سياسة عربية

لبنان يرحل سوريين لبلادهم.. وهدم مخيم واعتقال لاجئين

يكرر الجيش اللبناني اقتحام مخيمات اللاجئين واعتقال العديد منهم - جيتي (أرشيفية)

كشفت منظمة حقوقية عن اعتزام السلطات اللبنانية ترحيل لاجئين سوريين قسرا إلى سوريا، بعد يوم من إدانة إقدام السلطات على هدم مخيم للاجئين تابع لجمعية إغاثية.

واحتجز الأمن العام اللبناني في مطار بيروت، الخميس، 18 لاجئا سوريا، بينهم أربع نساء، بعد عودتهم من قبرص التركية التي كانت السلطات اللبنانية قد رحلت غالبيتهم إليها في وقت سابق من هذا الشهر. والجمعة، تم اقتياد المجموعة من مطار بيروت باتجاه الحدود السورية، وفق مركز وصول لحقوق الإنسان.

وسبق أن منعت السلطات اللبنانية المجموعة من الدخول، لترحلهم في 21 نيسان/ أبريل باتجاه قبرص الشمالية، على أمل انتقالهم لاحقا إلى الجزء اليوناني من الجزيرة، العضو في الاتحاد الأوروبي، بمساعدة الأمم المتحدة، لكن ذلك لم يحصل، بل تمت إعادتهم إلى لبنان الذي تذرعت سلطاته بإشارة منع الدخول على جوازات هؤلاء اللاجئين بعد ترحيلهم في المرة الأولى.

وبحسب المركز في بيان، فقد تم إجبار اللاجئين على توقيع وثائق تفيد بأنهم وافقوا على الترحيل باتجاه سوريا بإرادتهم، رغم أنهم "ذكروا للأمن العام اللبناني رفضهم للعودة إلى سوريا بسبب خوفهم من الوقوع بأي مشاكل أمنية بعد غيابهم لسنوات عن سوريا، أو احتمالية ضمهم للخدمة العسكرية الالزامية، لكن أمن المطار لم يستجيب للخطر الذي ينتظر اللاجئين، وقاموا بإخراج اللاجئين نحو نقطة المصنع اليوم عند الساعة 4:30 مساء اليوم".

وذكر مصدر في المركز لـ"عربي21"؛ أن المجموعة تم ترحيلها من قبرص التركية إلى لبنان عبر إسطنبول.

وأوضح المركز أنه عمل سابقا "على عدة قضايا متعلقة بالاحتجاز التعسفي في مطار بيروت هذا العام، وقد وثّق المركز وتابع عملية ترحيل سبعة لاجئين سوريين في شهر كانون الثاني/ يناير2019 من دون معرفة مصيرهم إلى الآن، بعد أن أجبرهم الأمن العام اللبناني بالتوقيع على أوراق الترحيل، وتركهم خارج الحدود اللبنانية نقطة المصنع".

مخيم الياسمين

من جهة أخرى، أدان الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة السورية؛ "الانتهاكات المرتكبة بحق اللاجئين السوريين في لبنان، ونرفض محاولات إجبارهم على العودة" إلى سوريا، مشيرا إلى إقدام الجيش اللبناني، الأربعاء، على تدمير مخيم الياسمين التابع لاتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية، في منطقة برالياس في البقاع.

وذكرت مصادر إعلامية وحقوقية أنه تم اعتقال 88 لاجئا في المخيم، بينهم كبار في السن وأشخاص قُصّر، بعد هدم المخيم بالكامل وتمزيق خيامه.

ويشار إلى أنه تم بناء المخيم بالأصل من قبل اتحاد الجمعيات بالتعاون مع وزارة الداخلية اللبنانية ومفوضية شؤون اللاجئين، عام 2016، كمخيم طوارئ لإيواء الذين تتعرض خيامهم في عرسال للاحتراق خلال الصيف أو الغرق بسبب الأمطار والفيضانات.

