يتوقع أن يحمل مزيدا من العزلة العربية والدولية استعجل بخطوة سعودية محقة وقانونية ومبررة بعد اكتشاف شحنة رمان الكبتاغون التي ضربت صورة لبنان في مقتل.

إن شحنة الرمان المحشوة كبتاغون ليست وحدها الدافع والسبب الحقيقي للأزمة الحالية بين لبنان والسعودية، ولوقف استيراد شحنات الفاكهة والخضار. فالشحنة المصادرة واحدة من شحنات مُحمّلة بالمخدرات وصلت في أوقات سابقة إلى المملكة وتم إبلاغ السعوديين بها من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية، كما أن هذا النوع من العمليات من الصعب اكتشافه لأن البضاعة تكون موضبة بشكل مُتقَن واحترافي ويتم رصدها من خلال البحث والمعلومات المخابراتية بين الدول.

إن الحقيقة تقول إن المنظومة العربية برمتها تضامنت مع موقف المملكة من التهريب الذي هو ظاهر الأزمة، أما المضمون فهو في تموضع لبنان الحالي واعتقاد السعوديين بأن لبنان بات أكثر فأكثر في المحور الإيراني، بالرغم من الحديث السعودي الإيراني في الأراضي العراقية، ورغم كلام ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن إيران، حيث قال إن إيران دولة جارة والمملكة تطمح أن تكون لديها علاقة جيدة معها، متمنيا من الحوثيين الجلوس إلى طاولة الحوار لإنهاء الحرب.

وأوضح ولي العهد السعودي أن إيران دولة جارة لبلاده، وإن ما تسعى له السعودية هو علاقة طيبة ومميزة معها بما يخدم مصالح البلدين، مشيرا إلى أن بلاده تسعى مع شركائها إلى حل ما وصفها بالإشكاليات القائمة مع طهران حول بعض المواضيع. وأضاف: "لا نريد أن يكون وضع إيران صعبا، بالعكس، نريد لإيران أن تنمو وأن تكون لدينا مصالح فيها ولديها مصالح في المملكة العربية السعودية لدفع المنطقة والعالم للنمو والازدهار".

وتاليا، يبدو النهج السعودي يمضي في مسارات التهدئة والحكمة لما فيه خير المنطقة في لحظات التحولات الكبرى، بعد أزمة كوفيد 19 ووصول الرئيس الأمريكي جو بايدن. ولم يكن الرد الإيراني ببعيد، حيث رحبت الخارجية الإيرانية بالانفتاحة السعودية وعلى أمل أن تحمل هذه اللغة بلورة حلول من صنعاء إلى بيروت.

الصفحات الأخيرة قبل الكارثة

إن لبنان أمام مفترقات طرق تبدأ من الموقف الأمريكي في عملية الترسيم المعقدة وعدم الحماسة الأمريكية في حلحلة الملف اللبناني، كذلك موسكو التي بالكاد تبدي رغبة في سماع كل الجهات اللبنانية وعدم القدرة على بلورة حل، وكذلك المجموعة الأوروبية التي ما زالت تنقسم في الرؤية للموقف في لبنان.

أما المجموعة العربية الخليجية فقد كان واضحا أنها تريد حلا على طريقتها لم تظهر حتى الساعة بوادره، وإيران ترغب في حل ربما يمر من فيينا أولا ثم المفاوضة على باقي الساحات المفتوحة، وتاليا ربما يكون لبنان في لحظة تجاهل وتخل إذا جاز التعبير، وذلك مترافق مع انهيار العملة المحلية أمام الدولار وتضخم ركودي هائل وبطالة متفاقمة وانتهاء الاحتياطيات الإلزامية في مصرف لبنان وفشل سياسة الدعم.

والكل يؤكد أن الصرخة قادمة في أيار/ مايو القادم ممزوجة مع ضغط دولي كارثي من كل الجهات قد يوصل إلى زوال لبنان كما قال لودريان ذات يوم، فهل يكون ضياع لبنان بين تجاهل البلدان وكبتاغون الرمان، أم أننا في اللحظات الكارثية الأخيرة تمهيدا لعقد اجتماعي سياسي اقتصادي جديد يتكيف مع تغيرات المنطقة والعالم؟!