الكتاب: "الحماية القانونية لحقوق مصر المائية في نهر النيل في ضوء القانون الدولي"
الكاتب: السفير عبد الله الأشعل
الناشر: مكتبة جزيرة الورد
لقد كشف سد النهضة الأثيوبي وما صاحبه من مواقف سياسية للقادة الأثيوبيين، ليس فقط ضعف السياسة المصرية وغياب الرؤية الاستراتيجية للتعامل مع واحدة من أهم القضايا الحيوية في مصر، وإنما تخاذل الموقف المصري رغم الوضوح الأثيوبي في إيذاء مصر وشعبها وارتكاب جريمة الإبادة ضده بحجب حقه في المياه وفق مختلف القوانين الدولية..
ولعل هذا ما دفع بالكاتب والخبير المصري في العلاقات الدولية الدكتور عبد الله الأشعل، إلى اقتراح خطة لعلاج هذه الأزمة طالب فيها الحكومة المصرية بالانسحاب من إعلان الخرطوم وقطع العلاقات مع أثيوبيا.
الفصل الثالث
يتناول في الفصل الثالث السياسة المائية للحكومات المصرية خلال الأعوام الستين الأخيرة، ويبدأها بإشارة إلى وضع مصر تحت الاحتلال البريطاني وحرص بريطانيا على الحفاظ على احتياجات مصر المائية وتأمينها قانونيا خاصة أن معظم الدول الأفريقية كانت مستعمرات بريطانية، وهو ما سهل مهمة بريطانيا وإلزامها لإثيوبيا بهذه الحقوق.
ثم عرض الكتاب لمرحلة ما بعد جلاء بريطانيا عن مصر، وهي المرحلة التي شعرت فيها مصر بالحاجة إلى تأمين هذه الحقوق، فأبرمت اتفاقية ١٩٥٩مع السودان ثم جاء دعم حركات التحرر الوطني من جانب جمال عبد الناصر، ليكون خير ضامن لهذه الحقوق نظرا لعلاقته المتميزة بزعماء إفريقيا، واستطاع أن يمنع أي أضرار جراء مناكفات أمريكا وكذلك دول العدوان الثلاثي ومحاولات بعض الدول المستقلة حديثا بإفريقيا التملص من الاتفاقيات التي حدثت أثناء الاحتلال، تحت بند "نظرية الصحيفة البيضاء" والتي تعني تحلل الدولة المستقلة من أي اتفاقيات سابقة ولكن عبد الناصر بعلاقته وتأثيره استطاع الحفاظ على حصة مصر وأحبط محاولات أمريكية أثيوبية لبناء سدود تهدد مصالح مصر.
ثم يعرض الكاتب للمرحلة الثانية من الموقف المصري وهي مرحلة حكم السادات والتي استمرت على منوال عبد الناصر دون تغيير حتى حرب تشرين أول (أكتوبر) وتضامن الدول الأفريقية مع مصر، وقطع علاقتها بإسرائيل، ولكن بعد حرب أكتوبر وبداية تغيير سياسة مصر مع إسرائيل بدأت تغيرات ملحوظة من جانب الدول الأفريقية، خاصة في ظل عدم اكتراث مصر بالدور الإسرائيلي في إفريقيا .
أكد الكاتب على أنه عقب انقلاب ٢٠١٣ توسعت إسرائيل داخل إفريقيا بدعم أمريكي فضلا عن دخول قوى أخرى على الخط مثل الصين وتركيا وإيران مما أضعف موقف مصر .
وبعد اتفاقية السلام مع إسرائيل كانت هناك عدة نتائج سلبية على مصر بشأن علاقتها بإفريقيا وتهديد حقوقها المائية، حيث يشير الكاتب إلى عدة نتائج عقب اتفاقية السلام منها إطلاق يد الدول الأفريقية في التجاوب مع المحاولات الإسرائيلية المحمومة للتقارب مع إفريقيا على حساب مصر والعرب أيضا وتراجع التعاون الإفريقي العربي والمصري وانحسار مكانة مصر إفريقيا وعربيا وظهور قوى إفريقية مثل نيجيريا وأثيوبيا.
