صحافة دولية

FT: هل يدفع بولتون وبومبيو ترامب لحرب لا يريدها؟

فايننشال تايمز: الإدارة الأمريكية منقسمة حول استراتيجية ترامب في التعامل مع إيران- جيتي

نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا لمراسلها في واشنطن، ديمتري سيفاستفول، تحت عنوان "استراتيجية ترامب لممارسة الضغط الأقصى تثير مخاوف من حرب"، يقول فيه إن الإدارة تنقسم بشكل متزايد حول ما إذا كانت هذه الاستراتيجية ستقلل من التوترات.

 

وتقول الصحيفة إن الرئيس دونالد ترامب يثير مخاوف من حملته لممارسة الضغط الأقصى على إيران، قد تقود إلى نزاع عسكري بعدما اتهمها بتفجير ناقلتي النفط في خليج عمان الأسبوع الماضي. 

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن ترامب تأرجح مثل بندول الساعة في الموضوع الإيراني منذ خروجه من الاتفاقية النووية معها عام 2015، ففي مرة هددها "بعواقب خطيرة" لو هددت المصالح الأمريكية، إلا أنه أشار في مرات أخرى إلى أنه يريد لقاء القيادة الإيرانية والتفاوض معها على اتفاقية نووية جديدة، قبل أن يتراجع ويقول إن الوقت ليس مناسبا.

 

وينقل سيفاستفول عن خبير الشرق الأوسط في مجموعة الأزمات الدولية في بروكسل روبرت مالي، قوله: "أعتقد أن الرئيس يأمل بأن يقود نهجه المتمثل بالضغط الأقصى إلى محادثات، لكن السياسة التي تبناها قد تقود إلى حرب لا يريدها"، مشيرا إلى أن ترامب يأمل أن تقود الضغوط والعقوبات إيران إلى طاولة المفاوضات، لكن من موقف ضعيف. 

 

وتستدرك الصحيفة بأن هناك خلافات داخل الإدارة، وآراء مختلفة بين الخبراء حول إمكانية تخفيف التوتر مع إيران، مشيرة إلى أن التوتر في تزايد منذ خروج الولايات المتحدة من الاتفاقية النووية قبل عام، وتصاعد بشكل واضح في الأسابيع الماضية مع سلسلة من الهجمات على ناقلات النفط في منطقة الخليج، التي ألقت فيها الولايات المتحدة اللوم على إيران. 

 

ويورد التقرير نقلا عن مؤلف كتاب "خسارة عدو" حول الاتفاقية التي عقدتها إدارة باراك أوباما مع إيران، تريتا بارسي، قوله إن ترامب ليس لديه اهتمام في القيام بعمل عسكري، ويتعرض للتضليل من مستشار أمنه القومي جون بولتون، ووزير الخارجية مايك بومبيو، وأضاف: "يقدم له المستشارون النصيحة التي يعتقد أنها ستقود إلى طاولة المفاوضات، لكنهم يعلمون أنها وسيلة فعالة لضمان التصعيد بطريقة تقود إلى مواجهة عسكرية". 

 

ويفيد الكاتب بأن كلا من بولتون وبومبيو نفيا أن تكون السياسة الأمريكية تسعى إلى تغيير النظام في طهران، مشيرا إلى أن وزير الخارجية حدد في العام الماضي 12 نقطة، طلب من إيران الوفاء بها قبل أي صفقة، وتتراوح ما بين إجراءات تتعلق بالملف النووي، وأخرى لها علاقة بتأثير الجمهورية الإسلامية في المنطقة. 

 

وتنقل الصحيفة عن مدير وقفية كارنيغي للسلام العالمي بيل بيرنز، الذي عمل نائبا لوزير الخارجية في أثناء فترة أوباما، قوله إن فريق ترامب ليس مهتما بالتوصل لاتفاقية نووية أفضل من التي وقعها أوباما، ويريد "استسلام (إيران) في عدد من القضايا أو انفجار النظام.. لا أعتقد أن أيا من هذين الهدفين واقعي، ولهذا وجدنا أنفسنا أمام وضع أصبح فيه المتشددون في العاصمتين عوامل مساعدة على التصعيد المستمر". 

