ملفات وتقارير

لماذا رشحت "النهضة" زعيمها الغنوشي للانتخابات البرلمانية؟

يمنح الدستور التونسي صلاحيات واسعة للبرلمان- الصفحة الرسمية للغنوشي

يثير دفع حركة النهضة التونسية لزعيمها راشد الغنوشي إلى الانتخابات التشريعية، تساؤلات حول أسباب قرارها، وتكهنات بشأن ترشيحه لرئاسة البرلمان، المنصب الذي تعد صلاحياته أوسع من رئاسة الجمهورية.

وسبق أن أنهت حركة النهضة التونسية، الجدل بشأن إعلان ترشح الغنوشي، للانتخابات البرلمانية، المقررة في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، ما يعني أنه لن يكون خيار الحزب في السباق الرئاسي في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.

ويمنح الدستور التونسي، صلاحيات واسعة للبرلمان، ما جعل حركة النهضة تولي اهتماما كبيرا لخوض سباق الانتخابات في الدوائر كافة.

 

سلطة صاحبة الصلاحيات الأوسع

وفي هذا السياق، رأى الكاتب التونسي، الصغير الشامخ، أن دفع حركة النهضة برئيسها راشد الغنوشي على رأس إحدى قوائمها للانتخابات التشريعية، يعكس دفاع الحركة وحرصها على الإبقاء على مجلس نواب الشعب والسلطة التشريعية صاحبة الصلاحيات الأوسع في النظام السياسي التونسي الجديد بعد الثورة.

وأشار في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن خطوة حركة النهضة تأتي في ظل اهتراء صورة المجلس النيابي، ومحاولات بعض الأطراف السياسية الدفع للعودة إلى نظام رئاسي.

 

اقرأ أيضا: "النهضة" تصادق على ترشيح الغنوشي بالانتخابات التشريعية

وحول أهمية البرلمان في تونس، أوضح الشامخ، أن النظام السياسي الجديد أعطى للبرلمان صلاحيات واسعة تشريعية ورقابية، بالإضافة لصلاحيات أخرى، ليصبح مركز الثقل في مرحلة الانتقال الديمقراطي.

ولفت إلى أن تقسيم السلطات في تونس بين القصبة وقرطاج وباردو، قطع مع سلطة الشخص الواحد والحزب الواحد، وجعل من البرلمان سلطة تمثيلية للشعب من جهة، ورقابية على السلطة التنفيذية من جهة أخرى.

 

رهانات وتوازنات

وأكد الكاتب التونسي، على أن هناك رهانات سياسية وتوازنات داخلية وإقليمية، مازالت ترفض الإسلاميين في كثير من مراكز القرار المتقدمة بما فيها رئاسة الجمهورية في تونس، إلا أن هناك رهانا كبيرا على السلطة التشريعية في ظل الصلاحيات المحدودة جدا لرئيس الجمهورية.

في السياق ذاته، قال الكاتب والمحلل السياسي التونسي علي لافي، إن لحركة النهضة أهدافا معلنة وغير معلنة في ترشيح زعيمها للبرلمان.

وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، أن الحركة ذات ثقل كبير في تونس، وتأتي بالدرجة الأولى إلى جانب حزب "تحيا تونس"، و"نداء تونس"، مشيرا إلى أنه قد يكون هناك توجه بأن تكون السلطات الثلاث مقسمة بين الأحزاب.

 

المؤتمر العام 

 
ولم يستبعد لافي، بفوز حزب النهضة بأغلبية المقاعد التشريعية، وبالتالي قد يكون الغنوشي رئيسا للبرلمان أو رئيسا للحكومة.

 

وأشار إلى أن الخيار الأفضل لدى حزب النهضة، بأن يتولى الغنوشي رئاسة البرلمان، بدلا من الحكومة.

 

اقرأ أيضا: رسائل غاضبة من قيادات في النهضة للغنوشي.. ماذا قالوا؟

ولفت إلى أن هناك اعتبارات لحركة النهضة، قبيل مؤتمرها العام، موضحا أن الغنوشي لن يستطيع بعد المؤتمر المقبل أن يكون رئيسا للحزب، بعامل السن، والقانون الأساسي للحزب الذي يؤمن بالتداول بقيادته.

وأكد لافي، أن الحركة تؤمن بزج مفكريها والفاعلين فيها، للبرلمان الذي يأتي ما بعد الثورة.

 

وأوضح أنه بالتعديل الدستوري عام 2014، أصبح النظام في تونس نظاما برلمانيا، يكتسب أهمية كبيرة، وأثبت نجاحه ديمقراطيا بعد عقود من الاستبداد بسبب النظام الرئاسي الذي كبل البلاد من خوض تجارب ديمقراطية.

 

صعود الإسلاميين

وحول الخشية من صعود الإسلاميين لأروقة السلطة بتونس، وتكرار تجارب كما في مصر، أشار الكاتب التونسي، إلى أن هناك إرادة لدى البعض في الساحة الدولية والإقليمية وخاصة محور (السعودية والإمارات ومصر)، لبسط أنظمة عسكرية وخاصة شمال أفريقيا.

وتابع، إلا أن التجربة التونسية بعيدة عن نجاح هذا المخطط، وبالتالي ليس هناك خشية في تونس التي تعيش ما بعد الثورة تجارب ديمقراطية، بسبب عقلية الثورة وعدم الرجوع إلى الخلف.

الكاتب والإعلامي عادل بن عبد الله، لفت إلى أن ما يثير الانتباه، أن قرار النهضة، هو ترشيح الغنوشي، عن دائرة "تونس 1" بالعاصمة، وليس عن بعض دوائر الجنوب كما هو متوقع.

 

رمزية عالية لهذا السبب

وأضاف في مقال نشر على "عربي21"، أن ترشح الغنوشي يعد ذا رمزية عالية، لافتا إلى أن النهضة تكاد تتحول في الوعي الجمعي إلى حزب جنوبي؛ يختار رئيسها أن ينافس المنظومة القديمة في مركز سلطتها، وبين قواعدها الانتخابية الأكثر عددا.

 

اقرأ أيضا: تونس.. هل يكون الغنوشي مرشح النهضة للانتخابات الرئاسية؟

توافق وضوء أخضر

 

وأكد على أن وصول الغنوشي إلى البرلمان، وترؤسه المتوقع للمجلس النيابي، يشير إلى أمرين هما: الأول، استمرار منطق التوافق في الداخل، وحصول ذلك التوافق على الضوء الأخضر من القوى الإقليمية والدولية المهيمنة على القرار السيادي التونسي.

أما الأمر الآخر، بحسب ابن عبد الله، فهو حصول تفاهمات دولية تتولى النهضة بمقتضاها رئاسة المجلس النيابي، وتترك رئاسة الوزراء ورئاسة الدولة لمرشحين من النواة الصلبة للمنظومة القديمة (أي لشخصيتين من بلدية العاصمة ومن أهل الساحل).