صحافة دولية

WSJ: هذه أخطاء السياسة الأمريكية التي زادت مظالم تركيا

وول ستريت: أخطاء السياسة الأمريكية زادت من مظالم تركيا- جيتي

نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" مقالا مشتركا، أعده كل من الزميل في معهد هدسون، مايكل دوران، والبروفيسور في جامعة برنستون، مايكل رينولدز، يقولان فيه إن لتركيا مظالم مشروعة في شمال سوريا، مشيرين إلى أن ترامب محق بسحب القوات الأمريكية ووقف الدعم عن جماعة لها ارتباطات مع حزب العمال الكردستاني (بي كي كي). 

 

ويقول الكاتبان في مقالهما، الذي ترجمته "عربي21"، إن "نقاد الرئيس ترامب شجبوا قراره لسحب القوات الأمريكية من شمال سوريا، الذي يرون أنه نتيجة اندفاع متهور وخطير يتجاهل الحقائق الاستراتيجية، ويقولون إنه خان الأكراد وقوات حماية الشعب الكردية، التي ساعدت على هزيمة تنظيم الدولة، وبأنه كافأ حاكم مستبد مثل رجب طيب أردوغان، لكن النقاد أنفسهم لا يفهمون الواقع". 

 

ويرى الكاتبان أن "معظم مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية تنظر إلى تركيا على أنها حليف غير ممتن، وأنها حصان طروادة في حلف الشمال الأطلسي، وهناك في الكابيتال هيل وعدد من مراكز البحث في واشنطن دعوات لتقديم تنازلات لإيران تلقى تعاطفا أكثر من دعوات تقديم تنازلات لأنقرة التي تعد حليفا منذ 67 عاما". 

 

ويشير الكاتبان إلى أن "إصرار تركيا على تأمين حدودها الجنوبية ضد قوات حماية الشعب الكردية يعد في نظر النقاد نزعة وحشية، مع أن قوات حماية الشعب لديها علاقة قوية مع حزب العمال الكردستاني، كما ورد في شهادة وزير الدفاع السابق آشتون كارتر أمام الكونغرس في نيسان/ أبريل 2016، وتعد ضمن قائمة وزارة الخارجية للجماعات المصنفة بالإرهابية، وتشن هذه المنظمة حربا ضد تركيا منذ عام 1984، أدت إلى سقوط عشرات الآلاف من الضحايا، وذلك بحسب برنامج (أوبسالا كونفلكت داتا)، وهو مصدر محترم للمعلومات عن النزاعات المسلحة". 

 

ويلفت الكاتبان إلى أن "نقاد تركيا يشيرون إلى شرائها قبل فترة نظام أس- 400 الدفاعي الصاروخي من روسيا، للتأكيد على أن الرئيس أردوغان يخرق العلاقات الأمريكية التركية، وهذا تبسيط مفرط يقوم على فرض كسول، وهو أن أردوغان مسؤول شخصيا عن جذور الحقد في العلاقات الأمريكية التركية، وتستحضر هذه النظرة التي تحاول إثبات أنه حليف لا يعتمد عليه نزعته الديكتاتورية، وآراءه الإسلامية، ومعاداته لإسرائيل وتعاطفه مع جماعة الإخوان المسلمين، ومعارضته للقومية التركية داخل تركيا وخارجها". 

 

وينوه الكاتبان إلى أن "هناك مقالات متهمة له تعتمد على رؤية قوية أكثر من غيرها، لكن الأسباب التي دفعت تركيا لتحدي واشنطن هي أبعد من كونها مرتبطة بشخص واحد، فالاستطلاعات الموثوق بها تظهر أن نسبة 70- 80% من الأتراك يعتقدون أن أمريكا دولة معادية لهم، ومع أن معاداة أمريكا تعد قصة قديمة في تركيا، إلا أن زيادتها في السنوات الأخيرة تكشف عن أن الأتراك باتوا ينظرون للولايات المتحدة على أنها تهديد، ويعد هذا تطورا مدهشا في بلد طالما نظر إلى نفسه على أنه حليف وشريك لأمريكا طوال العقود الماضية". 

 

ويقول الكاتبان إن " لا يمكن تحميل أردوغان مسؤولية مستوى هذا العداء، خاصة أن نسبة شعبيته بين الأتراك تصل إلى 40%، ومظاهر السخط تجاه أمريكا هي أبعد من حزب الرئيس العدالة والتنمية". 

