زيارة وزير الدفاع الروسي لدمشق يوم الاثنين 23 آذار (مارس) الفائت تزامنت مع الأنباء المتواترة حول تفشي وباء كورنا المستجد (كوفيد 19) في إيران وإمكانية انتقاله إلى سوريا عبر المليشيا الإيرانية؛ أنباء أثارت فزع القيادة الروسية التي تخالط قواتها عناصر النظام السوري والمليشيا الإيرانية على الأرض بشكل يومي.
زيارة شويغو التي ترافقت مع مرافقة سرب جوي من حميميم لطائرته كانت مغامرة ضرورية أنجزها وزير الدفاع الروسي بسرعة لتثبيت وقف إطلاق النار في إدلب والاستعداد لمواجهة جائحة كورونا وتداعياتها السياسية قبل أن تحاصر قاعدة حميميم بالوباء من كل جانب؛ فما إن عاد شويغو لموسكو حتى سارعت أطقم طبية مجهزة بإجراء فحوص لوزير الدفاع للتأكد من سلامته من كوفيد-19 .
إجراءات قدمت مؤشرا قويا على تفشي الوباء داخل الأراضي السورية وعلى نحو خطير؛ فروسيا باتت قلقة على قواتها بعد الانتشار الواسع والسريع للوباء في إيران؛ عاكسا بذلك أجندة مخفية لزيارة شويغو التي فضحتها الإجراءات المشددة في مطار موسكو للوزير؛ إجراءات سيخضع لها على الأرجح كل جندي وطيار روسي قادم من سوريا.
روسيا متكتمة ولا تعلن بالضرورة عن واقع الحال فيها؛ غير أن إصابة كبير الأطباء المعنيين بمتابعة تفشي الوباء في روسيا كان خبرا مفجعا يشكك في قوة الإجراءات وفاعلية البروتكول الروسي في مكافحة الوباء..
وزارة الدفاع الروسية في بيانها تكتمت وتجاهلت الوباء رغم الضغوط الأوروبية لتثبيت وقف إطلاق النار شمال غرب سوريا وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية والطبية إلى إدلب ومخيمات النازحين لمكافحة "كورونا"، حيث يوجد أكثر من 3.5 مليون شخص؛ إذ أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن شويغو تشاور مع نظام الأسد في آخر تطورات الملف السوري وأهمها اتفاق وقف إطلاق النار مع تركيا يوم 5 آذار (مارس) الماضي؛ بالإضافة لمناقشة سبل مواجهة السيطرة الأمريكية على حقول النفط السورية في منطقة الجزيرة وتعزيز التعاون الاقتصادي والوضع الإنساني فقط.
رغم محاولات التكتم على أسباب الزيارة الحقيقية؛ فإن الأهداف غير المعلنة للزيارة اتضحت بعد مرور ثلاثة أيام في 26 آذار (مارس) الماضي؛ إذ وجهت موسكو وبكين رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش طالبته فيها بـ"وقف إطلاق نار شامل" في سوريا وغيره من ساحات الصراع، أتبعتها بدعوة للرفع الكامل والفوري لتدابير الضغط الاقتصادي غير القانونية والقسرية التي تقوض الجهود التي تبذلها الحكومات الوطنية لمكافحة كوفيد-19 وشملت المطالبة كوبا وفنزويلا وإيران وسوريا.
هل نجح شويغو في منع تفشي الوباء بين القوات الروسية خصوصا في حميميم وطرطوس واللاذقية وحلب ودرعا أم سيعصف كوفيد ـ 19 بالحضور العسكري والسياسي الروسي في سوريا؟ والأهم من ذلك كيف سيؤثر الوباء على مستوى التعاون بين تركيا وإيران وروسيا في سوريا؟
موسكو قلقة وفزعة من تفشي الوباء في سوريا؛ إذ عادت وأكدت على أنها طرحت خطة لمواجهة تفشي الوباء في سوريا؛ وبروتكولا غير معلن يهدف لمنع وصول الوباء إلى قواتها المنتشرة على الأراضي السورية وخصوصا في قاعدة حميميم؛ إجراءات على الأرجح لا تختلف عن الإجراءات الأمريكية التي عملت على حصر تواجد القوات الأمريكية في قواعد محصنة وعزلها عن محيطها في العراق وسوريا.
هل نجح شويغو في منع تفشي الوباء بين القوات الروسية خصوصا في حميميم وطرطوس واللاذقية وحلب ودرعا أم سيعصف كوفيد-19 بالحضور العسكري والسياسي الروسي في سوريا؟ والأهم من ذلك كيف سيؤثر الوباء على مستوى التعاون بين تركيا وإيران وروسيا في سوريا؟
من المبكر الإجابة على هذه التساؤلات؛ ومن المبكر معرفة تداعيات تفشي الوباء على الحضور العسكري الروسي في سوريا خصوصا في حال انتشار المرض على الأراضي الروسية وانشغال روسيا بأزمة داخلية لا تقل خطورة عما تواجهه الولايات المتحدة الأمريكية المنشغلة بإعادة تموضع قواتها في العراق والعالم؛ أمر لا يمكن تتبعه في الحالة الروسية بذات الشفافية والدقة؛ فروسيا متكتمة ولا تعلن بالضرورة عن واقع الحال فيها؛ غير أن إصابة كبير الأطباء المعنيين بمتابعة تفشي الوباء في روسيا كان خبرا مفجعا يشكك في قوة الإجراءات وفاعلية البروتكول الروسي في مكافحة الوباء.. أليس الأمر كذلك؟
كورونا أسعار النفط: أين لغة العقل؟
هل تطيح رؤية بوتين 2036 برؤية محمد بن سلمان 2030؟