صحافة دولية

تقارير: ترامب مهدد بخسارة "الإنجيليين".. ما معنى ذلك؟

كانت ولايات الحزام الإنجيلي موالية لترامب في الانتخابات السابقة- جيتي

أثارت مجلة "كريستيانيتي تودي"، التي تتبنى الخط المسيحي "الإنجيلي"، الذي يوصف بـ"الصهيوني"، في الولايات المتحدة الأمريكية، ضجة واسعة، إثر نشرها مقالا على صدر صفحتها الأولى، لرئيس تحريرها، مارك غالّي، يطالب بإزاحة دونالد ترامب من البيت الأبيض.


واتهمت المجلة ترامب بارتكاب ممارسات لا تقل سوءا عن تلك التي اتهم بها الرئيس الأسبق، بيل كلينتون، وتتعلق بفضيحة جنسية مع المتدربة بالبيت الأبيض "مونيكا لوينسكي".


وشدد "غالّي" على أن الوقت قد حان لتكرار ما طالبت به المجلة قبل 20 عاما، أي "عزل الرئيس".

 

اقرأ أيضا: كوك: المسيحيون الإنجيليّون يشعلون النار في الشرق الأوسط

ورغم انتقاده للطريقة التي يحاول الديمقراطيون من خلالها إسقاط ترامب، منذ فوزه بانتخابات عام 2016، إلا أن "الحقيقة التي لا لبس فيها"، بحسبه، تفيد بأن الأخير "حاول استخدام سلطته السياسية لإكراه زعيم أجنبي على مضايقة وتشويه سمعة أحد خصومه السياسيين"، في إشارة إلى المرشح الديمقراطي للرئاسة، جو بايدن.


وتابع: "هذا ليس انتهاكا للدستور وحسب، فالأهم من ذلك أنه عمل غير أخلاقي"، موضحا أن سبب عدم صدمة كثيرين إزاء ما فعله ترامب يكمن في أن "قيمة الأخلاق" برمتها تراجعت في عهده، مشيرا إلى العديد من الشواهد على ذلك، بدءا بتوظيفه وطرده العديد من المتهمين بارتكاب تجاوزات مختلفة، مرورا بأعماله الخاصة وعلاقاته مع النساء، وليس انتهاء بـ"سوء التصرف والأكاذيب والقذف"، التي تشهد عليها تغريداته على "تويتر"، بحسبه.


"ضربة موجعة"


واعتبرت العديد من وسائل الإعلام الأمريكية موقف "كريستيانيتي تودي" ضربة موجعة لمساعي ترامب الفوز بولاية ثانية العام المقبل، قد لا تقل إيلاما عن إحالته للمحاكمة تحت قبة الكونغرس.


وأشار موقع "أكسيوس" إلى أن المجلة، التي يبلغ معدل عدد زوار موقعها الإلكتروني نحو 4.3 ملايين زائر شهريا، تخاطب الإنجيليين بشكل خاص، الذين يمثلون 25 في المئة من الناخبين الأمريكيين، والذين صوت أغلبهم، وبنسبة ساحقة ناهزت 81 في المئة، لصالح ترامب، في انتخابات 2016.


من جانب آخر، لفت تقرير لمجلة "ذا أتلانتيك" إلى أن موقع "كريستيانيتي تودي" انهار بعد ساعات من نشر المقال، جراء تدفق القراءات، ليظهر "غالّي" بعدها مباشرة على العديد من الفضائيات للحديث عن موقفه الجديد.


ورأى التقرير أن قراء المجلة هم في الغالب من الشريحة الإنجيلية "المثقفة"، إلا أنه اعتبر أن تسليط مختلف وسائل الإعلام الضوء على المقال، ودعوة "غالّي" إلى العمل بشكل منظم للحشد ضد ترامب، من شأنه سحب الكثير من الأصوات التي يعول عليها الأخير.


ويأتي هذا التطور بعد صدور عدة تقارير تؤكد أن مساءلة الرئيس في الكونغرس لم تحظ بعد بتأييد أغلب الناخبين الأمريكيين، ووسط مواصلة ترامب الاحتفاظ بالعديد من أوراق القوة التي تؤهله للفوز مجددا، ومنها الأداء الاقتصادي الجيد، وانقسام خصومه الديمقراطيين، ووقوف العديد من مجموعات الضغط "اللوبيات" في صفه.


