ملفات وتقارير

هل أثبت "الفلسطينيون الأربعة" جرائم الإخفاء القسري بمصر؟

لماذا يتعامى العالم عن الاخفاء القسري في مصر؟ - (متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي)
جاء الإفراج عن أربعة فلسطينيين من السجون المصرية الخميس، بعد اختفائهم قبل 4 سنوات بشبه جزيرة سيناء، وإخفائهم قسريا، إثباتا لجريمة الإخفاء القسري التي تمارسها السلطات المصرية بحق معارضيها من المصريين.

ولم تعترف السلطات المصرية بوجود الفلسطينيين الأربعة، رغم اختطافهم في آب/ أغسطس 2015، من سيناء وإخفائهم قسريا إلا بعد ظهور اثنين منهم في صورة من إحدى أماكن الاحتجاز المصرية، وتم نشرها عبر مواقع التواصل في آب/ أغسطس 2016، لتتعرف عليهما عائلاتهم.

وأكد متابعون ومراقبون أن انتهاج السلطات المصرية أسلوب الاعتقالات التعسفية، والإخفاء القسري بحق المعتقلين الفلسطينيين الأربعة، ولفترة امتدت لسنوات؛ جاء ليؤكد ودون أدنى مجال للشك ضلوع الأجهزة الأمنية المصرية بعمليات الاختطاف، والإخفاء القسري بحق معارضي النظام.

وحازت الحالة المصرية المساحة الأكبر من التقرير السنوي لفريق الأمم المتحدة المعني بالتحقيق بقضايا الإخفاء القسري في العالم، حيث رصد 1989 حالة بمصر من آب/ أغسطس 2017، إلى نفس الشهر من 2018، وأكد تقرير عام 2018، أن عدد الحالات التي تم رصد ظهورها بعد الإخفاء القسري بلغ 1830 حالة.

وأعلن مركز "الشهاب لحقوق الإنسان" أن عدد حالات الاختفاء القسري منذ انقلاب 2013 حتى آب/ أغسطس 2017، بلغ نحو5500  حالة، منها 44 مختف تم قتلهم خارج نطاق القانون.

ووصلت "عربي21"، لإحدى الحالات التي تعرضت للاعتقال في تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، ثم الاختفاء القسري والتعذيب ليخرج من المعتقل فاقدا للذاكرة.

وأكدت أسرة المعتقل، وهو قيادي في جماعة الإخوان المسلمين، تتحفظ "عربي21" عن ذكر اسمه، أنه تم إخفاؤه قسريا بسجن العزولي العسكري بالإسماعيلية لمدة 3 أشهر ليخرج معترفا بعدة جرائم لم يرتكبها، موضحين، أنه تعرض نتيجة التعذيب بالصعق الكهربائي لفقد جزئي بالذاكرة، وظل مسجونا مدة 4 سنوات، وتم إخلاء سبيله بعدها على ذمة عدة قضايا.

وتطرح القضية أسئلة منها "كيف يثبت خطف الفلسطينيين الأربعة وإخفائهم قسريا في مصر جريمة الإخفاء القسري بحق المعتقلين المصريين؟".

ثابتة محليا وعالميا

الحقوقي المصري الدكتور أشرف عبدالغفار، أجاب بقوله إن "العالم كله يعرف جرائم السيسي، وكيف يقتل ويُخفي ويُحاكم أفراد بجرائم لم يرتكبوها"، مشيرا إلى أن "جريمة الإخفاء القسري ثابتة محليا وعالميا ولكن المطلوب أن تجبر الجميع أن يعترفوا بالحقيقة ويسعون خلفها؛ فالمتجبر يحتاج لمن يوقفه والعالم الصامت يحتاج لمن يوقظه".

وأكد لـ"عربي21"، أن دليل ذلك "ما جرى مع المختطفين من غزة الذين تم اختطافهم بسيناء وأنكر نظام السيسي وجودهم، ثم يظهرون وقد ضاعت من أعمارهم 4 سنوات، وخرجوا بوجوه وأجساد غير التي دخلوا بها جراء التعذيب".

وقال القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، إن "هؤلاء عينة فقط من آلاف المصريين الأبرياء الذين يختفون ولا يظهرون إلا بعد فترات طويلة إما مقتولين أو مدمرين وقد عذبوهم حتى اعترفوا بما لم يفعلوه".

وحول دور الحقوقيين أوضح أنه "علينا أن نتحرك بجميع الاتجاهات ونحرك الصمت العالمي والشعب المصري؛ فما ضاعت حقوق وراءها مطالب".

 انعدام الشفافية وغياب المساءلة


ومن جانبه يرى الحقوقي المصري، محمد زارع، أن قضية الفلسطينيين الأربعة ليس بالأمر الجديد، فطوال الوقت هناك شباب يُقبض عليهم لفترات طويلة ولا أحد يعرف عنهم شيئا، بسبب انعدام الشفافية وغياب المساءلة بحق القائمين على أماكن الاحتجاز".

وأكد نائب رئيس الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان لـ"عربي21" أن "ما قالته السلطات المصرية عن عدم معرفتها عن الفلسطينيين الأربعة شيئا ثم الإفراج عنهم أخيرا، بعد 4 سنوات يمثل خرقا لانعدام الشفافية والمساءلة وأنه ليس هناك جهة يمكن أن تسألها خاصة وأن الإفراج عنهم تم بواسطة جهات سيادية".

وبيّن رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي أن "أمن الدولة والمخابرات العسكرية أجهزة سيادية فوق مساءلة الجهات القضائية والرقابية عن احتجاز المختفين قسريا، ورغم وجود عدد كبير من الحالات يتم التجديد لها وحبسهم احتياطيا بمخالفة القانون".

وأشار إلى أن "هناك فرق بين احتجاز الأشخاص بدون وجه حق ومخالفة فترة الحبس الاحتياطي بعلم أهل المعتقل، وبين أن يتم إخفاؤهم قسريا بدون علم أحد لسنوات ما يعني أنهم خارج الحماية ويزيد ذلك فرضية تعرضهم لأي مكروه ويصبحوا والعدم سواء".

وانتقد زارع قيام الأجهزة الأمنية بالقبض على الأفراد دون الإعلان عن من أوقفهم أولا بأول، وعدم تفعيل الدستور والقانون الذي يعطي الحماية للموقوفين، مشيرا إلى أن ذلك يجعلنا نصدق أية إشاعات قد تكون مغلوطة نتيجة عدم الشفافية وغياب القانون وعدم وجود دفاتر وملفات شفافة يضطلع عليها الأهالي.

وعبر "فيسبوك"، تحدث المحامي الحقوقي خالد علي، عن الفلسطينيين الأربعة وكيف أنهم تعرضوا للخطف والإخفاء القسري وعدم الاعتراف بوجودهم، ذاكرا أسماء بعض المصريين المختفين مثل مصطفى النجار، منذ 2018، ومصطفى ماصوني منذ 2015، وأشرف شحاتة منذ 2014.