صحافة دولية

التايمز: هكذا وصفت البريطانية بيغوم كيف تعرضت لغسيل دماغ

بيغوم البريطانية تتحدث عن غسيل دماغ لها- التايمز

نشرت صحيفة "التايمز" البريطانية تقريرا لمراسلها أنتوني لويد، تحت عنوان "شميما بيغوم: لقد تعرضت لغسيل دماغ ولم أكن أعرف شيئا"، يتحدث فيها عن مقابلة أجراها مع شميما بيغوم، التي هربت من مدرستها عام 2015، لتنضم إلى تنظيم الدولة

 

ويتحدث لويد في البداية عن قبر ابن بيغوم جراح ياغو، الذي مات بعد ولادته في مخيم الروج، الذي وصلت إليه بعد هربها وزوجها الهولندي من آخر معاقل الخلافة في سوريا، بلدة باغوز

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن جراح كان محلا للنقاش السياسي والتركيز الإعلامي في البلد الذي لم يره أبدا، أما أمه شميما بيغوم (19 عاما)، التي هربت من مدرسة بيثنال غرين في شرق لندن مع صديقات لها إلى سوريا عام 2015، فإنها تقوم كل خميس بمعية الحرس بزيارة قبر ابنها، وتقرأ الفاتحة عليه، وبعدها تعود إلى خيمتها، التي تقع على الجانب الآخر من المخيم المسيج لمواجهة مصيرها الغامض.

 

وقالت في مقابلتها مع الصحيفة: "جلست وتساءلت عن المدة التي سأبقى فيها هنا"، وأضافت في المقابلة التي أجريت بداية الشهر الماضي: "قبلت نوعا ما بأن مصيري هنا، وأن علي جعل هذا المكان محل إقامة لي، وهذا سهل، خاصة أن هناك نساء حولي وأصدقاء يساعدونني للتغلب على الحالة العاطفية التي أعيشها". 

 

ويستدرك الكاتب بأنه مع ذلك فإنها لا تزال تحمل بصيص أمل في العودة إلى بريطانيا، التي جردها وزير داخليتها من الجنسية وحق العودة مرة ثانية إليها. 

 

وينقل التقرير عن بيغوم، قولها إن بريطانيا التي ولدت فيها هي البلد الوحيد الذي تعرفه، وأضافت: "أشعر بالندم على كل شيء بعدما غادرت باغوز، وأشعر بالحاجة للعودة إلى بريطانيا والحصول على فرصة ثانية وبدء حياتي مرة أخرى.. لقد تعرضت لغسيل دماغ، وصدقت كل ما قيل لي عندما جئت إلى هنا ولم تكن لدي إلا معرفة قليلة بالدين".

 

اقرأ أيضازوج "عروس داعش" يتحدث عنها.. "زوجة مثالية وبريئة"
 

ولاحظ لويد أن بيغوم كانت تتحدث بهدوء، وتتأمل ما حدث لها بعدما فقدت أولادها الثلاثة في خمسة أشهر، مشيرا إلى أنها تبدو شخصية مختلفة عن تلك التي وصلت من ساحة المعركة في باغوز قبل ستة أسابيع، وكانت في ذلك الوقت حاملا في شهرها الأخير، ولم تظهر أي ندم، وكررت ما قيل لها أو حفظته عن قلب من عبارات تعلمتها على يد الجهاديين. 

 

وتذكر الصحيفة أنه تم نقلها من مخيم الهول، الذي هددت فيها الجهاديات التونسيات بحرق خيم من يتحدث بسوء عن الخلافة، ونقلت إلى مخيم الروج، الذي تعيش فيه 600 عائلة، حفاظا على حياتها بعد أسبوع من مرض طفلها الرضيع ووفاته. 

 

وينقل التقرير عن المسؤولين الأكراد الذين يديرون المخيم، قولهم إن شميما بيغوم تخرج من ظرفها المتشدد، وتفضل مرافقة النساء اللاتي تضررن من علاقتهن مع الجهاديين. 

 

ويورد الكاتب نقلا عن مسؤولة كردية بارزة، قولها: "تبدو شميما أكثر انفتاحا وهي معنا منذ فترة"، وأضافت: "لقد أمضينا وقتا للحديث معها وما مرت به من مشكلات قادتها إلى هنا، وأصبحت فتاة منفتحة على خلاف المتشددات من النساء في المخيم". 

 

وتستدرك الصحيفة بأنه رغم الاهتمام الإعلامي واللقاء الأول، الذي قاد وزير الداخلية ساجد جاويد لسحب الجنسية منها، إلا أنها وافقت على مقابلة ثانية مع لويد، وهو الذي أجرى أول مقابلة معها، وقالت: "عندما جئت إلى (الدولة) كنت في حالة غسيل دماغ، ودعمتهم بسبب ما قالوه لي وفعلوه". 

 

ويلفت التقرير إلى أن الكثير من البريطانيين، الذين شعروا بالاشمئزاز من جرائم تنظيم الدولة وهجماته في أوروبا، دعموا قرار جاويد حرمان بيغوم من الجنسية، فيما قال آخرون إنها عندما غادرت بريطانيا كانت قاصرة ولم يتجاوز عمرها الخامسة عشرة، وربما كانت ضحية استدراج على الإنترنت، مشيرا إلى أنه كانت هناك محاولتان للاعتراض على قرار جاويد في المحكمة، وربما استمرت المعركة القضائية حول عودتها أو تجريدها من الجنسية أشهرا أو سنوات. 