وحدة ضد ترامب أم تأسيس للانقسام؟


وأجرت "ذا أتلانتيك" حورا مع "غالّي"، أشار فيه إلى أن دافعه الرئيسي لكتابة المقال يكمن في "توحيد صف المسيحيين"، قبل أن يتسبب الخلاف على تقييم أداء ترامب بتقسيمهم، إضافة إلى ضرورة اتخاذ الإنجيليين موقفا ينسجم مع مواقفهم السابقة بشأن أشخاص آخرين، ارتكبوا تجاوزات سياسية أو أخلاقية.


إلا أن "غالّي" لم ينكر في المقابل وجود خلافات بينه وبين زعماء آخرين للخط الإنجيلي في البلاد، لا سيما "صامويل رودريغيز" و"جوني مور"، اللذين أصدرا مؤخرا بيانا شديد اللهجة ضد مساعي الديمقراطيين عزل ترامب.


واستهجن كاتب المقال المثير للجدل اصطفاف الإنجيليين وراء الحزب الجمهوري، مؤكدا أن أيا من الحزبين لا يمثل القيم الأخلاقية التي تدعو إليه المسيحية، بحسبه.


بدورها، سلطت "واشنطن بوست" الضوء على رد ترامب العنيف، عبر تويتر، على المقال والمجلة، حيث اتهمها بالتوجه نحو أقصى اليسار، في محاولة منه لحشد الإنجيليين، الذين يميلون عادة إلى اليمين واليمين المتطرف، ضدها.

 

 

 

اقرأ أيضا: من أمريكا إلى كوريا.. كيف يكسب الإنجيليون زخمهم العالمي؟

كما اتهم ترامب "غالّي"، دون تسميته، بسرقة ميراث مؤسس المجلة والمبشر الإنجيلي الشهير "بيلي غراهام"، الذي توفي العام الماضي، مؤكدا أنه أكثر رئيس مر على الولايات المتحدة خدمة للإنجيليين.


ولم ينف الكاتب، بحسب ما نقلت عنه الصحيفة، صحة ادعاء ترامب، إلا أنه وصف العلاقة بين الجانبين بأنها تشبه "علاقة امرأة بزوج يعتدي عليها، ولكنه ينفق عليها بشكل جيد في الوقت ذاته".


ولفتت صحيفة "واشنطن بوست" إلى أن "كريستيانيتي تودي" انتقدت سابقا عددا من مواقف وسياسات ترامب، "لكنها لم تجادل ضد رئاسته بهذا الشكل الصارخ".


كما أشارت إلى أن "فرانكلين"، نجل "غراهام"، هو من أبرز المؤيدين لترامب، ونقلت عنه مهاجمة "غالّي"، وزعمه أن والده لم يكن ليرض عما كتبه.


في المقابل، اعتبرت حفيدة الزعيم الإنجيلي الراحل، "جيروشاه دفورد"، في حديث لقناة "سي أن أن"، أن المقال "شجاع"، وأن جدها اتخذ دائما مواقف شجاعة.

 

 

نتاج لـ"الاستنزاف"؟


ورغم احتفاظ الجمهوريين بأغلبية في مجلس الشيوخ، من شأنها عرقلة قرار "العزل"، إلا أن الحزب الديمقراطي سلك مسارا "استنزافيا" منذ تفجر فضيحة "ابتزاز" ترامب نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في أيلول/ سبتمبر الماضي.


وانتقد رئيس مجلس الشيوخ، وزعيم الأغلبية الجمهورية، ميتش ماكونيل، مرارا، مساعي الديمقراطيين إطالة أمد المداولات في الملف تحت قبة الكونغرس، بهدف التأثير على شريحة أوسع من الناخبين، وممارسة أقصى درجات الضغط على ترامب وإدارته.


وتتعلق "قضية أوكرانيا" بتهديد ترامب بقطع مساعدات أقرها الكونغرس لكييف، في إطار استراتيجية أمريكية شاملة ضد سياسات روسيا "العدوانية" في أوروبا، في حال لم يطلق "زيلينسكي" تحقيقا ضد "بايدن" وابنه "هانتر"، بتهم فساد، للحد من حظوظ السياسي الديمقراطي البارز في انتخابات العام المقبل.


ووجه مجلس النواب، ذو الأغلبية الديمقراطية، رسميا، تهمتين لترامب، هما "سوء استغلال السلطة" و"عرقلة تحقيق الكونغرس" في القضية، وهو ما من شأنه إطلاق محاكمة رسمية، يكون فيها مجلس النواب بمثابة الادعاء، والشيوخ بمثابة هيئة المحلفين، وهي ثالث حالة من نوعها في تاريخ الولايات المتحدة، بعد كل من "أندرو جونسون" عام 1868، و"بيل كلينتون" عام 1998، فيما استقال "ريتشارد نيكسون" قبل أن يتخذ مجلس النواب قرارا بعزله.