صحافة دولية

موند أفريك: هجوم حفتر ينتهي بالجمود رغم رهانات دولية عليه

الكاتب قال إن حفتر وأنصاره الإقليميين توقعوا الحصول على ولاءات عديدة في طرابلس- الأناضول

نشر موقع "موند أفريك" الفرنسي مقال رأي للأستاذ الجامعي في جامعة باريس 8، علي بن سعد، سلط فيه الضوء على هجوم خليفة حفتر على طرابلس وحالة الجمود التي تلته.

وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إن هذا الركود الذي تلا الهجوم الذي شنه حفتر على طرابلس كان متوقعا، وسواء بسبب مصلحة جيوستراتيجية أو خيارات أيديولوجية، ظنت القوى الإقليمية والدولية التي راهنت على حفتر، على نحو خاطئ، أنه من الممكن إخفاء الرفض المحتمل الذي قد يثيره حفتر في جزء كبير من ليبيا.

وأوضح الكاتب أن هذا الرفض يفسّر جزءا هاما من هذا الجمود، وقد تمثل أول تأثير لهجوم حفتر على طرابلس في توحيد مختلف الفصائل في طرابلس لصفوفها، حيث أجّلت النزاعات العديدة القائمة بينها ووقفت ضد حفتر، كما ساهم هذا الهجوم في توحيد صفوف الأطراف الفاعلة الأخرى التي تتجاوز مجرد كونها خصوما تقليدية لحفتر، لكن، أجمع بعضها على الحاجة إلى منح المشير مكانة مهمة للمساعدة في عودة الأمور إلى نصابها في البلاد.

 

اقرأ أيضا: موقع فرنسي: باريس تعترف بالوفاق علنا وتدعم حفتر سرا

وأضاف الكاتب أن هذا الأمر لا يعني تأييد رؤية حفتر الاستبدادية وطموحاته الانقلابية. فقد جاء الهجوم على طرابلس للتذكير بانعدام الثقة في التزامات حفتر. فالهجوم الذي بدأ قبل أسبوع من تاريخ عقد المؤتمر الوطني، اعتبر محاولة انقلاب مهّد لها الإماراتيون والسعوديون الطريق من خلال تحريك الشبكات السلفية وشراء التحالفات. ولكن لم تتمكن هذه الشبكات، ولا مناخ الاستياء المتزايد في طرابلس إزاء إهمال الحكومة، من حصد الولاءات لصالح حفتر، خلافا لما اعتقده المشير ومؤيدوه.

وبيّن الكاتب أنه من المحتمل أن تكون الأحداث الدائرة في الجزائر المجاورة قد سرّعت من الهجوم على طرابلس، الذي كان مخططا له منذ فترة طويلة، وقد تفسح هذه الأحداث المجال أمام القوى الإقليمية الداعمة لحفتر في ليبيا، التي اعتقدت أن التمركز القوي والسريع في ليبيا قد يكون بمثابة وسيلة للتدخل في العملية الانتقالية الجزائرية من خلال الاقتراب منها جغرافيا.

كما أثر هذا النهج الاستبدادي، الذي أدى إلى الهجوم، على قيادة العمليات العسكرية التي عرفت تجاوزات جعلت المشير يخسر بعض الدعم، وعلى هذا النحو، كان للهجوم أثر آخر تمثل في توحيد صفوف عدد كبير من القوات المتفرقة التي يبدو أن معاداتها لحفتر قد عززت من قوتها.

وأورد الكاتب أن حفتر وأنصاره الإقليميين توقعوا الحصول على ولاءات عديدة محتملة في طرابلس، لكن، الدعم الوحيد الذي تلقوه في المنطقة كان من ميليشيا ترهونة، التي حاولت مهاجمة ميليشيات طرابلس واثنين من ميليشيات غريان، التي جعلت من هذه المنطقة قاعدة للهجوم على طرابلس.

وذكر الكاتب أنه في مناطق طرابلس الداخلية، لم يكن بالإمكان ترجمة عمل السعوديين والإماراتيين المكثف للتأثير والانقلاب إلى ولاءات لصالح حفتر، ولتحقيق مبتغاها، حاولت المملكة العربية السعودية تحريك شبكات السلفية المدخلية المؤثرة في طرابلس، وأهمها قوة الردع التي يقودها عبد الرؤوف كارة. وتجند القائد ربيع المدخلي شخصيًا وتدخل مباشرة عن طريق عقد مؤتمر فيديو موجه لأتباعه في العاصمة.

أما شبكات التأثير الإماراتية، فقامت بعمل فعال بين صفوف الميليشيات ورجال الأعمال والسياسيين (حتى داخل مجلس الرئاسة)، لضمان تحصيل الولاءات المهمة لحشد قوة حفتر. ولكن هذه الولاءات لم تتحول إلى دعم حقيقي، إذ أن "ميليشيا ثوار طرابلس" التي خضع زعماؤها بعد صراع داخلي فتاك، للنفوذ الإماراتي، لم تنضم إلى معسكر حفتر، وينطبق الأمر ذاته على "ميليشيات" طرابلس النافذة الأخرى، مثل قوة الردع.

 

اقرأ أيضا: ما السر وراء دعم قوى دولية لـ"حفتر" والابتعاد عن "السراج"؟

وأكد الكاتب أن هذه القوى تعمل جنبا إلى جنب مع حكومة السراج. وإلى جانب الرفض الذي قوبلت به مساعي حفتر، ينضاف عدم تجانس مكونات هذه القوى الذي يعقّده حصد الولاءات، وثقل الامتيازات المحلية، والتحالفات الأيديولوجية؛ مثلما توضحه وضعية "الردع" التي يؤثر وزنها المحلي في سوق الجمعة (في ضاحية طرابلس) أكثر من انتماء بعض زعمائها للمذهب السلفي.


وفي الختام، نوه الكاتب بأن هجوم حفتر والتحالف ضده قد شرّع لعودة بعض الإسلاميين المتطرفين الذين طُردوا من طرابلس سنة 2017، ويبدو أنه قد تم تهميش العناصر المتطرفة الأكثر خطورة مثل كتائب دفاع بنغازي، فيما ينذر هذا الجمود بتكثيف القتال وتفاقمه، فضلا عن إضفاء الطابع الإقليمي على هذه الاشتباكات المسلحة.