 

ويفيد التقرير بأن البيت الأبيض يجد أن إدارة أوباما لم تكن متشددة بما فيه الكفاية مع إيران، ويناقش أن الاتفاقية كانت معيبة، ولم تتعامل مع ما تصفه إدارة ترامب بنشاطات إيران الخبيثة الأخرى، بما فيها دعم المليشيات الشيعية في المنطقة وبرامج الصواريخ الباليستية. 

 

ويورد سيفاستفول نقلا عن مسؤول بارز في الإدارة، قوله: "إذا لم تدفعهم استراتيجية الضغط الأقصى إلى الطاولة فإنها على الأقل ستقيد من مصادرهم لدرجة لا يجدون أمامهم سوى خيارات قليلة في دعم التصرفات التي نعدها إشكالية". 

 

وتلفت الصحيفة إلى أن بعض النقاد يرون أن ترامب فشل في دعم نهجه المتشدد تجاه إيران بالدبلوماسية التي طبقها بالترادف مع الضغوط الاقتصادية على كوريا الشمالية، مستدركة بأنه رغم أن ترامب غرد بأنه ينتظر مكالمة من القادة الإيرانيين، إلا أنه لم يحاول الوصول إلى تلك الحقيقة. 

 

وينقل التقرير عن بيرنز، تعليقه قائلا إن ترامب بدأ طريقا عدوانيا مع كوريا الشمالية عام 2017، و"بالنار والغضب"، لكنه اكتشف أن هذا المسار سيقود إلى طريق خطير، ولهذا عبر عن استعداده للمضي في الطريق الدبلوماسي، و"هذا هو العنصر الغائب في التعامل مع إيران". 

 

ويورد الكاتب نقلا عن المسؤول الأمريكي، قوله: "رد المسؤولون الأمريكيون بلوم إيران لعدم موافقتها على التحاور معهم، وبأن قادتهم لم يعبروا عن استعداد للسير في الطريق الذي سارته القيادة الكورية الشمالية، وكان أملي أن يقوم القادة الإيرانيون بانتهاز الفرصة للحوار، لكنهم لم يفعلوا".  

 

وتنقل الصحيفة عن الخبيرة في الشأن الإيراني في معهد بروكينغز، سوزان مالوني، قولها إن نهج ترامب تجاه إيران جمع ما بين نهجه مع كوريا الشمالية وفنزويلا، لكنها استراتيجيات لم تسفر عن أي نتائج. 

 

ويورد التقرير نقلا عن الأدميرال المتقاعد ويليام فالون، الذي قاد القيادة المركزية في الشرق الأوسط في أثناء فترة جورج دبليو بوش، قوله إن لديه شكوكا في إن كانت لدى الإدارة الحالية استراتيجية للتعامل مع الوضع، وأضاف: "أشك في أن يكون الضغط الأقصى حلا سحريا يغير مواقف هؤلاء الرجال، وهذا تكتيك، وليس استراتيجية"، وتساءل قائلا: "إلى أن نذهب من هنا؟ فالحرس الثوري الإيراني هو المؤسسة الأكثر مخاطرة في الهيكلية الإيرانية، وعليك أن تحضر نفسك لما هو غير متوقع". 

 

ويجد سيفاستفول أنه مع تلاشي آمال التواصل مع القيادة الإيرانية فإن هناك مخاوف من تصعيد للأزمة، مشيرا إلى قول القائد السابق للقيادة المركزية أنتوني زيني: "عندما توليت إدارة القيادة المركزية كان همي الأكبر هو البحرية التابعة للحرس الثوري، وإمكانية تصادمها مع سفننا"، وأضاف زيني: "يحتاج الأمر إلى قرار قبطان من البحرية الأمريكية إن كان هناك تهديد بشكل يقود إلى التصعيد". 