 

ويتساءل الكاتبان عن السبب الذي يدعو لخسارة أمريكا تركيا، مشيرين إلى أن الأتراك لديهم قائمة المظالم الخاصة بهم، التي تبرز ثلاثة منها، وهي على النحو الآتي:

 

أولا: سياسة الولايات المتحدة غير القوية في سوريا، فقد اتبعت أنقرة خطوات أمريكا في دعم الشعب السوري، ومحاولاته الإطاحة بنظام بشار الأسد، لكن عندما أسقط الطيران التركي في عام 2015 طائرة روسية، تعاملت إدارة باراك أوباما مع الحادث كأنه مشاجرة مع طرف ثالث وليس بين حليف أمريكي مهم في المنطقة وعدو يهدد المصالح الأمريكية. 

 

ووجدت تركيا نفسها وحيدة، ولهذا اضطرت للتعامل مع موسكو فلاديمير بوتين في مواجهة تجاهل أوباما، وهو ما أدى إلى ولادة العلاقة التي قادت لشراء نظام أس-400. 

 

ثانيا: التعاطف الفضولي الذي أظهرته أمريكا لفتح الله غولن، رجل الدين الذي يقيم في بنسلفانيا منذ عام 1999، ورفضت وزارة الأمن الداخلي طلب غولن للإقامة الدائمة أثناء إدارة جورج دبليو بوش، بعدما وجدت أن مزاعم غولن حول مؤهلاته التعليمية مبالغ فيها، وتم التحقيق في المدارس التابعة له بتهمة التزوير في الهجرة، مع أنه لم يتم توجيه تهم لها، واتهمت شخصيات مقربة له بأداء دور في الانقلاب الفاشل الذي أدى إلى مقتل 251 شخصا. 

 

ورغم شجب غولن العملية، ونفيه أن يكون له دور فيها، إلا أن أتباعه السابقين قالوا إن منظمته مركزية، وقال الخبراء الأمريكيون، وبينهم السفير السابق جيمس جيفري، إن أتباع غولن بحثوا عن القوة في تركيا من خلال اختراق مؤسسات الدولة، وهناك الكثير من الأتراك يشكون في قيام أتباع غولن بدعم محاولة انقلابية دون مباركته، وقبل توليه منصبه مبعوثا خاصا لوزارة الخارجية قال جيفري إنه "أمر مخجل بقاء غولن في الولايات المتحدة"، ولماذا ستظل أمريكا تحمي شخصا يستحق الازدراء كهذا؟

 

ثالثا: القرار الذي ترك تبعات كبيرة، وهو قيام إدارة باراك أوباما بتسليح جماعات الحماية الكردية، وتدريبها عام 2016، وضمها للقوات الأمريكية الخاصة، وبدلا من العمل مع تركيا قررت أمريكا التعاون مع فرع لحزب العمال الكردستاني، المسؤول عن عقود من الحروب وعشرات الآلاف من القتلى، ويمثل "بي كي كي" تهديدا خطيرا على الجمهورية التركية والأتراك من الأطياف السياسية كلها.

 

ويجد الكاتبان إلى أن "تجاهل أمريكا اعتراضات تركيا ضد تسليح الأكراد، باعتبارها متجذرة في التعصب ضد الأكراد فيه جهل، مثل تصوير القتال ضد تنظيم القاعدة بأنه فعل كراهية ضد الإسلام. 

 

ويرى الكاتبان أن "شراء منظومة أس- 400، والضغط الذي مارسه أردوغان على القوات الأمريكية في شمال سوريا يجعله يثبت للرأي العام التركي أنه قادر على معاندة أمريكا على الطريقة الرديئة التي عاملت فيها تركيا، ويعيد مستوى القوة مع (بي كي كي)، الذي قامت أمريكا وبطريقة غير مقصودة بتغييره.

 

ويختم الكاتبان مقالهما بالقول إن قيام أمريكا بالانتقام من تركيا وتهميشها يعد حماقة، ولو فعلت هذا في وقت يتراجع فيه دعم أردوغان للديمقراطية، فإنها ستهدي بوتين هدية لم يكن يحلم بها أبدا".
 
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)