سياسة عربية

الريسوني يحذّر من فساد علماء المسلمين وضعف تكوينهم العلمي

الريسوني يدعو علماء المسلمين إلى إصلاح ما بهم قبل الدعوة لإصلاح الآخرين (صفحة الريسوني)

رأى رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور أحمد الريسوني، أن مكانة العلماء وتأثيرهم اليوم، قد تراجعا كثيرا، مرجعا جزءا من ذلك إلى ما وصفه بـ"نمط الدولة الحديثة المفترسة"، وأيضا التطورات والمؤثرات الاجتماعية والثقافية والإعلامية والتكنولوجية المعاصرة.

لكن الريسوني، حمّل في تدوينة له اليوم نشرها الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على موقعه على الأنترنت، العلماء أنفسهم جزءا من المسؤولية عن تقلص المكانة العلمائية والتأثير العلمائي في هذا العصر، بسبب "التدني الذاتي في أهلية العلماء ومصداقيتهم وفاعليتهم".

وأكد أن "التشوف والسعي إلى استعادة العلماء لمكانتهم ورسالتهم، وإلى تصدرهم للجهود والمبادرات الإصلاحية الإسلامية في مجتمعاتهم، وعلى صعيد الأمة عموما.. كل ذلك منوط، بل مشروط، بإصلاح أحوالهم وتجاوز أعطابهم وعوائقهم الذاتية". 

 



وأوضح الريسوني أن الجسم العلمائي يحتاج إلى ثلاثة أصناف من المداواة والإصلاح: إصلاح سلوكي أخلاقي، وإصلاح علمي تجديدي، وإصلاح عملي تحديثي.

وذكر أنه المراد بالإصلاح السلوكي الأخلاقي، هو إصلاحُ ما يعتري بعض العلماء من انحرافات سلوكية خُلقية، لا تليق بمقامهم. 

وقال: "يأتي في طليعة هذا الجانب: انغماس بعضهم في أجواء الحكام الفاسدين الظلمة، ومجاراتهم لهم، وتأييدهم في ظلمهم وانحرافهم". 

وأضاف: "هذه هي الورطة، أو الطامة، التي يقع فيها بعض العلماء المخالطين والتابعين لأمراء الجور والفساد: تصديقهم بكذبهم، وإعانتهم على ظلمهم. ثم يأخذون على ذلك أجرا وسحتا، تتخمر به عقولهم وتتورم به نفوسهم. ويزداد الأمر قبحا وإثما حين يعمد بعضهم إلى تحريف الأحكام وتطويع النصوص الشرعية، حتى توافق هوى الحاكم ومصلحته وسياسته". 

أما بشأن الإصلاح العلمي التجديدي، فيقول الريسوني: "الدعوة إليه تنبعث وتنطلق من الواقع الذي نعيشه ونعاني منه؛ وهو أن كثيرا من علمائنا ما زالوا يعيشون درجات متفاوتة من الجمود والقصور والاجترار، ومن عدم القدرة على استيعاب التطورات والتغيرات والتحديات التي أنتجها ورمانا بها العصرُ الحديث، على كافة الأصعدة. وهي كلها تطورات ومستجدات تتطلب من علمائنا تجديدا عميقا في ذواتهم ومناهجهم، ومواجهة مكافئة للتحديات المحيطة بهم، واجتهادا واسعا في قضايا عصرهم ومحيطهم، وعدم الاقتصار على ما أنتجه السابقون".

وأضاف: "منذ قرن من الزمان، أو يزيد، تُـطلق النداءات بعد النداءات، وتبذل الجهود والمحاولات، لأجل تحقيق التجديد والإصلاح الفكري والعلمي والتعليمي. وقد تحقق من ذلك الشيء الكثير، ولكن ما بقي أيضا كثير أو أكثر.. فهذه الجبهة الجهادية؛ جبهة الإصلاح والتجديد العلمي، يجب المرابطة فيها، وخوض معاركها، واستكمال متطلباتها".
 
وبالنسبة للإصلاح العَمَلي التحديثي، ففصد به الريسوني ما يتعلق بوسائل العمل وأساليبه وأدواته، وقال: "إن ولوج علمائنا لاستعمال الأساليب والوسائل الحديثة ما زال ضعيفا، ويسيرُ سيرا بطيئا، وهو ما يجعل عطاءاتهم ومشاركاتهم وإنتاجاتهم ضعيفة، ومحدودةَ الأثر، مقارنة مع غيرهم ومَن هم دونهم من مختلف الفئات الفاعلة في المجتمعات المعاصرة". 

وأضاف: "نحن اليوم ـ للأسف ـ في عالم ينجح فيه ويسيطر أصحاب الوسائل القوية والأساليب الفعالة، ولو كانت بضاعتهم رديئة ومقاصدُهم خسيسة، بينما يفشل أصحاب الوسائل العتيقة والأساليب الضعيفة، ولو كانت بضاعتهم ممتازة ونفيسة". 

ودعا إلى تنظيم دورات وحلقات نقاشية للعلماء، مخصصة لتحسيسهم وتوعيتهم بأهمية هذه القضية وأبعادها وجوانبها التنظيمية والتواصلية والتكنولوجية، وتدريبهم وترقيتهم في مهاراتها الضرورية، وفق تعبيره.