 

وقال الاتحاد في بيان؛ إن الجيش اقتحم بالجرافات المخيم ودمر نحو 110 خيام، كما أتلف معدات وخزانات للمياه وتجهيزات أخرى هي ملك للاتحاد، وكلها تقع داخل أرض تعود له أيضا، موضحا أنه تم اعتقال جميع الذكور الذين كانوا في المخيم. وعبّر الاتحاد عن خشيته من تشريد 465 عائلة سورية تقيم في هذا المخيم وما حوله.


وأوضح الائتلاف الوطني السوري في بيان، أن "عمل هذا المخيم النموذجي والخدمات التي يقدمها في حالات الطوارئ، متفق عليها مع وزارة الداخلية اللبنانية ومع المفوضية الأممية للاجئين"، معتبرا "اجتياحه وتدميره بهذه الطريقة خرقاً للقانون وانتهاكاً لتلك الاتفاقات، إضافة إلى كونه مخالفة صريحة للاتفاقيات الدولية المتعلقة باللاجئين".

ووصف الائتلاف هذا الفعل بأنه "بلطجة، ونوع من الإرهاب الرامي إلى إثارة الرعب في قلوب اللاجئين وزيادة التضييق عليهم ومنعهم من حقوقهم القانونية، كما تبدو هذه المستجدات خطوة جديدة على طريق إغلاق سبل الحياة أمام المهجرين السوريين في لبنان، إذ لا يمكن أن يوضع تدمير هذه الخيام المخصصة للحالات الطارئة إلا في إطار زيادة الضغط على اللاجئين وعلى المنظمات التي تساندهم، تمهيداً لحملات جديدة من الترحيل القسري بحقهم"، بحسب البيان. 

وعبر الائتلاف عن "رفضه وإدانته لأي محاولات تسعى إلى إرغام اللاجئين السوريين والضغط عليهم للعودة إلى سوريا، في ظل الأوضاع الحالية والمخاطر الهائلة التي يشكلها النظام والمليشيات الإرهابية الموالية له، وعلى رأسها حزب الله والحرس الثوري الإيراني"، مشددا على أن "أي تحرك في هذا الإطار يتطلب توفير الظروف الملائمة للعودة الطوعية والكريمة، في إطار حل سياسي حقيقي".

 

اقرأ أيضا: جنبلاط: اللاجئ السوري كالفلسطيني.. ماذا قال عن الأسد؟

ويشكل موضوع اللاجئين السوريين في لبنان مادة لحملات إعلامية وسياسية في لبنان، يغلب عليها طابع العنصرية تجاه السوريين. وتريد قوى سياسية، بعضها مؤيدة لنظام بشار الأسد وأخرى مسيحية مناهضة له، إعادة السوريين إلى بلادهم بأي طريقة، مع تكرار تحميلهم مسؤولية تدهور الأوضاع في لبنان واتهامات بتغيير التركيبة الديمغرافية في لبنان. لكن أطرافا سياسية وحقوقية تحذر من إجبار اللاجئين على العودة دون رعاية دولية لضمان سلامتهم، أو تهيئة الظروف في مناطقهم في سوريا، بتوفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة.

ويرفض الزعيم الدرزي وليد جنبلاط ورئيس الحكومة سعد الحريري؛ فتح أي اتصالات مباشرة مع نظام الأسد بحجة تسهيل عودة اللاجئين.

وتشير أرقام الأمن العام اللبناني إلى عودة أكثر من 50 ألف سوري أواخر العام الماضي ومطلع العام الجاري، فيما بدت التحذيرات أكثر جدية على مصير العائدين عندما أشار وزير شؤون النازحين السابق، معين المرعبي، إلى معطيات تعرض العائدين للتنكيل والاعتقال.

وتم تنظيم عودة هؤلاء عبر جهاز الأمن العام تحت مسمى "العودة الطوعية"، كما ساهم حزب الله بشكل فعّال في تشجيع هذا العودة، وأنشأ مكاتب خاصة لاستقبال طلبات العائدين.