قضايا وآراء

محمد علي وكشف المستور

1300x600

في ظل تمدد الانقلاب العسكري وسيطرته بالقوة الجبرية على مفاصل الدولة المصرية، وتخيير الناس بين معيشة الذل ومعيشة السجن، خرج رجل الأعمال محمد على بفيديوهاته ليكشف جانبا مهما من دولة العسكر الفاسدة، وما نتج عنها من الزج بالجيش المصري في معترك بعيدا عن رؤيته ورسالته، وحصره في شخصية شخص لا يعرف للعسكرية قيمة، ولا للأمانة مكانة ولا للصدق وجودا.

لقد جاءت فيديوهات محمد على لتحرك الماء الراكد؛ في ظل معارضة باهتة. ولا يهمني هنا من هو محمد على وعلاقته بالعسكر (إيجابا أو سلبا)، ومن يحركه، بقدر ما يهمني من معلومات كشف عنها، وهي معلومات في مجملها ليست جديدة، ولكنها في تفصيلاتها تتميز بالحداثة وكشف المستور، لا سيما من خلال ما تميزت به أدلة إثباته التي تعدت المستندات الورقية؛ إلى أصول حقيقية مرئية شاهدة على فساد السيسي وعصابته المنتفعين معه.

لقد تربى محمد علي في المحضن الاقتصادي للعسكر وفساده لنحو ستة عشر عاما، ومن ثم جاء كلامه من منبعه. ويكفي ما كشفه عن الحول التنموي المتعمد للسيسي واستخفافه بالشعب؛ من خلال نهمه ببناء القصور في بلد يعيش جل أبنائه معيشة القبور، بفعل وتوجيه زوجته التي تحولت بدورها إلى دولة غسيل أموال؛ تنهم من المال العام من أجل التمتع بحياة لم تعرف لها سبيلا من قبل.

 

يكفي ما كشفه عن الحول التنموي المتعمد للسيسي واستخفافه بالشعب؛ من خلال نهمه ببناء القصور في بلد يعيش جل أبنائه معيشة القبور، بفعل وتوجيه زوجته التي تحولت بدورها إلى دولة غسيل أموال

وفي اعتقادي أن السيسي الذي حصل على مكافأة تعدت 70 مليار دولار من دول الخليج، نظير قيامه بخيانة الأمانة والغدر، وخيانة رئيسه المنتخب الدكتور الشهيد محمد مرسي رحمه الله.. ينظر لهذه الأموال كأنها حقا خالصا له استفاد من جلها وترك جزءا منها لعصابته، ولم يدخل في ميزانية الدولة إلا الفتات منها.

ونظرا للارتباك التي حققته كلمات محمد علي فقد أعلن السيسي عن مؤتمر للشباب على غير موعد، وقد بدا فيه مضطربا وجاء رده على محمد علي كاشفا فاضحا لا سيما قوله: “طيب قصور رئاسية.. آه أمال ايه.. أنا عامل قصور رئاسية وهعمل.. أنا بعمل دولة جديدة.. إنتوا فاكرين لما تتكلموا بالباطل هتخوفوني ولا إيه.. لا.. أنا بعمل واعمل واعمل.. بس مش بعمله ليا.. مش باسمي.. مفيش حاجة باسمي.. ده باسم مصر”.

إن من السفة ألا يجد الطلاب مقاعد لدراستهم ولا مدارس تأويهم، ولا يجد الشعب عامة مستشفيات تعالجه، ولا لقيمات سليمة يقمن صلبه، ثم نجد من لا يبني سوى القصور والسجون.. قصور رضاء لزوجته وسجون لمعارضيه. ثم يتبجح بذلك بعد فضيحته ويعلن أنه يبني هذه القصور باسم مصر، وأنه سيبني المزيد.. مصر التي تشتكي من ظلمه.. مصر التي تئن من استبداده.. مصر التي يعاني شعبها من الفقر والجوع والمرض من أجل رفاهية السيدة انتصار.. مصر التي ظلم السيسي جيشها وشعبها وغذى من وراء ذلك الطبقية المقيتة والكراهية المميتة… مصر التي أخذ السيسي من قوت أهلها ليبني قبرا لأمه بملايين الجنيهات.

إن مصر لا تعاني من قلة القصور الرئاسية ففيها (على الأقل) ثلاثين قصرا رئاسيا مهجورا، ولكنها تعاني من وجود حاكم مستبد باع تيران وصنافير، ورفع الدعم وزاد من الضرائب على المحتاجين، ورهن مستقبل مصر لصالح الكيان الصهيوني، وحول الجيش المصري إلى تجار للخضروات والفواكه والأسماك بدلا من كونه مصنعا للرجال والسلاح.. وقام بمشروعات أهدرت المليارات من أجل مظاهر فارغة وزعامة مطموسة، وفي مقدمتها مشروع تفريعة قناة السويس والعاصمة الجديدة التي بنى بها قصرا يمثل عشرة أضعاف مساحة البيت الأبيض في أمريكا.

إن السيسي ليس في قاموسه بناء الإنسان، بل كل همه هدم مصر والمصريين وفق مشروع صهيوني واضح العالم مدروس الجوانب. ولعل فيديوهات محمد على توقظ النائم وتحرك الغافل، وتدفع المكبوت للتحرر والجرأة. ولعلها تجد في الجيش من لا يقبل ربط مصيره بمصير مجرم حرب قاتل، ولرئيسه غادر، وبائع لأرض الوطن وخائن. ولعل الشعب، بمن فيه المخلصين من جيشه، يهب ليخلص مصر، درة التاريخ والجغرافيا، من هذا الهدم الممنهج لها، ويعيد لها حقها ودورها كما أرادها الله لها؛ كنانة له في أرضه.