 

وتنقل الصحيفة عن فالون، قوله إن الحرس الثوري مارس دورا استفزازيا في البحر اقتضى تحذيرات أمريكية، لكن الوضع الحالي أكثر خطورة، وأضاف: "حدث ذلك عدة مرات، لكن الحرس الثوري تراجع، ونمر بهذه الدورات، وهناك دافع كبير هنا، حيث تحاول إيران البحث عن طرق لمواجهة أمريكا والضغط على السعودية. إن إضافة ألغام لخطاب التهديد هي تصعيد خطير". 

ويورد التقرير نقلا عن مسؤول عسكري بارز سابق، قوله إن الاستراتيجية نجحت من ناحية لفت انتباه إيران للضغوط الاقتصادية التي تعرضت لها، لكنه حذر من التداعيات الخطيرة في "ظل الهجمات المتعددة على الناقلات، وهجمات الطائرات دون طيار التي شنها الحوثيون ضد السعودية، واستئناف تخصيب اليورانيوم بمعدلات أكبر من المسموح به". 

 

وينوه الكاتب إلى الشكوك حول الفيديو الذي بثته الولايات المتحدة، الذي قالت إنه قاطع في ضلوع الإيرانيين في الهجوم، فقال مسؤول بارز في الإدارة إن هذا الفيديو دليل قاطع على تورط إيران، "فلو نظرت بهدوء إلى الشريط ترى أنهم يقومون بنزع اللغم بارتياح، ولو كنت أزيل لغما ليس لي لكنت متعجلا.. نعتقد أن محاولتهم الجريئة لنزع اللغم تعني أنهم كانوا يريدون استعادته". 

 

وتستدرك الصحيفة بأن المسؤول الأمني السابق بول بيلار يرى أن الشريط ترك الكثير من الأسئلة، وقال: "لا نعلم من كان في الزورق وإلى أين ذهب.. ولا نعرف تتابع الأحداث في البحر، لكن لماذا يفعل الإيرانيون هذا في وضح النهار"، وأضاف أن البيت الأبيض يقرر نوع الأدلة التي يفرج عنها، "ولهذا حصلنا على مختارات، أو مختارات تمت بناء على ما تريده الإدارة". 

 

ويذكر التقرير أن البيت الأبيض واجه أسئلة من الكونغرس حول دليل التصعيد الذي قال إن إيران بدأته، ففي الشهر الماضي أرسل البنتاغون حاملة طائرة ومقاتلة خاصة إلى الشرق الأوسط، بناء على تهديدات إيرانية محتومة ضد المصالح الأمريكية وحلفائها، وقال المسؤولون في الإدارة إنهم سيكشفون عن صور تظهر الإيرانيين وهم يحملون الصواريخ على الزوارق، لكنهم لم يفعلوا، ولم يقدموا حتى توضيحا. 

 

ويقول سيفاستفول إن إدارة ترامب تواجه شكوكا بسبب بومبيو وبولتون، اللذين ينظر إليهما على أنهما من الصقور الذين سارعوا إلى لوم إيران، مشيرا إلى أن الناس لم ينسوا إرث غزو العراق الذي دعماه بناء على أدلة مبالغ فيها وغير صحيحة. 

 

وتنقل الصحيفة عن مالوني من معهد بروكينغز، قولها إن كل إدارة ستجد مشكلة مصداقية مع بقية العالم عندما يتعلق الأمر بحملة عسكرية في الشرق الأوسط، فيما يعتقد زيني أن إيران هي التي قامت بالهجمات بطريقة متقنة، لا تستطيع الدول في المنطقة عملها بتلك الطريقة الاحترافية.

 

وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن تصريحات ترامب المضللة خلقت مشكلة مصداقية للإدارة، ويرى فالون أن أمريكا تعاني من هذه المشكلة بسبب أفعالها، وأضاف: "علينا مواجهة هذا الأمر، فلدينا مشكلة مصداقية في القيادة".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)