وأكد الكاتب على أنه عقب انقلاب ٢٠١٣ توسعت إسرائيل داخل إفريقيا بدعم أمريكي فضلا عن دخول قوى أخرى على الخط مثل الصين وتركيا وإيران ما أضعف موقف مصر .
ولفت الكاتب إلى أن سياسة مصر بعد الانقلاب تجاه سد النهضة أدت إلى إغراء أثيوبيا وإسرائيل بتنفيذ المشروع، خاصة في ظل رغبة بنقل مياه النيل إلى إسرائيل، وأنه لم يكن هناك جدية مصرية في وقف بناء السد والانخراط في مفاوضات عبثية استغلتها أثيوبيا في استكمال بناء السد .
وحول إعلان آذار (مارس) ٢٠١٥، أكد الكاتب على أن هذا الإعلان اعتمد على حسن النية وخلا من أي ضمان جدي للمحافظة على حقوق مصر المائية واكتفى بضمان استمرار التعاون والتنسيق في تشغيل السد بين مصر والسودان مؤكدا أن قرار بناء السد كان سياسيا وأن توليد الكهرباء يمكن أن يكون من سدود أخرى لإثيوبيا.
وحول تداعيات توقيع هذا الإعلان، أكد على أنه رفع أي اعتراض مصري على بناء السد وتمويله ثقة في حسن نية أثيوبيا وعدم النص على التزامات إثيوبية أو آليات لمحاسبتها، ولكنه يؤكد أن هذا كله كان ثمن شرعية السيسي في السلطة ورفع تعليق عضوية مصر بالاتحاد الإفريقي.
وفي نهاية هذا الفصل أكد على نقطة مهمة وهي أن هذا الإعلان الباطل لا يمكن أن يتحصن بموافقة البرلمان لأنه مخالف للدستور ولأنه يضر بحقوق مستقرة ويؤدي انتهاكها إلى فناء مصر وليس تضررها، ويطالب هنا بضرورة الاحتكام للقانون الدولي لمنع هذه الجريمة، التي يتوفر لها ركن معنوي وهو توفر نية الإبادة، والفعل وهو تنفيذ السد. ويشير هنا إلى اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة لمكافحة جريمة إبادة العراق عام ١٩٤٨ ثم ميثاق روما الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية الأفعال التي تدخل في الإبادة الجماعية.
وبالنسبة لمصر فالركن المادي متوفر، حيث تحاول أثيوبيا الاستيلاء على حصة مصر وحقها في مياه النيل، ومع ذلك ورغم هذه الجريمة تظل اللهجة المصرية لهجة تسامحية وهو ما يرفضه الكاتب مطالبا بضرورة تقديم شكوى للجنائية الدولية من جانب مصر، وإذا رفضت الحكومة المصرية فهو يطالب المصريين بالخارج لتقديم هذه الشكوى نيابة عن المجتمع المصري.
الفصل الرابع
يناقش الكاتب في هذا الفصل موقف مصر وأثيوبيا من مسألة السد، ويؤكد على إدراك أثيوبيا لخطورة هذا الأمر على مصر بقوله "سوف نثبت بالأدلة دوافع أثيوبيا السياسية للإضرار بمصر، فالذي تدركه الحكومة الأثيوبية هو أن سد النهضة سوف يقضي على مصر ذاتها، مما يثير علامات الشك والاستفهام حـول هـذه المسـألة .
