كتاب عربي 21

هل تنجح تركيا في استمالة اليونان؟

1300x600
في 13 كانون الثاني/ يناير من الشهر الماضي، قدم بانوس كامينوس، وزير الدفاع اليوناني استقالته من الحكومة الائتلافية التي يرأسها رئيس الوزراء أليكسيس تسيبراس، وذلك احتجاجا على الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين اليونان وجمهورية مقدونيا بخصوص إعادة تسمية الأخيرة باسم مقدونيا الشمالية.

كامينوس من العناصر التي تعتبرها تركيا معادية لها بشدّة، حيث كان يميل إلى إطلاق تصريحات مستفزة، وإلى اتباع سياسات عدائية ضد الجانب التركي. وبهذا المعنى، فقد كان وجوده داخل الحكومة اليونانية عاملا معطّلا لجهود التقارب التي يبذلها الطرفان، لا سيما وأن رئيس الوزراء اليوناني لم يكن يريد أن يخاطر بمستقبل حكومته من خلال الضغط على رئيس الوزراء الذي ينتمي إلى حزب الأقلية.

ومع استقالة وزير الدفاع ونجاح رئيس الوزراء تسيبراس في تجديد ثقة البرلمان بحكومته بفارق ضئيل، تمثل بثلاثة أصوات فقط، بدت الفرصة سانحة للجانب التركي لإعادة المحاولة مجددا، لا سيما وأن هناك من يشير إلى وجود نوايا صادقة لدى رئيس الوزراء اليوناني لتحقيق مستوى أعلى من التفاهم والتنسيق والتعاون مع تركيا، حول عدد من الملفات.  

وفي هذا السياق، وبناء على دعوة من رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، قام رئيس الوزراء اليوناني تسيبراس بزيارة إلى تركيا خلال الأسبوع الماضي. 

وامتدت الزيارة إلى يومين واستهلها الضيف اليوناني بلقاء مع رئيس الجمهورية ونائبه فؤاد أكطاي، وأجرى خلالها جولة برفقة الناطق باسم رئاسة الجمهورية إبراهيم كالين شملت زيارة آيا صوفيا ومدرسة خلقي اللاهوتية الأرثوذكسية في جزيرة "هيبلي أدا" بإسطنبول. 

ومن خلال الترتيبات التي شملتها الزيارة، يمكن الاستنتاج بأنها كانت مصمّمة من الجانب التركي بشكل يهدف إلى إعطاء رئيس الوزراء اليوناني بعض النقاط الإيجابية التي تمكّنه من تحسين وضعه داخليا، وذلك تمهيدا لإعادة إطلاق الحوار حول عدد من الملفات الثنائية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك. 

من وجهة النظر التركية، ما يهم أنقرة على الصعيد الثنائي هو تخفيف الاحتقان في بحر إيجة، وتسليم أثينا الانقلابين الموجودين لديها إلى السلطات التركية، وفتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية، تساعد على حل المشاكل العالقة على المستوى المتعدد الأطراف.

الجانب التركي يريد من السلطات اليونانية إعادة الحقوق المسلوبة من مسلمي تراقيا الغربية، في حين يريد الجانب اليوناني بعض الخطوات المماثلة في تركيا، إذ عبر رئيس الوزراء اليوناني خلال زيارته عن أمله في أن يستطيع خلال الزيارة المقبلة إلى تركيا من إعادة فتح مدرسة خلقي اللاهوتية، التي تغلقها السلطات التركية منذ السبعينيات من القرن الماضي.
 
من الناحية الإقليمية، تريد أنقرة إعادة إحياء التفاوض حول قبرص، وتحييد اليونان على الأقل من الجهود الرامية إلى تشكيل حلف موجّه ضد أنقرة في شرق المتوسط يضمها إلى جانب كل من إسرائيل ومصر وقبرص، في ظل التنافس على الثروات في شرق البحر المتوسط، لاسيما الغاز. 

وفي المقابل، يريد رئيس الوزراء اليوناني تحسين العلاقات الثنائية بين البلدين، بما ينعكس إيجابيا على بلده من الناحية السياسية والاقتصادية، كما أنه يريد تحقيق تقدّم في الملف القبرصي على ما نقل عنه.

طموح الطرفين يبدو كبيرا ودونه الكثير من العقبات والمشاكل التي ليس من المنتظر حلها بشكل سريع مع رحيل وزير الدفاع اليوناني فقط، لكن التفاؤل بشأن ما يمكن بناؤه على هذه الزيارة كبير، على الأقل من الجانب التركي، حيث تأمل أنقرة في إطلاق مفاوضات استكشافية بين الطرفين، بعد أن يتم التمهيد لها على مستويات سياسية وعسكرية بين البلدين. 

ربما تستطيع أثينا تقديم ما يساعد الطرفين على التقارب، لكن السؤال الذي يطرح نفسه، ماذا سيقدم الجانب التركي يا ترى في المقابل؟ وما هي المكاسب التي سيحصل عليها رئيس الوزراء اليوناني، وهل سيتم ربطها بالتحضيرات التي ستجري على مستوى الانتخابات البرلمانية في اليونان قبل نهاية العام الحالي أم لا؟