قضايا وآراء

مؤتمر حزب الدعوة في كربلاء!

1300x600

سيطر حزب "الدعوة الإسلاميّة" على حكم العراق بعد العام 2003 لأكثر من 14 عاماً، عبر أربع ولايات متوالية!

الولاية الأولى كانت من نصيب إبراهيم الجعفري؛ الذي ترأّس الوزارة بداية العام 2005 حتّى منتصف العام 2006، بعدها جاءوا بمرشح التسوية نوري المالكي، الذي حكم البلاد بالكراهية والحديد حتّى آب/ أغسطس 2014، وتلتها حكومة حيدر العبادي لأربع سنوات، وبهذا يكون حزب الدعوة قد حكم العراق لأكثر من 14 عاماً مليئة بالدم والترهيب والتناحر الطائفيّ والقوميّ المقيت، وسحق مفهوم الدولة!

وبحسب مصادر من داخل الدعوة، فإنّ الحزب بزعامة الأمين العامّ نوري المالكي سيعقد مؤتمراً عامّاً يومي الجمعة والسبت (12-13 تموز/ يوليو 2019) في مدينة كربلاء.

 

هذا التأزم ليس غريباً على حزب الدعوة الذي يعاني من آفة الانشقاقات القاصمة للظهر منذ نشأته عام 1957م

وأكّدت تلك المصادر وجود اعتراضات حزبيّة على اللجنة التحضيريّة للمؤتمر حيث قدّم 55 عضواً من الطائفة الشبكيّة استقالاتهم لعدم إنصافهم من اللجنة، وكذلك استبعدت اللجنة مجموعة من أعضاء الحزب بمكتب الناصرية، ومنعت حضور شخصيات حزبيّة للمؤتمر لأسباب مجهولة، ممّا أثار حفيظتهم!

هذه العوامل خلقت توتراً خطيراً قبل انعقاد المؤتمر، وربّما ستؤثّر على مخرجاته!

هذا التأزم ليس غريباً على حزب الدعوة الذي يعاني من آفة الانشقاقات القاصمة للظهر منذ نشأته عام 1957م (بمباركة العديد من الشخصيّات منهم محمد باقر الصدر، ومهدي الحكيم، وغيرهما) وحتّى الأشهر الأخيرة الماضية!

بداية الانشقاقات كانت في العام 1981، وتمّ عزل القيادي محمد السبيتي، وظهور جناح خارج الحزب؛ شكّل "حركة الدعوة الإسلاميّة"، وبقي عبد الزهرة عثمان، واسمه الحركي "عز الدين سليم"، يقودها حتّى مقتله عام 2004 ببغداد.

ثمّ وقع الانشقاق الثاني في العام 1984، ونتج عنه اعتزال بعض كوادر الحزب، وشكّلوا "حزب الدعوة- المجلس الفقهيّ".

وفي العام 1999، وقع الانشقاق الأكبر، وأسست مجموعة من قياديي الدعوة وكوادره تنظيم "حزب الدعوة الإسلاميّة- تنظيم العراق" بزعامة هاشم الموسوي.

وفي العام 2007، أطلق إبراهيم الجعفري "تيّار الإصلاح الوطنيّ"، على خلفيّة عزوف قيادات الدعوة عن تجديد الثقة به أميناً عامّاً!

 

الانشطارات التي يشهدها الحزب تؤكّد غياب الحياة الحزبيّة الصحّيّة، واستمرار الصراع على الزعامة، تماماً مثل غالبيّة الأحزاب العراقيّة الحاكمة

وفي نهاية أيّار/ مايو 2019، أعلن حيدر العبادي استقالته من كافّة المواقع القياديّة في الدعوة، داعياً الحزب إلى تجديد أطرّ قيادته، وإلى المراجعة النقديّة والتجديد في خطاب وهيكليّة الحزب، وضخّ دماء جديدة في مفاصله وقيادته!

ولا ندري هل سيشهد مؤتمر كربلاء انشقاقاً جديداً، أم أنّه سيكون محطّة لردم الخلافات الداخليّة مع رفاق الأمس!

الانشطارات التي يشهدها الحزب تؤكّد غياب الحياة الحزبيّة الصحّيّة، واستمرار الصراع على الزعامة، تماماً مثل غالبيّة الأحزاب العراقيّة الحاكمة التي أصبحت "دكاكين" لأشخاص يطمعون في الزعامة والثراء الفاحش، وليست وسيلة سياسيّة لتحقيق آمال الجماهير وطموحاتها!

أثبتت التجارب الماضية فشل حزب الدعوة في بناء الدولة، وتحقيق أحلام الجماهير العطشى لكلّ ما يخفّف عنهم آلامهم، ويزيح عنهم همومهم، رغم توفّر كافّة الإمكانيات البشريّة والماليّة والمعنويّة الداعمة لنجاحه.

 

ساهم الحزب في مؤامرة نخر المجتمع طائفياً، رغم تناقض هذا التوجه مع النظام الداخليّ للحزب، الذي أكّد على عدم تبني النهج الطائفيّ، وقد تفرّد الحزب بدكتاتوريّة دمويّة في سنوات حكمه المظلمة

ساهم الحزب في مؤامرة نخر المجتمع طائفياً، رغم تناقض هذا التوجه مع النظام الداخليّ للحزب، الذي أكّد على عدم تبني النهج الطائفيّ، وقد تفرّد الحزب بدكتاتوريّة دمويّة في سنوات حكمه المظلمة، على الرغم من معارضته السابقة للنظام "الدكتاتوريّ"، وإيمانه الحاليّ بالديمقراطيّة!

تقع على عاتق مؤتمر كربلاء القادم مسؤوليّة تاريخيّة شاقّة ودقيقة، تتمثّل في ضرورة الاعتراف بفشل غالبيّة قيادات حزب الدعوة في قيادة الدولة، وبالذات في مرحلة حكم نوري المالكي، ومساهمتهم في تعميق الخلافات الطائفيّة والمذهبيّة والقوميّة بين العراقيّين، ونكوصهم عن إدارة دفّة الحكم بالطريقة السلسلة الآمنة، التي ما زال العراقيّون يعانون من آثارها الساحقة في مختلف جوانب حياتهم!

الاعتراف بالفشل، وتحمل المسؤوليّة، وعدم الركض نحو مغارات التكبّر والتعالي على الوطن والمواطن؛ بحاجة إلى شجاعة وحياديّة كبيرة من المجتمعين في كربلاء، فهل سيعلنها زعماء الدعوة وأعضاؤه، أم سيتحدّثون عن إنجازاتهم الوهميّة، ويبارك بعضهم لبعض "جهادهم"، من أجل بقاء مصالحهم الخاصّة، بعيداً عن مصلحة العراق والعراقيّين؟