سياسة عربية

ماذا وراء مراجعة قرارات التجنيس بالسودان؟

جواز سفر سوداني- تويتر

أثار قرار مدير الشرطة السوداني، تخويل لجنة أمنية مختصة، بفحص سجلات منح الجنسية خلال حكم الرئيس عمر البشير، تساؤلات بشأن الهدف من وراء ذلك، وأبرز الفئات التي ربما تتعرض جنسياتها للتدقيق بفعل القرار.

وجاء في قرار الشرطة، بأنه وبموجب المادة 9 من قانون الجنسية السودانية، "تخول اللجنة بمراجعة وثائق الممنوح لهم الجنسية، على أن تنجز أعمالها خلال أسبوعين، قبل رفعها إلى جهات سيادية لاتخاذ القرار".

وخلال الفترة الماضية، ثارت أحاديث بشأن توسع نظام البشير في منح الجنسيات للعديد من الفئات، خاصة تلك القادمة من بلدان عربية تعرضت لثورات وحالات نزوح، أو جنسياتها ضعيفة دوليا.

 

اقرأ أيضا: خطة كويتية لتجنيس "البدون" بجنسية دولة عربية

وكانت صحيفة "النهار" الكويتية ذكرت في العام 2018 أن "بدون" الكويت الموجودين في أراضي الدولة من العام 1966 وحتى 1979، من المقترح أن تتولى الحكومة إصدار جوازات رسمية لهم من إحدى الدول، ومن ثم بوسعهم إما الإقامة في الكويت بهذه الجوازات، أو استخدامها للمغادرة كليا أو البحث عن جنسية أي دولة من دول العالم".

ولفتت الصحيفة الكويتية إلى أن الدولة المرشحة لإصدار جوازات لفئة "البدون"، هي جمهورية السودان، لكن الأخيرة نفت في حينه ذلك رسميا، رغم استمرار اتهامات بمنح البعض سرا.

الناشط السياسي الدكتور لؤي المستشار، قال، إن الحديث عن بيع الجنسيات "راج في السودان لفترات طويلة لجهات غير معلومة، وتناقل البعض أحاديث أن هناك جهات نافذة تسهل لهيئات وأحزاب وقوميات معينة الجنسية، مقابل شكل أو اتفاق أيديولوجي".

وقال المستشار لـ"عربي21"، إن هناك حديثا عن أسماء نافذة في النظام السوادني السابق، ومرتبطه بالبشير قامت بهذه المهمة، وفتحت الباب أمام تجنس أشخاص لا تنطبق عليهم الشروط.

وأوضح أن هذا الموضوع "شديد الحساسية"، ورغم التعاطف العربي والقومي مع بعض الشعوب العربية، التي شهدت بلدانها ثورات، وتعرض رعاياها للتشريد من الناحية القانونية، إلا أن الحل ليس بمنحهم جنسيات بطريقة تخالف القانون.

وأضاف المستشار: هناك جنسيات عربية، حصلت على الوثائق السودانية خلال فترة عام على إقامتها في السودان، بينما هناك فلسطينيون مكثوا قرابة 30 عاما وهؤلاء تنطبق عليهم الشروط ويستحقونها.

وتابع: "لا توجد دولة في العالم، تمنح الجنسية لأي شخص، مكث مجرد عام واحد على أراضيها، لكنّ هناك تلاعبا على ما يبدو".

ورأى المستشار أن السودان لديه مشكلة كبيرة في السجل المدني، وخلال السنوات الماضية أخذ سوادنيون جنسيات دول أخرى، وكذلك رعايا أفارقة دخلو البلاد وحصلوا على الجنسية السودانية، خاصة في المناطق الحدودية، معتبرا إياه نوعا من "الفوضى".

 

اقرأ أيضا: "عسكري السودان" يتمسك بأغلبية مقاعد " المجلس السيادي"

من جانبه قال الكاتب السوداني خالد التيجاني، إن هناك اتهامات للرئيس السابق عمر البشير، وعدد من المسؤولين المتنفذين بالبلاد، بفتح باب التجنيس، لأسباب شخصية ومنفعية في الكثير من الحالات.

وأوضح التيجاني لـ"عربي21" أن القرار الأخير، الصادر بوقف لجنة الجنسيات، وإعادة النظر في الممنوحة لهم خلال الفترة الماضية، يعود لأسباب أمنية.

وأشار إلى أن العديد من الأشخاص مؤخرا، ألقي القبض عليهم في قضايا تهريب، مستغلين جنسيات حصلهم عليها أقاربهم، أو معارفهم دون ضوابط أمنية.

لكنه شدد على أن الملف لا يتعلق فقط بالسوريين والفلسطينيين، الذين حصلوا على الجنسيات بوقت قصير نسبيا، وربما يكون بطريقة تم فيها تجاوز القانون المنصوص عليه في هذه المسألة، كما يروج البعض، بل يصل الأمر إلى بعض المشاريع التي تورط فيها النظام، لمنح جنسيات لحل مشاكل بعض الدول.

ولفت إلى أن مشكلة البدون في الكويت، التي أثيرت قبل أكثر من عام ورشحت أنباء عن استعداد السودان لمنحهم جنسيته مقابل مبالغ مالية كبيرة سيحصل عليها من الكويت، تندرج في هذا الإطار.

واعتبر أن التوسع في منح الجنسيات دون ضوابط قانونية، ودون استيفاء الأشخاص للشروط المنصوص عليها في الدستور، على الرغم من أنه جزء من التعاطف مع مواطنين عرب يفتقدون لوثائق دولية، إلا أنه يفتح الباب أمام مخاطر كبيرة على الأمن القومي.