وفي هذا السياق يصف الكاتب الموقف المصري بالمتخاذل وازدواجية الخطاب بين الشعب وأثيوبيا، التي اتبعت نفس الموقف الإسرائيلي مع الفلسطينيين في استهلاك الوقت حتى صار الجميع أمام الأمر الواقع وبناء السد، وظل هكذا الأمر حتى في ظل رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي، حيث لم يستطع السيسي استغلال هذه الفترة ويكون حازما مع إثيوبيا مما اضطره إلى الإعلان في أيلول (سبتمبر) من العام الماضي أمام الأمم المتحدة أن مصر وصلت لطريق مسدود مع أثيوبيا بعد فشل كافة المفاوضات ورغم ذلك لم يكن الموقف المصري بالحزم والجدية اللازمين بل وجه الاتهام للشعب المصري بإهدار المياه أو أنه السبب في بناء السد بسبب ثورة كانون ثاني (يناير).
كما تناول هذا الفصل تطور بناء السد بالتفصيل، بداية من الإعلان عنه عقب ثورة يناير وما جري من تفاصيل بعدها وصلت لفترة حكم الرئيس الراحل محمد مرسي، مستندا لدراسة للسفير إبراهيم يسري عام ٢٠١٤ بعنوان "النيل ومصر وسد النهضة وحروب القرن الإفريقي"، والتي سجل فيها تسلسل وتطور الفكر الأثيوبي حول سد النهضة بين ٢٠١٠ ـ ٢٠١٣، حيث أفصحت أثيوبيا لأول مرة عن عزمها بناء السد الذي كان مجرد فكرة منذ الستينيات بتحريض من واشنطن وإسرائيل ولكن كان الإعلان الأول عام ٢٠١٠.
يصف الكاتب الموقف المصري بالمتخاذل وازدواجية الخطاب بين الشعب وأثيوبيا، التي اتبعت نفس الموقف الإسرائيلي مع الفلسطينيين في استهلاك الوقت حتى صار الجميع أمام الأمر الواقع وبناء السد،
وفي الجزء الثاني من هذا الفصل يتناول الكاتب الموقف الأثيوبي من سد النهضة بتفاصيل أكثر، حيث اتهم أثيوبيا بأنها تبيت النية منذ تولى السادات السلطة في مصر وخسارة مصر مكانتها الإفريقية مشيرا إلى مظاهر هذه النية التي تتمثل في لهجة التحدي والاستخفاف بمصر والتأكيد على أن السد لا محيص عنه ورفضها لأي وصاية مصرية فضلا عن إصرارها على بناء السد على النيل الأزرق رغم وجود الكثير من الأنهاربأثيوبيا، مؤكدا على أن هذه الممارسات خطيرة جدا واصفا إياها بـ "الجريمة المكتملة الأركان المعنوية والمادية لإبادة مصر ".
وتحت عنوان قرار بناء السد سياسي أكد الكاتب على أن أثيوبيا تدرك أن حجب المياه عن مصر يعني عمليا فناءها وعليه فإن كل من يساعد أثيوبيا يعتبره عدوا لمصر وأن الحكومة المصرية إذا لم تدرك ذلك فإنها مشاركة في الجريمة أيضا وإذا عجزت عن إنقاذ الدولة من الفناء تكون تواطأت ضد الشعب لعقد هذه المعاهدات.
ودلل الكاتب على أن هذا القرار سياسي من خلال عدة نقاط منها، تحويل أثيوبيا لمجرى النيل الأزرق رغم إدراك أثيوبيا أن مصر تعتمد اعتمادا مطلقا على مياه النيل فضلا عن المزايا الاقتصادية للسد التي تحاول أن تجنبها أثيوبيا بالإضافة إلى التدليس والتعنت وتعبئة الشعب الأثيوبي ضد مصر وغيره من الأسباب الأخرى التي اشتمل عليها الكتاب .
وحاول الكاتب الرد على هذه الحجج والتبريرات الأثيوبية من خلال المعاهدات الدولية والقانون الدولي الذي يضمن حق مصر في المياه كدولة مصب وعدم حق أثيوبيا أو دول المنبع في التصرف في مياه دون الرجوع لمصر، وأن استخدام المياه يكون للتنمية وليس بالطريقة التي تؤدي إلي ابادة شعب.
