صحافة دولية

من لبنان إلى هونغ كونغ فطهران.. العالم ينتفض بوجه جديد

علق ميريمان على سقوط القتلى بالقول إنه يعني أن الأنظمة لم تنصت لمطالب شعوبها وأنها تتعامل معها باحتقار- جيتي

نشرت صحيفة "نوفال أوبسرفاتور" الفرنسية حوارا مع المحلل الأمريكي هاردي ميريمان الذي تطرق إلى موجة الاحتجاج التي تجتاح العالم انطلاقا من بيروت، مرورا بسانتياغو والجزائر وهونغ كونغ وطهران وبغداد والخرطوم، وصولا إلى لاباز.

وقالت الصحيفة، في هذا الحوار الذي ترجمته "عربي21"، إن المحلل الأمريكي هاردي ميريمان، وهو رئيس المركز الدولي للصراع اللاعنفي في واشنطن، سبق له أن نشر العديد من التقارير والكتب حول المقاومة المدنية والانتفاضات والتحركات الشعبية في العالم.

وفي إجابته عن تساؤل الصحيفة بشأن العوامل المشتركة لهذه الاحتجاجات الشعبية التي تجتاح العديد من البلدان في مختلف القارات، قال هاردي ميريمان إن "هذه الموجة الاحتجاجية العالمية نشأت جراء عاملين : يتمثل الأول في حالة الإحباط والغضب التي تراكمت على مر السنين جراء ممارسات الأنظمة الحاكمة.

 

أما العامل الثاني، فله علاقة بحدث يلعب دور القطرة التي أفاضت الكأس، مثل رفع الحكومة في سعر تذكرة المترو في التشيلي. وفي لبنان، انتفض الشعب عشية فرض ضريبة على استخدام الواتسآب، فيما انتفض السودان بعد الترفيع في سعر الخبز".

وأكد ميريمان أنه "بغض النظر عن هذه الإجراءات الحكومية التي تمس مباشرة من المستوى المعيشي للمواطن، فإن هناك أسبابا أخرى تقف وراء انتفاض هذه الشعوب، لعل من أبرزها انتشار الفساد وسوء استخدام السلطة؛ فالشعب ينتفض ضد عدم كفاءة قادته ويطالب بتحسين النظام الاقتصادي والسياسي على حد سواء".

وذكرت الصحيفة أن هاردي ميريمان لا يؤمن بالتحرك الشعبي التلقائي، بل يعتقد أن تكتيكات الناشطين تلعب دورا بارزا في إثارة الشعوب.

 

كما يلعب الناشطون أيضا دورا في توجيه الغضب الشعبي وجعله حراكا منظما، مثل ذلك الذي أفضى إلى إجبار بوتفليقة على تقديم استقالته في الجزائر والسودان ولبنان على سبيل المثال. وهذا يعني أن لمسة الناشطين هامة جدا لإنجاح الانتفاضات.

 

اقرأ أيضا : دول تشهد احتجاجات غاضبة.. تعرف عليها (إنفوغراف)


واستفسرت الصحيفة بشأن عدم وجود قادة محددين يمثلون هذه الاحتجاجات، في ظل رفض هذه الشعوب الثائرة تعيين ناطق رسمي باسمها.

 

ومن جهته، أكد المحلل الأمريكي صحة ذلك مشيرا إلى أن "المتظاهرين في هونغ كونغ رددوا مقولة بروس لي الشهيرة "كونوا مثل الماء"، أي دون زعيم رسمي يقود الحراك تجنبا لاعتقاله.

 

ولكن غياب قائد سيضعف الحراك مع مرور الوقت، حيث سيجبر المحتجون في مناسبة ما على التفاوض مع الأنظمة التي يحتجون ضدها".

وأضاف ميريمان أن "الناشطين الذين تحدثت عنهم لا يجب أن يكونوا بالضرورة قادة معروفين، بل يمكن أن تقود الحراك الشعبي نقابات اجتماعية على غرار نقابة الأساتذة أو النساء في السودان، أو نقابات طلابية على غرار نيكاراغوا، أو نقابة المتقاعدين في التشيلي".

وتساءلت الصحيفة عما إذا كانت هذه الاحتجاجات نابعة أساسا من شبكات التواصل الاجتماعي. وقد أوضح المحلل الأمريكي قائلا "أنا في الحقيقة، أشكك في تأثير الإنترنت على تأجيج الثورات، فدورها يتلخص فقط في استنكار فساد الأنظمة وعدم كفاءتها. ومن النادر أن تتحول حالة السخط الشعبي على فيسبوك أو إنستغرام إلى انتفاضات تهز الشوارع".

وأورد المحلل أنه "في لبنان مثلا، تغذت الثورة الحالية على انتفاضات سابقة، على غرار ثورة الأرز سنة 2005 بعد حادثة اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري، والاحتجاجات ضد انتشار النفايات سنة 2015، والتي حملت شعار "طلعت ريحتكم". وساهمت هذه التحركات في تكوين نشطاء وخطط وشعارات للتظاهر في لبنان".

كما تحدث المحلل الأمريكي عن ظاهرة تنكر المتظاهرين بأقنعة تعود لشخصيات رمزية، على غرار ارتداء قناع لشخصية الجوكر أو قناع جاي فوكس، البطل الذي ثار في بريطانيا العظمى.


اقرا أيضا : "إندبندنت": الاحتجاجات تقوض سلطة النخب الفاسدة حول العالم


ونوهت الصحيفة بأن هذه التحركات الاحتجاجية أسفرت عن سقوط العديد من القتلى، حيث قتل في العراق نحو 157 متظاهرا.

 

وعلق ميريمان على ذلك قائلا إن "سقوط قتلى يعني أن الأنظمة لم تنصت لمطالب شعوبها، وأنها تتعامل معها باحتقار. ولكن ذلك يدفع المحتجين للرد على العنف بالعنف".

وعبر المحلل الأمريكي عن إعجابه بالحراك السوداني، قائلا "هو في الحقيقة أكثر حركة استثنائية خلال هذا العقد، حيث رد المواطنون على عنف النظام من خلال تنظيم إضراب عام حقق نجاحا لم نتخيله.

 

ويوم 11 نيسان/ أبريل، وقع الإطاحة بعمر البشير بعد أكثر من 30 سنة مضت على حكمه للسودان، وتم تشكيل تحالفات بين المتظاهرين وممثلي الجيش، لتجنب الفراغ في السلطة".

وتساءلت الصحيفة عن سبب فشل موجة "الربيع العربي" في سنة 2011؟ باستثناء تونس. وأجاب المحلل الأمريكي أنه "في سنة 2011، تفطنت الأنظمة الاستبدادية العربية للمد الديمقراطي مبكرا في الوقت الذي لا زال فيه الناشطون في بداية الطريق نحو ثورة ديمقراطية. وحتى تنجح الثورات، ينبغي على المحتجين أن يلتزموا بمبدأ الأغلبية بعيدا عن الحسابات الحزبية".