اقترب تحالف إماراتي سعودي، من الاستحواذ على إحدى أكبر شركات الأدوية في
مصر، وهو الأمر الذي يثير مخاوف عدد من المراقبين لهذا القطاع.
ووفق وكالة "بلومبيرغ"؛ يسعى صندوق الاستثمارات السعودي وشركة
الاستثمار
الإماراتية القابضة "أيه دي كيو"، للاستحواذ على شركة
"آمون للأدوية" المملوكة لشركة بوش هيلث كوز العالمية (فاليانت سابقا)، التي اشترت الشركة المصرية في العام 2015، مقابل 800 مليون دولار.
الوكالة الأمريكية، قالت إن الصفقة بداية استثمارات مشتركة بين الصندوق
السعودي والشركة الإماراتية، بعد أن كانت الأخيرة بطريقها منفردة نحو الصفقة مقابل
700 مليون دولار، في تشرين الأول/ أكتوبر 2020.
وأمون للأدوية، تأسست عام 1991"، وتقع بمنطقة العبور الصناعية
بالقاهرة الكبرى، وهي من أكبر شركات الأدوية من حيث عدد المستحضرات البشرية
والبيطرية والمكملات الغذائية، وبلغت قيمة مبيعاتها 3.7 مليار جنيه بالعام 2019.
وللإمارات والسعودية استثمارات ضخمة بقطاع
الدواء والصحة بمصر، تنامت بنسب
كبيرة في السنوات الأخيرة، حيث تستحوذ "أبراج كابيتال" الإماراتية على
معامل "البرج" و"المختبر"، بجانب 15 مستشفى خاصة.
وبالمقابل تستحوذ مجموعة "علاج
السعودية"، Egypt - Elaj Group""،
على 9 مستشفيات خاصة مصرية، ومعامل "كايرو لاب"، و75 بالمئة من مراكز
"تكنوسكان" للأشعة.
"لا تؤثر.. ولكن بشروط"
"عربي21"، توجهت بتساؤلاتها حول تأثير الصفقة على سوق الدواء
بمصر، إلى وكيل لجنة الصحة بالبرلمان دكتورة إيناس عبدالحليم، التي أكدت أن
"الصفقة تقوي سوق الدواء ولا تؤثر على الشركات المصرية والإنتاج الوطني سلبا،
خاصة مع إعادة مصانع قطاع الأعمال للإنتاج وتشغيلها مجددا".
وأضافت أنه "لا بد من استعادة إنتاج مصر من الدواء، خاصة أنها أول دولة
بالمجال في المنطقة منذ عام 1938، ومع ذلك نحن أقل دولة بتصدير الدواء مع أن
إنتاجنا من الأرخص عالميا، مع ما يتميز به من فاعلية".
وترى وكيل لجنة الصحة بالبرلمان، أن "وجود شركتين سعودية وإماراتية
بمجال تصنيع الدواء وبمصنع يعمل ولديه من الإنتاج الكثير؛ أمر غير مقلق لسوق إنتاج
الدواء، بل على العكس يجب أن نزود عدد المصانع وإعادة تشغيل مصانع قطاع الأعمال
دون بيعها".
وأضافت: "الأفضل للتحالف السعودي الإماراتي الاستحواذ على شركة ناجحة
وتعمل بالسوق، ولكن كان الأفضل لمصر أن يقوم التحالف بإنشاء مصنع جديد لتزيد أعداد
المصانع ومن ثم الإنتاج، والأفضل تقديم استثمار جديد وليس استحواذا على مصنع
قائم".
وتابعت الأكاديمية والطبيبة: "ولكن طالما أن الشركة مستمرة وتنتج إنتاجها نفسه من الدواء، فهذا أمر جيد، ولكن الخطر أن يتم الاستحواذ على بعض الشركات ثم
يتم وقفها، مثلما تم بحق بعض شركات الحكومة وقطاع الأعمال بعد الخصخصة".
وقالت وكيل لجنة الصحة بالبرلمان، إنه "لا يجب أن يكون الاستحواذ على
أي مصنع مصري ليستفيد المستثمر بالأرض ببيعها أو بنائها، كما تم بحق مصانع وشركات
بمناطق حيوية بالقاهرة".
وختمت بالقول: "والأهم ألا يدخل بأي صفقات استثمارات أخرى، أو أطراف
تثير قلق المصريين"، في إشارة إلى دولة الاحتلال.
"تقاسم إماراتي سعودي"
من جانبه قال المدير التنفيذى للمركز المصري للحق في الدواء (ابن سينا)
الدكتور محمود فؤاد: "الحديث سائد عن استحواذ صناديق الاستثمارات العربية
على مصانع أدوية وقطاع الصحة، بمصر السوق الأكبر بالمنطقة، بـ٦٠ مليار جنيه، عدا
شركات الجيش والشرطة ومناقصات الحكومة، التي لا يُعرف حجم مبيعاتها".
عضو مجلس الاتحاد العالمي لمحاربة "فيروس سي"، أكد بحديثه
لـ"عربي21"، أنه "من الواضح تماما وجود تنسيق كي تدخل الإمارات
قطاع الصحة عبر المستشفيات، وأن تقتحم السعودية قطاع الصحة عبر مجال
الأدوية".
وأوضح أهمية قطاع الدواء لأي مستثمر بالقول؛ إن "الدواء آخر سلعة
مسعرة في مصر إجباريا؛ ومن الممكن تحت ضغوط الاستثمارات الجديدة أن يتم تحرير سعر
الدواء، وهنا الإشكالية الحقيقية".
فؤاد أشار إلى تأثر الشركات الوطنية في هذه الحالة، مبينا أن
"الشركات المصرية لن تستطيع منافسة المستثمر الأجنبي، سوي ١٠ شركات قد تستطيع
الصمود منها أمون، ولكن القطاع الأجنبي يسيطر بقوة على هذا السوق الكبير ونصيبه
الآن نحو ٦٣ بالمئة".
وألمح إلى أن "كل الشركات تطمع الآن في كعكة التأمين الصحي الذي تتجه
له الدولة؛ لأنه مع تعميمه سيمثل نحو ١١٠ مليار جنيه سنويا، وهذا مبلغ جيد لسوق
مفتوح".
"الخطر هنا"
من جانبه قال أمين صندوق نقابة صيادلة مصر الأسبق، الدكتور أحمد رامي
الحوفي؛ إن "الاستثمار السعودي الإماراتي بمجال الدواء لا يمثل إضافة حقيقية
من حيث القيمة الصيدلانية؛ إذ إن الدولتين ليس لديهما تميز أو تفوق بمجال صناعة
الدواء".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أوضح أن "العملية لا تعدو كونها نقل
ملكية مصنع قائم بالفعل لملاك جدد؛ بما يعني أنه لا إضافة لإنتاج أصناف جديدة على
السوق".
وأضاف: "لكن تأتي المخاطر من تطور علاقة التطبيع، واحتمالات أن تفضي
الصفقة سواء عاجلا أو لاحقا لتسقط أحد شركات إنتاج الدواء المصري بشباك مالك أو
ملاك صهاينة".