 

ويقول لويد إن شميما بدت هادئة وهي تتحدث معه، وكل ما كانت تملكه نسخة من القرآن أهداها إليها زوجها الهولندي ياغو ريدك، بالإضافة إلى عدد من الصور التي التقطت للعائلة، ووصفت تجربتها قائلة: "سيظل الخوف معي، والخوف من القصف، والخوف الذي جعلني أهرب"، وأضافت أن تعليقاتها الأولى الداعمة لتنظيم الدولة كانت نتيجة للخوف، ففي مخيم الهول قالت بيغوم إن عصابات من الجهاديات التونسيات، التي وصفتهن بيغوم بأنهن متطرفات أكثر من تنظيم الدولة، هددن أي شخص ينتقد أيديولوجية تنظيم الدولة. 

 

وعلقت شميما قائلة: "كنت خائفة على حياتي وحياة ابني.. في الهول كانت هناك مخاطر كثيرة نابعة من عدم دعم الدولة، التهديد بحرق خيمتي، وكنت أعلم أن الجميع يراقبون حالتي، وما قاله الصحافيون عني وما قلته، وكيف قدمت نفسي للصحافيين، ولو قلت شيئا ضد الدولة لتعرضت للهجوم، ولهذا كنت خائفة".  

 

وتفيد الصحيفة بأنه مع انتقالها إلى مخيم الروج، الذي أقامت فيه علاقات مع زوجات سابقات للجهاديين يشعرن مثلها بالخديعة، فإنها بدأت عملية تقييم لحياتها، وقالت: "هنا الكثير من النساء اللاتي لا يدعمن ما فعلته الدولة.. كن في الوضع الذي عشته ذاته، وجئن مؤمنات بشيء واحد واكتشفن أمرا مختلفا، وأشعر بالحرية لانتقادها الآن، وليست لدي فكرة عما كان يجري في الدولة، نساء سجن دون سبب، وأزواج أعدموا دون داع، أشعر بالصدمة". 

 

وبحسب التقرير، فإن شميما تعترف بأن ما قالته للصحافيين داعية البريطانيين التعاطف معها قد أثر على صورتها، إلا أن ما عبرت عنه بعد وصولها للهول كان تعبيرا عن اليأس، فقالت: "بعد أن وضعت حملي وحملت ابني بين يدي شعرت بالمسؤولية تجاهه وللعودة به إلى بريطانيا، وكنت يائسة.. أجبت على الأسئلة كلها دون تفكير". 

 

ويورد لويد نقلا عن بيغوم، قولها عن وفاة ابنها، الذي يقول أحد الحراس إنها شاهدت دفنه بصمت دون أن تذرف دمعة: "كان الأمر صعبا علي، وعلي تقبله والتحرك للأمام"، مشيرا إلى أنه عندما سألها إن لم تشعر بالحزن، فردت قائلة: "أعلم أن هذا يعطي صورة أنني لا أهتم، بل على العكس كنت حزينة والعزاء أنهم في مكان أفضل". 

 

وتنوه الصحيفة إلى أن بيغوم استيقظت في 7 آذار/ مارس لتجد أن جراح يعاني من ضيق في التنفس، وبشرته مزرقة، ونقل إلى مستشفى قريب، حيث وضعت الأنابيب في أنفه لتزويده بالأكسجين، لكنه مات في الساعة الواحدة صباحا من اليوم التالي، وظلت إلى جانب سريره حتى الفجر قبل نقلها إلى مخيم الروج، حيث دفن ابنها في قبر صغير بجانبه، وقالت: "لم يكن هناك إمام، بل بعض الناس الذين صلوا عليه". 

 

ويشير التقرير إلى أن جراح هو الابن الثالث الذي تفقده، فمات ابنها الأول في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وماتت ابنتها في كانون الثاني/ يناير هذا العام، وتقول "أشعر بالندم لإنجاب أطفال في الخلافة.. شعرت أنه مكان يمكنني الانتماء إليه وتربية أبنائي فيه، لكنه ليس مكانا لإنجاب الأطفال". 

 

ويقول الكاتب إن بيغوم وصفت طريقها نحو التشدد، الذي بدأ نهاية عام 2014، حيث كانت معزولة عن عائلتها، ولديها عدد قليل من الرفيقات، وقالت إن الإسلام منحها هدفا، مشيرة إلى تأثير فتاة تحمل الاسم ذاته في المنطقة التي تعيش فيها، وقالت إنها تأثرت بالدعاية التي نشرها تنظيم الدولة على الإنترنت، خاصة الدعائية أقصى محمد. 

 

وتنقل الصحيفة عن بيغوم، قولها: "في ذلك الوقت كنت أشعر بالكآبة، ولم تكن لدي صديقات كثيرات، وعلاقتي مع عائلتي ليست قوية، ولم أكن قادرة على الحديث عن مشكلاتي، ولهذا سهل استدراجي على الإنترنت.. قالوا (عائلتك لا تصلي ولا تستمع إليك لو طلبت منها الصلاة، وسيقودونك إلى جهنم لو بقيت معهم)". 

 

وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى قولها إن علاقتها مع عائلتها متوترة في الوقت الحالي، ويسمح لها بالاتصال مع العائلة لدقائق، وتشعر بالندم لما سببته لها من مشكلات بسبب قرارها، ورغم ذلك فإنها ترغب بالعودة والعيش معها وبدء حياة جديدة مع أفرادها.

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)