ضرب
زلزال عنيف محافظة
إزمير التركية بعد ظهر الجمعة الماضية، وأدَّى إلى انهيار عشرات المباني، ومقتل أكثر من 100، إضافة إلى مئات المصابين. وبعد وقوع الزلزال، هرعت الفرق التابعة للمؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني إلى المحافظة للمشاركة في
أعمال البحث والإنقاذ، كما أن أجهزة الدولة كانت حاضرة في المنطقة بكل إمكانياتها لتخفيف الآلام وتضميد الجراح.
زلزال إزمير
أثار في نفوس المواطنين الأتراك مشاعر اختلط فيها الفرح والاطمئنان بالحزن والألم والعجز والغضب. ومن المؤكد أن معظم المشاهدين لاهتزاز الأرض تحت الأقدام وانهيار المباني الكبيرة بقوة الزلزال شعروا بالعجز أمام هذه الكارثة التي يؤكد علماء الجيوبوجيا أن أمثالها ليست بعيدة عن أماكن أخرى في البلاد، أولها إسطنبول.
تركيا تقع على عدة خطوط صدع نشطة، وشهدت زلازل مدمرة ضربت مناطق مختلفة فيها عبر التاريخ. وبالتالي، يجب أن يتعلم الأتراك كيفية التعايش مع خطر الزلزال، ويتخذوا التدابير اللازمة. وأول ما يجب عليهم فعله هو الالتزام باللوائح المنظِّمة لعملية البناء والترخيص، إلا أن المباني المنهارة في زلزال إزمير أظهرت أن هناك تساهلا في تطبيق تلك اللوائح يتحمل مسؤوليته المهندسون والمقاولون، ويدفع ثمنه الأبرياء.
انهيار عشرات المباني وسقوط أكثر من 100 ضحية في الزلزال أمر محزن، إلا أن خروج عدد كبير من المواطنين أحياء من تحت الأنقاض أفرح الجميع. وتم إنقاذ طفلتين صغيرتين من ركام المباني المنهارة، إحداهما بعد 65 ساعة والأخرى بعد 91 ساعة من وقوع الزلزل. ومن المؤكد أن الفضل في ذلك، بعد الله سبحانه وتعالى، يعود إلى الأبطال الذين وصلوا الليل بالنهار في أعمال البحث والإنقاذ، وبذلوا جهودا جبارة بلا كلل أو ملل.
الكوارث الطبيعية لا تفرق بين المؤيدين للحكومة والمعارضين لها، وهي
حالات إنسانية يجب أن تتوحد فيها جهود الجميع، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية، إلا أن أطرافا في المعارضة التركية حاولت أن تستغل زلزال إزمير وتحرض المواطنين ضد الحكومة ورئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، والأسوأ في الأمر أن هذا التحريض كان مبنيا على الأكاذيب والمغالطات.
إحدى الصحف المعارضة نشرت في صفحتها الأولى تقريرا بعنوان عريض تدعي فيه بأن البلدية في المنطقة المتضررة من الزلزال أبلغت وزارة البيئة والتطوير العمراني بالمباني الهشة والمتهالكة التي يجب هدمها؛ إلا أن الوزارة لم تحرك ساكنا، في محاولة لتحميل الحكومة مسؤولية انهيار تلك المباني في الزلزال. إلا أن القانون التركي يشير بوضوح إلى أن هدم تلك المباني من صلاحيات البلديات، علما أن البلدية المذكورة يديرها منذ سنين رؤساء ينتمون إلى حزب الشعب الجمهوري، كما أن وزارة البيئة والتطوير العمراني نفت وصول أي بلاغ إليها من البلدية حول تلك المباني.
أردوغان قام في اليوم التالي لوقوع الزلزال بزيارة إزمير للاطلاع على سير أعمال البحث والإنقاذ. ونُشِر في وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر دخول موكب رئيس الجمهورية إلى المدينة المنكوبة، إلا أن الناشر للمقطع أضاف إليه الموسيقى ليدّعي بأن أردوغان دخل إزمير وسط أصوات الأغاني دون أن يحترم مشاعر سكانها المتضررين من الزلزال، وقام عدد من الكتاب والسياسيين المعارضين بنشر ذاك المقطع المفبرك.
إثارة الفتن عبر وسائل التواصل الاجتماعي من أبرز أساليب الكيان الموازي، التنظيم السري لجماعة كولن. ومن المعلوم أن هناك عشرات من أعضاء التنظيم الهاربين إلى خارج البلاد يقومون بالدعاية السوداء ونشر الأكاذيب عبر حسابات وهمية بموقع تويتر وغيره. ومن المحتمل أن يقف وراء المقطع المذكور أحد هؤلاء، إلا أن المتحدث باسم حزب الشعب الجمهوري، فائق أوزتراك، لا يمكن أن يبرر ترويجه للمقطع بأي سبب، لأنه كان بإمكانه أن يتأكد بكل سهولة من عدم صحته، قبل أن يتهم رئيس الجمهورية بناء على التزوير والفبركة.
إدارة الكوارث والطوارئ التركية "آفاد" تقوم بأعمال البحث والإنقاذ، كما تتولى مهمة التنسيق بين الفرق المشاركة في تلك الأعمال. وهناك عدد من الفرق التابعة للجهات الحكومية والبلديات ومنظمات المجتمع المدني تشارك في أعمال البحث والإنقاذ برجالها ومعداتها، كفريق هيئة الإغاثة التركية المعروفة "IHH" الذي كان حاضرا خلال إنقاذ الطفلة "آيدا" بعد 91 ساعة من وقوع الزلزال. وهتف بعض رجال البحث والإنقاذ في تلك الأثناء "الله أكبر"، للتعبير عن شدة فرحتهم بإنقاذ الطفلة من تحت الأنقاض، إلا أن أصوات التكبير أزعجت بعض المعارضين، الأمر الذي يؤكد أن عداء العلمانيين المتطرفين في بلادنا لا يقل عن عداء اليمين العنصري له في أوروبا.
twitter.com/ismail_yasa