الفصل الخامس
وفي هذا الفصل، وهو الأخير من الكتاب يضع الكاتب ما يمكن أن نسميه خطة لمعالجة الأزمة والخطوات التي يمكن لمصر أن تتخذها لمواجهة ما أسماه ، وتشمل عدة نقاط منها ترتيب البيت من الداخل، بمعنى تشكيل الإدارة التي تتولى الملف والمنهج الذي تسير عليه وإنشاء وزارة لنهر النيل تقوم بأربع وظائف منها تأمين حصة مصر، النقطة الأخرى في الخطة تتضمن تشكيل لجنة عليا للأمن المائي وتضم وزراء الخارجية والري والدفاع والداخلية والإعلام والمخابرات وممثلا من الأزهر والكنيسة .
كما يضع الكاتب ضمن هذه الخطة ملامح لاستراتيجية جديدة للأمن المائي وتشمل عدة نقاط، منها تدويل القضية والانسحاب من إعلان المبادئ وعدم المفاصلة في حصة مصر المائية والتعامل مع القضية على أن بناء السد قرار سياسي، والسعي الي إقامة مجتمع نيلي من الدول النهرية وتوثيق العلاقات بين هذه الدول تفعيل التضامن الافريقي في حقوق الشعوب.
كما تطرق إلى الإجراءات العملية وأولها إعداد مذكرة شارحة لأركان جريمة إبادة الشعب المصري، بحرمانه من حقه في المياه والرد على ذرائع أثيوبيا وتوزيعها على جميع دول العالم والمنظمات الدولية، وكذلك دراسة تدويل القضية وإبلاغ البنك الدولي والاتحاد الأوروبي والدول المانحة بسحب موافقة مصر على بناء السد، ويتبع ذلك رفع دعوى أمام محكمة العدل الدولية، وكذلك توقيع عقوبات فورية على أثيوبيا من بينها، نقل مقر الاتحاد الإفريقي من أديس أبابا وإنشاء إدارة بالمخابرات حول معلومات السدود، وكذلك التشاور مع الصين وإسرائيل وبناء تحالف عربي لصالح المياه العربية وانضمام مصر لاتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بالاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية .
الملاحق
وفى محاولة من الكاتب لتوثيق ما جاء بالكتاب، أفرد عدة فصول خاصة بالملاحق المتضمنة لوثائق ونصوص اتفاقيات وخرائط، وكميات المياه لنهر النيل واطوال النيل وغيرها من الوثائق الأخرى.
وقد شمل الكتاب إحدى عشر ملحقا تتضمن الاتفاقيات الدولية بشأن مياه نهر النيل، وغيرها من الاتفاقيات الدولية الأخرى المتعلقة بالأنهار وقوانين المياه ،بالإضافة إلى الاتفاقية الإطارية الشاملة، والتي ظهرت في 2010 وكذلك اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بالاستخدامات غير الملاحية، كما تضمنت الملاحق مصادر المياه لإثيوبيا وجدول بأحوال النيل داخل دول الحوض وكذلك جدول بمدى اعتماد دول النيل على مياه النيل.
وشملت الملاحق خريطة الأنهار في إفريقيا وأطوالها والجهة التي تصب فيها، بالإضافة إلى ملحق يتضمن السدود على النيل الأزرق وطاقة الكهرباء في أثيوبيا، وأيضا تفاصيل الإيرادات النسبية لروافد النيل والسدود المقامة عليه.
إقرأ أيضا: حماية حقوق مصر المائية في النيل وفق القانون الدولي (1من2)
حماية حقوق مصر المائية في النيل وفق القانون الدولي (1من2)
المقدس والمجتمع.. محاولة لفهم معتقدات الشعوب وخصوصياتها (2من2)
المقدس والمجتمع.. محاولة لفهم معتقدات الشعوب وخصوصياتها 1من2